للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ، فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} (١)

(خ م حم طس) , عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ - رضي الله عنه - قَالَ: (كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) (٢) (بِالْجِعْرَانَةِ (٣) " وَعَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَوْبٌ قَدْ أُظِلَّ بِهِ " , مَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ , مِنْهُمْ عُمَرُ - رضي الله عنه - إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ) (٤) (قَدْ أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ وَهُوَ مُصَفِّرٌ لِحْيَتَهُ وَرَأسَهُ , وَعَلَيْهِ جُبَّةُ) (٥) (صُوفٍ) (٦) (وَعَلَيْهَا خَلُوقٌ (٧) أَوْ قَالَ: أَثَرُ صُفْرَةٍ) (٨) وفي رواية: (مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ , فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ , كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي جُبَّةٍ بَعْدَمَا تَضَمَّخَ بِالطِّيبِ؟ , " فَنَظَرَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - سَاعَةً ثُمَّ سَكَتَ , فَجَاءَهُ الْوَحْيُ) (٩) (فَأَنْزَلَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -:) (١٠) ({وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ} (١١)) (١٢) (فَسُتِرَ بِثَوْبٍ " - وَوَدِدْتُ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ - فَقَالَ عُمَرُ: تَعَالَ , أَيَسُرُّكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِ الْوَحْيَ؟ , قُلْتُ: نَعَمْ) (١٣) (فَرَفَعَ عُمَرُ طَرَفَ الثَّوْبِ , فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ) (١٤) (" فَإِذَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مُحْمَرُّ الْوَجْهِ , يَغِطُّ (١٥)) (١٦) (كَغَطِيطِ الْبَكْرِ (١٧) فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ (١٨) قَالَ: " أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ الْعُمْرَةِ) (١٩) (آنِفًا (٢٠)؟ ") (٢١) (فَقَامَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ) (٢٢) (فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " أَمَّا الطِّيبُ الَّذِي بِكَ فَاغْسِلْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (٢٣)) (٢٤) (وَأَنْقِ الصُّفْرَةَ) (٢٥) (وَأَمَّا الْجُبَّةُ فَانْزِعْهَا (٢٦)) (٢٧) (وَمَا كُنْتَ صَانِعًا فِي حَجِّكَ إِذَا أَحْرَمْتَ , فَاصْنَعْهُ فِي عُمْرَتِكَ ") (٢٨)


(١) [البقرة: ١٩٦]
(٢) (خ) ١٨٤٨ , (م) ٧ - (١١٨٠)
(٣) الجعرانة: بين مكة والطائف، وهي إلى مكة أقرب , وقال الفاكهي: بينها وبين مكة بريد وَهو اثْنَا عَشَرَ مِيلًا، وقال الباجي: ثمانية عشر ميلا.
(٤) (حم) ١٧٩٧٧ , (خ) ٤٣٢٩ , (م) ٧ - (١١٨٠) , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(٥) (م) ٩ - (١١٨٠) , (س) ٢٦٦٨
(٦) (م) ٨ - (١١٨٠) , (خ) ٤٣٢٩
(٧) الْخَلُوق: نَوْع مِنْ الطِّيب مُرَكَّب فِيهِ زَعْفَرَان. فتح الباري (ج ٥ / ص ١٧٨)
(٨) (م) ٦ - (١١٨٠) , (خ) ١٧٨٩ , (حم) ١٧٩٩٤
(٩) (خ) ٤٣٢٩ , (م) ٨ - (١١٨٠) , (حم) ١٧٩٧٧
(١٠) (خ) ١٧٨٩ , (د) ١٨١٩
(١١) [البقرة: ١٩٦]
(١٢) (طس) ١٨١٥ , انظر الصَّحِيحَة: ٢٧٦٥
(١٣) (خ) ١٧٨٩
(١٤) (م) ٦ - (١١٨٠) , (خ) ١٧٨٩
(١٥) (الغَطِيط) هُوَ كَصَوْتِ النَّائِم الَّذِي يُرَدِّدهُ مَعَ نَفَسه. النووي (ج ٤ / ص ٢١٥)
(١٦) (خ) ٤٣٢٩ , (م) ٨ - (١١٨٠) , (حم) ١٧٩٩٦
(١٧) (الْبَكْر) هُوَ الْفَتِيّ مِنْ الْإِبِل. شرح النووي على مسلم - (ج ٤ / ص ٢١٥)
(١٨) قَوْله: (فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ) أَيْ: أُزِيلَ مَا بِهِ وَكُشِفَ عَنْهُ. النووي (ج٤ص ٢١٥)
(١٩) (خ) ١٧٨٩ , (م) ٦ - (١١٨٠) , (س) ٢٦٦٨
(٢٠) أي: قبل قليل.
(٢١) (خ) ٤٣٢٩ , (م) ٨ - (١١٨٠)
(٢٢) (م) ١٠ - (١١٨٠)
(٢٣) قَوْله - صلى الله عليه وسلم -: (وَاخْلَعْ عَنْك جُبَّتك) دَلِيل لِمَالِك وَأَبِي حَنِيفَة وَالشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور أَنَّ الْمُحْرِم إِذَا صَارَ عَلَيْهِ مَخِيط يَنْزِعهُ. شرح النووي (ج ٤ / ص ٢١٥)
(٢٤) (م) ٨ - (١١٨٠) , (خ) ٤٣٢٩ , (حم) ١٧٩٧٧
(٢٥) (خ) ١٧٨٩ , (م) ٩ - (١١٨٠)
(٢٦) قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ: كَأَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يَخْلَعُونَ الثِّيَاب , وَيَجْتَنِبُونَ الطِّيب فِي الْإِحْرَام إِذَا حَجُّوا , وَكَانُوا يَتَسَاهَلُونَ فِي ذَلِكَ فِي الْعُمْرَة , فَأَخْبَرَهُ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ مَجْرَاهُمَا وَاحِد. وَذَلِكَ أَنَّ عِنْدَ مُسْلِم وَالنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيق سُفْيَان عَنْ عَمْرو بْن دِينَار وَعَنْ عَطَاء فِي هَذَا الْحَدِيث فَقَالَ: " مَا كُنْت صَانِعًا فِي حَجّك؟ , قَالَ " أَنْزِع عَنِّي هَذِهِ الثِّيَاب , وَأَغْسِل عَنِّي هَذَا الْخَلُوق؟ , فَقَالَ: مَا كُنْت صَانِعًا فِي حَجّك فَاصْنَعْهُ فِي عُمْرَتك ".
قَوْله: (فَقُلْت لِعَطَاءٍ) الْقَائِل هُوَ اِبْن جُرَيْجٍ، وَهُوَ دَالّ عَلَى أَنَّهُ فَهِمَ مِنْ السِّيَاق أَنَّ قَوْله " ثَلَاث مَرَّات " مِنْ لَفْظ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، لَكِنْ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون مِنْ كَلَام الصَّحَابِيّ , وَأَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - أَعَادَ لَفْظَة " اِغْسِلْهُ " مَرَّة , ثُمَّ مَرَّة , عَلَى عَادَته أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثَة لِتُفْهَم عَنْهُ , نَبَّهَ عَلَيْهِ عِيَاض.
قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: لَيْسَ فِي حَدِيث الْبَاب أَنَّ الْخَلُوق كَانَ عَلَى الثَّوْب كَمَا فِي التَّرْجَمَة، وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّ الرَّجُل كَانَ مُتَضَمِّخًا ,وَقَوْله لَهُ " اِغْسِلْ الطِّيب الَّذِي بِك " يُوَضِّح أَنَّ الطِّيب لَمْ يَكُنْ فِي ثَوْبه , وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى بَدَنه , وَلَوْ كَانَ عَلَى الْجُبَّة لَكَانَ فِي نَزْعهَا كِفَايَة مِنْ جِهَة الْإِحْرَام. أ. هـ
وَالْجَوَاب: أَنَّ الْبُخَارِيّ عَلَى عَادَته يُشِير إِلَى مَا وَقَعَ فِي بَعْض طُرُق الْحَدِيث الَّذِي يُورِدهُ، وَسَيَأتِي فِي حُرُمَات الْإِحْرَام مِنْ وَجْه آخَر بِلَفْظِ " عَلَيْهِ قَمِيص فِيهِ أَثَر صُفْرَة " , وَالْخَلُوق فِي الْعَادَة إِنَّمَا يَكُون فِي الثَّوْب. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَده عَنْ شُعْبَة عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَطَاء بِلَفْظِ " رَأَى رَجُلًا عَلَيْهِ جُبَّة عَلَيْهَا أَثَر خَلُوق " , وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيق رَبَاح بْن أَبِي مَعْرُوف عَنْ عَطَاء مِثْله.
وَقَالَ سَعِيد بْن مَنْصُور: " حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا عَبْد الْمَلِك وَمَنْصُور وَغَيْرهمَا عَنْ عَطَاء عَنْ يَعْلَى بْن أُمَيَّة، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي أَحْرَمْت وَعَلَيَّ جُبَّتِي هَذِهِ - وَعَلَى جُبَّته رَدْغ مِنْ خَلُوق - الْحَدِيث .. وَفِيهِ: فَقَالَ: اِخْلَعْ هَذِهِ الْجُبَّة , وَاغْسِلْ هَذَا الزَّعْفَرَان ".
وَاسْتُدِلَّ بِحَدِيثِ يَعْلَى عَلَى مَنْعِ اِسْتِدَامَة الطِّيب بَعْدَ الْإِحْرَام , لِلْأَمْرِ بِغَسْلِ أَثَره مِنْ الثَّوْب وَالْبَدَن، وَهُوَ قَوْل مَالِك وَمُحَمَّد بْن الْحَسَن.
وَأَجَابَ الْجُمْهُور بِأَنَّ قِصَّة يَعْلَى كَانَتْ بِالْجِعْرَانَةِ كَمَا ثَبَتَ فِي هَذَا الْحَدِيث، وَهِيَ فِي سَنَة ثَمَان بِلَا خِلَاف , وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عَائِشَة أَنَّهَا طَيَّبَتْ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بِيَدَيْهَا عِنْدَ إِحْرَامهَا , وَكَانَ ذَلِكَ فِي حَجَّة الْوَدَاع سَنَة عَشْر بِلَا خِلَاف، وَإِنَّمَا يُؤْخَذ بِالْآخِرِ فَالْآخِرِ مِنْ الْأَمْر , وَبِأَنَّ الْمَأمُور بِغَسْلِهِ فِي قِصَّة يَعْلَى إِنَّمَا هُوَ الْخَلُوق , لَا مُطْلَق الطِّيب، فَلَعَلَّ عِلَّة الْأَمْر فِيهِ مَا خَالَطَهُ مِنْ الزَّعْفَرَان , وَقَدْ ثَبَتَ النَّهْي عَنْ تَزَعْفُر الرَّجُل مُطْلَقًا , مُحْرِمًا وَغَيْر مُحْرِم، وَفِي حَدِيث اِبْن عُمَر: " وَلَا يَلْبَس - أَيْ الْمُحْرِم - مِنْ الثِّيَاب شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَان " , وَفِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس أَيْضًا: " وَلَمْ يَنْهَ إِلَّا عَنْ الثِّيَاب الْمُزَعْفَرَة ".
وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِم إِذَا صَارَ عَلَيْهِ الْمَخِيط , نَزَعَهُ , وَلَا يَلْزَمهُ تَمْزِيقه وَلَا شَقُّهُ , خِلَافًا لِلنَّخَعِيّ وَالشَّعْبِيّ , حَيْثُ قَالَا: لَا يَنْزِعهُ مِنْ قِبَل رَأسه لِئَلَّا يَصِير مُغَطِّيًا لِرَأسِهِ , أَخْرَجَهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة عَنْهُمَا، وَعَنْ عَلِيّ نَحْوه، وَكَذَا عَنْ الْحَسَن وَأَبِي قِلَابَةَ، وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ بِلَفْظِ " اِخْلَعْ عَنْك الْجُبَّة , فَخَلَعَهَا مِنْ قِبَل رَأسه ".فتح الباري - (ج ٥ / ص ١٧٨)
(٢٧) (خ) ٤٣٢٩ , (م) ٨ - (١١٨٠) , (ت) ٨٣٥ , (س) ٢٦٦٨ , (حم) ١٧٩٧٧
(٢٨) (حم) ١٧٩٩٦ , (هق) ٨٨٨٢ , (خ) ١٧٨٩ , (م) ٦ - (١١٨٠) , (س) ٢٧٠٩ , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.