للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْجَمَاعَةُ فِي صَلَاةِ النَّوَافِل

(خ م د حم) , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: (كَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - فِي رَمَضَانَ أَوْزَاعًا (١) يَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ، فَيَكُونُ مَعَهُ النَّفَرُ الْخَمْسَةُ أَوْ السِّتَّةُ , أَوْ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ , أَوْ أَكْثَرُ، فَيُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ قَالَتْ: " فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - لَيْلَةً مِنْ ذَلِكَ أَنْ أَنْصِبَ لَهُ حَصِيرًا عَلَى بَابِ حُجْرَتِي (٢) " , فَفَعَلْتُ , " فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - بَعْدَ أَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ ") (٣) (- وَجِدَارُ الْحُجْرَةِ قَصِيرٌ - فَرَأَى النَّاسُ شَخْصَ النَّبِيِّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -) (٤) وفي رواية: (فَسَمِعَ الْمُسْلِمُونَ قِرَاءَتَهُ) (٥) (قَالَتْ: فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ مَنْ فِي الْمَسْجِدِ، " فَصَلَّى بِهِمْ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - لَيْلًا طَوِيلًا ") (٦) (- وَالنَّاسُ يَأتَمُّونَ بِهِ مِنْ وَرَاءِ الْحُجْرَةِ -) (٧) وفي رواية: (فَصَلَّوْا بِصَلَاتِهِ , وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ الْحَصِيرَةُ) (٨) (" ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - فَدَخَلَ وَتَرَكَ الْحَصِيرَ عَلَى حَالِهِ ") (٩) (فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا) (١٠) (بِذَلِكَ , " فَقَامَ اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ ") (١١) (فَاجْتَمَعَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ , فَصَلَّوْا مَعَهُ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَكَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، " فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - فَصَلَّوْا بِصَلَاتِهِ "، فَلَمَّا كَانَتْ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ، عَجَزَ الْمَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ) (١٢) (" فَصَلَّى بِهِمْ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ , ثُمَّ دَخَلَ بَيْتَهُ "، وَثَبَتَ النَّاسُ) (١٣) (" فَاطَّلَعَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -) (١٤) (فَقَالَ لِي: مَا شَأنُ النَّاسِ يَا عَائِشَةُ؟ " فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ , سَمِعَ النَّاسُ بِصَلَاتِكَ الْبَارِحَةَ بِمَنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ , فَحَشَدُوا لِذَلِكَ لِتُصَلِّيَ بِهِمْ , فَقَالَ: " اطْوِ عَنَّا حَصِيرَكِ يَا عَائِشَةُ " , قَالَتْ: فَفَعَلْتُ , " وَبَاتَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - غَيْرَ غَافِلٍ ") (١٥) (فَظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ نَامَ) (١٦) (فَجَعَلَ النَّاسُ يُنَادُونَهُ: الصَّلَاةَ) (١٧) (وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَتَنَحْنَحُ لِيَخْرُجَ إِلَيْهِمْ) (١٨) (وَحَصَبُوا بَابَهُ) (١٩) (" فَلَمْ يَخْرُجْ) (٢٠) (حَتَّى خَرَجَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ) (٢١) (فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه -: مَا زَالَ النَّاسُ يَنْتَظِرُونَكَ الْبَارِحَةَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: " أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ أَمْرُهُمْ، وَلَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْهِمْ) (٢٢) (صَلَاةُ اللَّيْلِ) (٢٣) (فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - صَلَاةَ الْفَجْرَ , سَلَّمَ , ثُمَّ قَامَ فِي النَّاسِ , فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ) (٢٤) (أَيُّهَا النَّاسُ , أَمَا وَاللهِ مَا بِتُّ لَيْلَتِي هَذِهِ بِحَمْدِ اللهِ غَافِلًا , وَلَا خَفِيَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ) (٢٥) (قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ، وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنْ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ) (٢٦) (صَلَاةُ اللَّيْلِ , فَتَعْجِزُوا عَنْهَا ") (٢٧)

وفي رواية: (إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَنْزِلَ إِلَيْكُمْ إِلَّا مَخَافَةَ أَنْ يُفْتَرَضَ عَلَيْكُمْ قِيَامُ هَذَا الشَّهْرِ) (٢٨) (وَلَوْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ , مَا قُمْتُمْ بِهِ) (٢٩) (فَاكْلَفُوا مِنْ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ) (٣٠)

وفي رواية: (خُذُوا مِنْ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ , فَإِنَّ اللهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا (٣١) وَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إلى اللهِ) (٣٢) (مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ, وَإِنْ قَلَّ) (٣٣) (وَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ , فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ , صَلَاةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ , إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ) (٣٤) (قَالَتْ: ثُمَّ تَرَكَ مُصَلَّاهُ ذَلِكَ , فَمَا عَادَ لَهُ حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ - عزَّ وجل -) (٣٥) (وَكَانَ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - إِذَا عَمِلُوا عَمَلًا أَثْبَتُوهُ (٣٦) ") (٣٧) (قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: قَالَ اللهُ - عزَّ وجل -: {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} (٣٨)) (٣٩).

الشرح (٤٠)


(١) (أَوْزَاعًا) أَيْ: مُتَفَرِّقِينَ، وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُمْ: وَزَّعْتُ الشَّيْءَ , إِذَا فَرَّقْتُه. عون المعبود - (ج ٣ / ص ٣١١)
(٢) أَيْ: حَوَّطَ مَوْضِعًا مِنْ الْمَسْجِد بِحَصِيرٍ لِيَسْتُرَهُ , لِيُصَلِّيَ فِيهِ، وَلَا يَمُرَّ بَيْن يَدَيْهِ مَارٌّ، وَيَتَوَفَّرُ خُشُوعُهُ وَفَرَاغُ قَلْبِه. شرح النووي (٣/ ١٣٢)
(٣) (حم) ٢٦٣٥٠ , (د) ١٣٧٤ , (خ) ٦٩٨ , (م) ٢١٣ - (٧٨١) , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن.
(٤) (خ) ٦٩٦
(٥) (حم) ٢٦٠٨٠ , ٢٤٣٦٧ , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: صحيح.
(٦) (حم) ٢٦٣٥٠ , (خ) ٦٩٨
(٧) (د) ١١٢٦ , (حم) ٢٤٠٦٢
(٨) (س) ٧٦٢ , (خ) ٦٩٧
(٩) (حم) ٢٦٣٥٠
(١٠) (خ) ٨٨٢
(١١) (خ) ٦٩٦
(١٢) (خ) ٨٨٢ , (حم) ٢٥٤٠١
(١٣) (حم) ٢٦٣٥٠ , (خ) ٥٧٦٢ , (م) ٢١٣ - (٧٨١)
(١٤) (حم) ٢٤٣٦٧ , (خ) ٥٥٢٤ , وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن
(١٥) (حم) ٢٦٣٥٠ , (خ) ٥٧٦٢ , (م) ٢١٣ - (٧٨١)
(١٦) (خ) ٦٨٦٠ , (س) ١٥٩٩
(١٧) (حم) ٢٥٩٩٦ , (م) ١٧٨ - (٧٦١) , وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح.
(١٨) (خ) ٦٨٦٠ , (س) ١٥٩٩ , (د) ١٤٤٧ , (حم) ٢١٦٧٥
(١٩) (د) ١٤٤٧ , (خ) ٥٧٦٢ , (م) ٢١٣ - (٧٨١)
(٢٠) (حم) ٢٥٩٩٦
(٢١) (خ) ١٩٠٨
(٢٢) (حم) ٢٥٩٩٦
(٢٣) (خ) ٦٩٦
(٢٤) (حم) ٢٥٤٠١ , (خ) ١٩٠٨ , وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح.
(٢٥) (د) ١٣٧٤ , (حم) ٢٦٣٥٠
(٢٦) (خ) ١٠٧٧ , (م) ١٧٧ - (٧٦١) , (د) ١٤٤٧ , (حم) ٢١٦٢٢
(٢٧) (م) ١٧٨ - (٧٦١) , (خ) ٨٨٢ , (حم) ٢٥٤٠١
(٢٨) (حم) ٢٥٥٣٥ , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: حديث صحيح.
(٢٩) (خ) ٦٨٦٠ , (م) ٢١٤ - (٧٨١) , (حم) ٢١٦٢٢
(٣٠) (حم) ٢٦٣٥٠
(٣١) الْمَلَال: اِسْتِثْقَالُ الشَّيْء , وَنُفُورُ النَّفْسِ عَنْهُ بَعْدَ مَحَبَّتِه، وَهُوَ مُحَالٌ عَلَى اللهِ تَعَالَى بِاتِّفَاقٍ.
قَالَ الْهَرَوِيُّ: مَعْنَاهُ: لَا يَقْطَعُ عَنْكُمْ فَضْلَهُ حَتَّى تَمَلُّوا سُؤَالَه , فَتَزْهَدُوا فِي الرَّغْبَةِ إِلَيْهِ.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: لَا يَمَلُّ اللهُ إِذَا مَلَلْتُمْ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي الْبَلِيغ: لَا يَنْقَطِعُ حَتَّى يَنْقَطِعَ خُصُومُه , لِأَنَّهُ لَوْ اِنْقَطَعَ حِين يَنْقَطِعُونَ , لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِمْ مَزِيَّة , وَيُؤَيِّدهُ مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِلَفْظِ: " اِكْلَفُوا مِنْ الْعَمَل مَا تُطِيقُونَ , فَإِنَّ اللهَ لَا يَمَلُّ مِنْ الثَّوَاب حَتَّى تَمَلُّوا مِنْ الْعَمَل ".فتح الباري (ج١ص٦٨)
(٣٢) (خ) ٥٥٢٤
(٣٣) (م) ٧٨٢ , (خ) ٥٥٢٤
(٣٤) (خ) ٦٩٨ , (م) ٢١٣ - (٧٨١) , (ت) ٤٥٠ , (س) ١٥٩٩
(٣٥) (س) ٧٦٢ , (خ) ١٩٠٨
(٣٦) أَيْ: لَازَمُوهُ وَدَاوَمُوا عَلَيْهِ , وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآلِ هُنَا: أَهْلُ بَيْتِهِ , وَخَوَاصُّهُ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - مِنْ أَزْوَاجِهِ وَقَرَابَتِهِ وَنَحْوِهِمْ. شرح النووي (ج ٣ / ص ١٣٣)
(٣٧) (م) ٧٨٢ , (خ) ١٨٦٩
(٣٨) [المعارج/٢٣]
(٣٩) (حم) ٢٤٥٨٤ , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: صحيح.
(٤٠) فِي الحديثِ جَوَازُ مِثْلِ هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَضْيِيقٌ عَلَى الْمُصَلِّينَ وَنَحْوِهِمْ , وَلَمْ يَتَّخِذْهُ دَائِمًا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - كَانَ يَحْتَجِرُهَا بِاللَّيْلِ يُصَلِّي فِيهَا وَيُنَحِّيهَا بِالنَّهَارِ وَيَبْسُطهَا , ثُمَّ تَرَكَهُ النَّبِيُّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار , وَعَادَ إِلَى الصَّلَاة فِي الْبَيْت.
وَفِيهِ: جَوَازُ النَّافِلَةِ فِي الْمَسْجِد.
وَفِيهِ: جَوَازُ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِ الْمَكْتُوبَة.
وَجَوَازُ الِاقْتِدَاءِ بِمِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَة.
وَفِيهِ: تَرْكُ بَعْضِ الْمَصَالِحِ لِخَوْفِ مَفْسَدَةٍ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ.
وَفِيهِ: بَيَان مَا كَانَ النَّبِيّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - عَلَيْهِ مِنْ الشَّفَقَةِ عَلَى أُمَّتِهِ , وَمُرَاعَاةِ مَصَالِحهمْ
وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِوُلَاةِ الْأُمُورِ وَكِبَارِ النَّاسِ وَالْمَتْبُوعِينَ - فِي عِلْمٍ وَغَيْرِه - الِاقْتِدَاءُ بِهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - فِي ذَلِكَ. النووي (٣/ ١٣٢)