للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حَمْدُ اللهِ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَة

(س د جة ن) , وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: (" عَلَّمَنَا رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - خُطْبَةَ الْحَاجَةِ) (١) (- قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ -: (٢)) (٣) (إِنَّ الْحَمْدَ للهِ , نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ , وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا , مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فلَا مُضِلَّ لَهُ , وَمَنْ يُضْلِلْ فلَا هَادِيَ لَهُ , وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ , وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ , ثُمَّ تَصِلُ خُطْبَتَكَ بِثَلَاثِ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (٤) وَ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ , وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا , وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً , وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ , إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (٥) وَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا , يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ , وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ , وَمَنْ يُطِعْ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (٦)) (٧) (أَمَّا بَعْدَ ") (٨)


(١) (س) ١٤٠٤ , (د) ٢١١٨
(٢) قال الألباني في كتاب خطبة الحاجة ص٣١: قد تبين لنا من مجموع الأحاديث المتقدمة أن هذه الخطبة تُفتَح بها جميع الخطب , سواء كانت خطبة نكاح أو خطبة جمعة أو غيرها , فليست خاصة بالنكاح كما قد يُظَنّ (أ) وفي بعض طرق حديث ابن سعود التصريح بذلك كما تقدم وقد أيد ذلك عمل السلف الصالح , فكانوا يفتتحون كتبهم بهذه الخطبة كما صنع الإمام أبو جعفر الطحاوي - رحمه الله - حيث قال في مقدمة كتابه: " مشكل الآثار ": " وأَبتدِئُ بما أمر - صلى اللهُ عليه وسلَّم - بابتداء الحاجة مما قد روي عنه بأسانيد أذكرها بعد ذلك إن شاء الله: إن الحمد لله .. " , فذكرها بتمامها
وقد جرى على هذا النهج شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية - رحمه الله - فهو يكثر من ذلك في مؤلفاته كما لَا يخفى على من له عناية بها.
وقد قال المحقق السندي في " حاشيته على النسائي " في شرح قوله في الحديث: " والتشهد في الحاجة ": " والظاهر عموم الحاجة للنكاح وغيره , ويؤيده بعض الروايات , فينبغي أن يأتي الإنسان بهذا يستعين به على قضائها وتمامها , ولذلك قال الشافعي: الخطبة سنة في أول العقود كلها قبل البيع والنكاح وغيرها , و" الحاجة " إشارة إليها ويحتمل أن المراد بـ " الحاجة " النكاح إذ هو الذي تعارف فيه الخطبة دون سائر الحاجات ".
قلت: هذا الاحتمال الثاني ضعيف بل باطل , لثبوت ذلك عن النبي - صلى اللهُ عليه وسلَّم - في غير النكاح كما في قصة ضماد في حديث ابن عباس وكما في حديث جابر. فتنبه.
لكن القول بمشروعية هذه الخطبة في البيع ونحوه كإجارة ونحوها فيه نظر بين ذلك , لأنه مبني على القول بوجوب الإيجاب والقبول فيها وهو غير مسلَّم , بل هو أمر محدث لأن الناس من لدن النبي - صلى اللهُ عليه وسلَّم - وإلى يومنا هذا ما زالوا يتعاقدون في هذه الأشياء بلا لفظ , بل بالفعل الدال على المقصود , فبالأحرى أن تكون الخطبة فيها بدعة وأمرا محدثا.
وبيوعه - صلى اللهُ عليه وسلَّم - وعقوده التي وردت في كتب السنة المطهرة من الكثرة والشهرة بحيث يغني ذلك عن نقل بعضها في هذه العجالة , وليس في شيء منها الإيجاب والقبول بُله الخطبة فيها.
أقول هذا مع احترامي للأئمة واتباعي إياهم على هداهم , بل أعتبر أن تصريحي هذا هو من الاتباع لهم لأنهم - رحمه الله - هم الذين علمونا حرية الرأي والصراحة في القول حتى عن تقليدهم , لأنهم كما قال الإمام مالك - رحمه الله -: " ما منا من أحد إِلَّا رَدَّ أو رُدَّ عليه إِلَّا صاحب هذا القبر " , فجزاهم الله تعالى عنا خيرا. أ. هـ
__
(أ) تنبيه: وأما الحديث الذي رواه إسماعيل بن إبراهيم عن رجل من بني سليم قال: خطبت إلى النبي - صلى اللهُ عليه وسلَّم - أمامة بنت عبد المطلب فأنكحني من غير أن يتشهد. أخرجه أبو داود والبيهقي فهو ضعيف من أجل إسماعيل هذا فإنه مجهول كما في " التقريب ". ثم إنه قد اضطرب عليه فيه كما بين البيهقي وغيره. ولو صح لدل على جواز الترك أحيانا لَا على عدم المشروعية مطلقا. أ. هـ

(٣) (د) ٢١١٨
(٤) [آل عمران/١٠٢]
(٥) [النساء/١]
(٦) [الأحزاب/٧١]
(٧) (جة) ١٨٩٢ , (ت) ١١٠٥ , (س) ١٤٠٤ , (حم) ٤١١٦، انظر المشكاة: ٣١٤٩
(٨) (ن) ١٠٣٢٦ , (يع) ٧٢٢١ , (طس) ٧٨٧٢