للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سَهْم اللهِ وَرَسُوله فِي الْغَنِيمَة فِي عَهْد النَّبِيّ

(خ م) , وَعَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيِّ (١) قَالَ: (بَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ فِي أَهْلِي حِينَ تَعَالَى النَّهَارُ , إِذَا رَسُولُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - يَأتِينِي , فَقَالَ: أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى عُمَرَ , فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى رِمَالِ سَرِيرٍ (٢) لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ , مُتَّكِئٌ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ (٣) فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسْتُ , فَقَالَ: يَا مَالِكُ , إِنَّهُ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ قَوْمِكَ أَهْلُ أَبْيَاتٍ , وَقَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخٍ (٤) فَاقْبِضْهُ فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ , فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , لَوْ أَمَرْتَ بِهِ غَيْرِي (٥) قَالَ: اقْبِضْهُ أَيُّهَا الْمَرْءُ , قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَهُ أَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَأُ فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رضي الله عنهم - يَسْتَأذِنُونَ؟ , قَالَ: نَعَمْ , فَأَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا , فَسَلَّمُوا وَجَلَسُوا , ثُمَّ جَلَسَ يَرْفَأُ يَسِيرًا , ثُمَّ قَالَ: هَلْ لَكَ فِي عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ؟ , قَالَ: نَعَمْ , فَأَذِنَ لَهُمَا فَدَخَلَا , فَسَلَّمَا وَجَلَسَا , فَقَالَ عَبَّاسٌ - رضي الله عنه -: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا - وَهُمَا يَخْتَصِمَانِ فِيمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَالِ بَنِي النَّضِيرِ - فَقَالَ الرَّهْطُ (٦) - عُثْمَانُ وَأَصْحَابُهُ -: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنَهُمَا وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنْ الْآخَرِ , فَقَالَ عُمَرُ: اتَّئِدُوا (٧) أَنْشُدُكُمْ (٨) بِاللهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ , هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ؟ " , فَقَالَ الرَّهْطُ: " قَدْ قَالَ ذَلِكَ " , فَأَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ , فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا اللهَ , أَتَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ قَالَ ذَلِكَ؟ , فَقَالَا: " قَدْ قَالَ ذَلِكَ " , فَقَالَ عُمَرُ: فَإِنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ , إِنَّ اللهَ قَدْ خَصَّ رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - فِي هَذَا الْفَيْءِ (٩) بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ) (١٠) (مِمَّا لَمْ يُوجِفْ (١١) الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ) (١٢) (ثُمَّ قَرَأَ: {وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٣)} (١٤) قَالَ: فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (١٥) فَوَاللهِ مَا احْتَازَهَا (١٦) دُونَكُمْ , وَلَا اسْتَأثَرَ (١٧) بِهَا عَلَيْكُمْ , قَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَبَثَّهَا فِيكُمْ , حَتَّى بَقِيَ مِنْهَا هَذَا الْمَالُ , مَالُ بَنِي النَّضِيرِ , فَكَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ (١٨) ثُمَّ يَأخُذُ مَا بَقِيَ فَيَجْعَلُهُ) (١٩) (فِي السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ (٢٠) عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللهِ ") (٢١).


(١) أَبُوهُ صَحَابِيّ، وَأَمَّا هُوَ فَقَدْ ذُكِرَ فِي الصَّحَابَةِ، وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم وَغَيْره لَا تَصِحُّ لَهُ صُحْبَة. فتح الباري (ج٩ص٣٤٦)
(٢) هُوَ مَا يُنْسَجُ مِنْ سَعَفِ النَّخْلِ , وَفِي رِوَايَة " فَوَجَدْتهُ فِي بَيْتِهِ جَالِسًا عَلَى سَرِير مُفْضِيًا إِلَى رِمَالِهِ، أَيْ لَيْسَ تَحْتَهُ فِرَاش وَالْإِفْضَاء إِلَى الشَّيْءِ لَا يَكُونُ بِحَائِل، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْعَادَةَ أَنْ يَكُونَ عَلَى السَّرِيرِ فِرَاش. (فتح) (ج٩ص٣٤٦)
(٣) الأَدَم: الجلد المدبوغ.
(٤) أَيْ: عَطِيَّةٍ غَيْرِ كَثِيرَة وَلَا مُقَدَّرَة. (فتح) - (ج ٩ / ص ٣٤٦)
(٥) قَالَهُ تَحَرُّجًا مِنْ قَبُولِ الْأَمَانَةِ. (فتح) - (ج ٩ / ص ٣٤٦)
(٦) الرَّهْط: الجماعة من الرجال دون العشرة.
(٧) التُّؤَدَة: الرِّفْقُ , أَيْ: اِصْبِرُوا وَأَمْهِلُوا , وَعَلَى رِسْلِكُمْ. (فتح) - (ج ٩ / ص ٣٤٦)
(٨) أَيْ: أَسْأَلكُمْ بِاللهِ. (النووي - ج ٦ / ص ٢٠٧)
(٩) الفيء: ما يؤخذ من العدو من مال ومتاع بغير حرب.
(١٠) (خ) ٢٩٢٧ , (م) ١٧٥٧
(١١) قال فِي النِّهَايَةِ: الْإِيجَافُ سُرْعَةُ السَّيْرِ , وَقَدْ أَوْجَفَ دَابَّتَهُ يُوجِفُهَا إِيجَافًا إِذَا حَثَّهَا. تحفة الأحوذي (ج٤ص ٤٠٨)
(١٢) (خ) ٢٧٤٨ , (م) ١٧٥٧
(١٣) [الحشر/٦]
(١٤) ذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَعْنَى هَذَا اِحْتِمَالَيْنِ: أَحَدهمَا: تَحْلِيل الْغَنِيمَة لَهُ وَلِأُمَّتِهِ , وَالثَّانِي: تَخْصِيصه بِالْفَيْءِ، إِمَّا كُلّه أَوْ بَعْضه كَمَا سَبَقَ مِنْ اِخْتِلَاف الْعُلَمَاء، قَالَ: وَهَذَا الثَّانِي أَظْهَرُ , لِاسْتِشْهَادِ عُمَر عَلَى هَذَا بِالْآيَةِ. (النووي - ج ٦ / ص ٢٠٧)
(١٥) هَذَا يُؤَيِّد مَذْهَب الْجُمْهُور أَنَّهُ لَا خُمُس فِي الْفَيْء كَمَا سَبَقَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الشَّافِعِيّ أَوْجَبَهُ، وَمَذْهَب الشَّافِعِيّ أَنَّ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لَهُ مِنْ الْفَيْء أَرْبَعَة أَخْمَاسه , وَخُمُسُ خُمُسِ الْبَاقِي، فَكَانَ لَهُ أَحَد وَعِشْرُونَ سَهْمًا مِنْ خَمْسَة وَعِشْرِينَ وَالْأَرْبَعَة الْبَاقِيَة لِذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل، وَيُتَأَوَّل هَذَا الْحَدِيث عَلَى هَذَا فَنَقُول: قَوْله: (كَانَتْ أَمْوَال بَنِي النَّضِير) أَيْ: مُعْظَمهَا. (النووي - ج ٦ / ص ٢٠٧)
(١٦) حازَ الشيء: إذا قَبضه ومَلَكَه واسْتَبدّ به.
(١٧) الاستئثار: الانفراد بالشيء.
(١٨) أَيْ: يَعْزِل لَهُمْ نَفَقَة سَنَة، وَلَكِنَّهُ كَانَ يُنْفِقهُ قَبْل اِنْقِضَاء السَّنَة فِي وُجُوه الْخَيْر فَلَا تَتِمّ عَلَيْهِ السَّنَة، وَلِهَذَا تُوُفِّيَ - صلى الله عليه وسلم - وَدِرْعه مَرْهُونَة عَلَى شَعِير اِسْتَدَانَهُ لِأَهْلِهِ، وَلَمْ يَشْبَع ثَلَاثَة أَيَّام تِبَاعًا. (النووي - ج ٦ / ص ٢٠٧)
(١٩) (خ) ٢٩٢٧ , (م) ١٧٥٧
(٢٠) (الْكُرَاع): الْخَيْل.
(٢١) (خ) ٢٧٤٨ , (م) ١٧٥٧