للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مِنْ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الصُّغْرَى تَوَلِّي اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً مِنْ قُرَيْشٍ

(خ م حم) , عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (" لَا يَزَالُ هَذَا الدِّينُ عَزِيزًا مَنِيعًا) (١) (وَلَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ) (٢) (يُنْصَرُونَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ عَلَيْهِ (٣)) (٤) (إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً) (٥) (كُلُّهُمْ تَجْتَمِعُ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ (٦)) (٧) (وَكُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ ") (٨)


(١) (م) ١٨٢١
(٢) (حم) ٢٠٩٦٢ , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.
(٣) أَيْ: يُنصرون على من عاداهم في دينهم.
(٤) (حم) ٢٠٩٦٤ , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.
(٥) (م) ١٨٢١ , (خ) ٦٧٩٦
(٦) الْمُرَاد بِالِاجْتِمَاعِ اِنْقِيَادهمْ لِبَيْعَتِهِ، واَلَّذِي وَقَعَ أَنَّ النَّاس اِجْتَمَعُوا عَلَى أَبِي بَكْر , ثُمَّ عُمَر , ثُمَّ عُثْمَان , ثُمَّ عَلِيّ إِلَى أَنْ وَقَعَ أَمْرُ الْحَكَمَيْنِ فِي صِفِّين، فَسُمِّيَ مُعَاوِيَة يَوْمَئِذٍ بِالْخِلَافَةِ، ثُمَّ اِجْتَمَعَ النَّاس عَلَى مُعَاوِيَة عِنْدَ صُلْح الْحَسَنِ، ثُمَّ اِجْتَمَعُوا عَلَى وَلَدِهِ يَزِيد , وَلَمْ يَنْتَظِم لِلْحُسَيْنِ أَمْرٌ بَلْ قُتِلَ قَبْل ذَلِكَ، ثُمَّ لَمَّا مَاتَ يَزِيد وَقَعَ الِاخْتِلَاف إِلَى أَنْ اِجْتَمَعُوا عَلَى عَبْد الْمَلِك بْن مَرْوَان بَعْد قَتْل اِبْنِ الزُّبَيْر، ثُمَّ اِجْتَمَعُوا عَلَى أَوْلَاده الْأَرْبَعَة: الْوَلِيد ثُمَّ سُلَيْمَان ثُمَّ يَزِيد ثُمَّ هِشَام، وَتَخَلَّلَ بَيْن سُلَيْمَان وَيَزِيد , عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز، فَهَؤُلَاءِ سَبْعَة بَعْد الْخُلَفَاء الرَّاشِدِينَ، وَالثَّانِي عَشَرَ هُوَ الْوَلِيد بْن يَزِيد بْن عَبْد الْمَلِك اِجْتَمَعَ النَّاس عَلَيْهِ لَمَّا مَاتَ عَمُّهُ هِشَام، فَوَلِيَ نَحْوَ أَرْبَعِ سِنِينَ , ثُمَّ قَامُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ، وَانْتَشَرَتْ الْفِتَنُ وَتَغَيَّرَتْ الْأَحْوَال مِنْ يَوْمِئِذٍ وَلَمْ يَتَّفِق أَنْ يَجْتَمِع النَّاس عَلَى خَلِيفَة بَعْد ذَلِكَ، لِأَنَّ يَزِيد بْن الْوَلِيد الَّذِي قَامَ عَلَى اِبْنِ عَمِّهِ الْوَلِيد بْن يَزِيد لَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُ بَلْ ثَارَ عَلَيْهِ قَبْل أَنْ يَمُوت اِبْنُ عَمِّ أَبِيهِ مَرْوَان بْن مُحَمَّد بْن مَرْوَان , وَلَمَّا مَاتَ يَزِيد وَلِيَ أَخُوهُ إِبْرَاهِيم , فَغَلَبَهُ مَرْوَان، ثُمَّ ثَارَ عَلَى مَرْوَان بَنُو الْعَبَّاس إِلَى أَنْ قُتِلَ، ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ خُلَفَاء بَنِي الْعَبَّاس أَبُو الْعَبَّاس السَّفَّاح، وَلَمْ تَطُلْ مُدَّته مَعَ كَثْرَة مَنْ ثَارَ عَلَيْهِ، ثُمَّ وَلِيَ أَخُوهُ الْمَنْصُور فَطَالَتْ مُدَّته، لَكِنْ خَرَجَ عَنْهُمْ الْمَغْرِب الْأَقْصَى بِاسْتِيلَاءِ الْمَرْوَانِيِّينَ عَلَى الْأَنْدَلُس، وَاسْتَمَرَّتْ فِي أَيْدِيهمْ مُتَغَلِّبِينَ عَلَيْهَا إِلَى أَنْ تَسَمَّوْا بِالْخِلَافَةِ بَعْد ذَلِكَ، وَانْفَرَطَ الْأَمْر فِي جَمِيع أَقْطَار الْأَرْض إِلَى أَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْخِلَافَة إِلَّا الِاسْم فِي بَعْض الْبِلَاد، بَعْد أَنْ كَانُوا فِي أَيَّام بَنِي عَبْد الْمَلِك بْن مَرْوَان يُخْطَب لِلْخَلِيفَةِ فِي جَمِيع أَقْطَار الْأَرْض شَرْقًا وَغَرْبًا وَشِمَالًا وَيَمِينًا مِمَّا غَلَبَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، وَلَا يَتَوَلَّى أَحَدٌ فِي بَلَدٍ مِنْ الْبِلَاد كُلّهَا الْإِمَارَة عَلَى شَيْء مِنْهَا إِلَّا بِأَمْرِ الْخَلِيفَة، وَمَنْ نَظَرَ فِي أَخْبَارهمْ عَرَفَ صِحَّة ذَلِكَ , فَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَل قَوْله " يَكُونُ بَعْدِي اِثْنَا عَشَرَ خَلِيفَة " عَلَى حَقِيقَة الْبَعْدِيَّة، فَإِنَّ جَمِيع مَنْ وَلِيَ الْخِلَافَة مِنْ الصِّدِّيق إِلَى عُمَرَ بْن عَبْد الْعَزِيز أَرْبَعَةَ عَشَرَ نَفْسًا، مِنْهُمْ اِثْنَانِ لَمْ تَصِحّ وِلَايَتهمَا وَلَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُمَا , وَهُمَا: مُعَاوِيَة بْن يَزِيد , وَمَرْوَان بْن الْحَكَم، وَالْبَاقُونَ اِثْنَا عَشَرَ نَفْسًا عَلَى الْوَلَاء كَمَا أَخْبَرَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ وَفَاة عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز سَنَة إِحْدَى وَمِائَة، وَتَغَيَّرَتْ الْأَحْوَال بَعْدَهُ، وَانْقَضَى الْقَرْن الْأَوَّل الَّذِي هُوَ خَيْر الْقُرُون، وَلَا يَقْدَح فِي ذَلِكَ قَوْله " يَجْتَمِع عَلَيْهِمْ النَّاس " لِأَنَّهُ يُحْمَل عَلَى الْأَكْثَر الْأَغْلَب، لِأَنَّ هَذِهِ الصِّفَة لَمْ تُفْقَد مِنْهُمْ إِلَّا فِي الْحَسَنِ بْن عَلِيّ وَعَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر مَعَ صِحَّة وِلَايَتهمَا، وَالْحُكْم بِأَنَّ مَنْ خَالَفَهُمَا لَمْ يَثْبُت اِسْتِحْقَاقه إِلَّا بَعْدَ تَسْلِيم الْحَسَنِ وَبَعْد قَتْل اِبْنِ الزُّبَيْر وَاَللَّه أَعْلَمُ , وَكَانَتْ الْأُمُور فِي غَالِبِ أَزْمِنَة هَؤُلَاءِ الِاثْنَيْ عَشَرَ مُنْتَظِمَة , وَإِنْ وُجِدَ فِي بَعْض مُدَّتهمْ خِلَاف ذَلِكَ، فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الِاسْتِقَامَة نَادِر وَاَللَّه أَعْلَمُ. فتح الباري لابن حجر - (ج ٢٠ / ص ٢٦٦)
(٧) (د) ٤٢٨٠
(٨) (م) ١٨٢١ , (خ) ٦٧٩٦