للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَا يَصْطَاد وَيَتَقَوَّى بِالْمِخْلَبِ

(س) , عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - " أَنَّ نَبِيَّ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ " (١)

الشَّرْح:

قَالَ أَهْل اللُّغَة: الْمِخْلَب لِلطَّيْرِ وَالسِّبَاع بِمَنْزِلَةِ الظُّفُر لِلْإِنْسَانِ. النووي (١٢ - (١٩٣٢)

قَالَ فِي شَرْح السُّنَّة: أَرَادَ بِكُلِّ ذِي نَابٍ: مَا يَعْدُو بِنَابِهِ عَلَى النَّاسِ وَأَمْوَالِهِمْ , كَالذِّئْبِ وَالْأَسَدِ وَالْكَلْب وَنَحْوهَا , وَأَرَادَ بِذِي المِخْلَبِ: مَا يَقْطَعُ وَيَشُقُّ بِمِخْلَبِهِ كَالنِّسْرِ وَالصَّقْرِ وَالْبَازِي وَنَحْوهَا. عون٣٨٠٣

مَذَاهِبُ الْفُقَهَاءِ فِي الْمَسْأَلَة:

فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ وَدَاوُدَ وَالْجُمْهُورِ أَنَّهُ يَحْرُمُ أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَكُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ وَقَالَ مَالِكٌ يُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ قَالَ أَصْحَابُنَا الْمُرَادُ بِذِي النَّابِ مَا يُتَقَوَّى بِهِ وَيُصْطَادُ وَاحْتَجَّ مَالِكٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا الْآيَةَ وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ قَالُوا وَالْآيَةُ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا الْإِخْبَارُ بِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مُحَرَّمًا إِلَّا الْمَذْكُورَاتِ فِي الْآيَةِ ثُمَّ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِتَحْرِيمِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ فَوَجَبَ قَبُولُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ. النووي (١٢ - ١٩٣٢)

وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِإِبَاحَةِ كُلِّ ذِي نَابٍ وَكُلِّ ذِي مِخْلَبٍ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى (قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ) الْآيَةَ فَفِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ وَأَحَادِيثُ التَّحْرِيمِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ. تحفة١٤٧٩

قال في المغني: أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَوْنَ تَحْرِيمَ كُلِّ ذِي نَابٍ قَوِيٍّ مِنْ السِّبَاعِ، يَعْدُو بِهِ وَيَكْسِرُ، إلا الضَّبُعَ، مِنْهُمْ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَبَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ: هُوَ مُبَاحٌ؛ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ}.

وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} وَلَنَا، مَا رَوَى أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ، قَالَ: " نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ حَرَامٌ ". قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ صَحِيحٌ مُجْمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ.

وَهَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ يَخُصُّ عُمُومَ الآيَاتِ، فَيَدْخُلُ فِي هَذَا الأَسَدُ، وَالنَّمِرُ، وَالْفَهْدُ، وَالذِّئْبُ، وَالْكَلْبُ، وَالْخِنْزِيرُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ يَتَدَاوَى بِلَحْمِ الْكَلْبِ؟ فَقَالَ: لا شَفَاهُ اللَّهُ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رَأَى تَحْرِيمَهُ. (٢)

(وَكُلُّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ، وَهِيَ الَّتِي تُعَلِّقُ بِمَخَالِبِهَا الشَّيْءَ، وَتَصِيدُ بِهَا) هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأيِ.

وَقَالَ مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: لا يَحْرُمُ مِنْ الطَّيْرِ شَيْءٌ. قَالَ مَالِكٌ: لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَكْرَهُ سِبَاعَ الطَّيْرِ. وَاحْتَجُّوا بِعُمُومِ الآيَاتِ الْمُبِيحَةِ، وَقَوْلِ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَابْنِ عَبَّاسٍ: مَا سَكَتَ اللَّهُ عَنْهُ، فَهُوَ مَا عَفَا عَنْهُ. وَلَنَا، مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ، وَكُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ ". وَعَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " حَرَامٌ عَلَيْكُمْ الْحُمُرُ الأَهْلِيَّةُ، وَكُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ، وَكُلُّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ ". رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد. وَهَذَا يَخُصُّ عُمُومَ الآيَاتِ، وَيُقَدَّمُ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ، فَيَدْخُلُ فِي هَذَا كُلُّ مَا لَهُ مِخْلَبٌ يَعْدُو بِهِ، كَالْعُقَابِ، وَالْبَازِي، وَالصَّقْرِ، وَالشَّاهِينِ وَالْبَاشَقِ، وَالْحِدَأَةِ، وَالْبُومَةِ، وَأَشْبَاهِهَا. (٣)

قال الحافظ: قَالَ التِّرْمِذِيُّ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ لَا يَحْرُمُ وَحكى بن وهب وبن عبد الحكم عَن مَالك كالجمهور وَقَالَ بن الْعَرَبِيّ الْمَشْهُور عَنهُ الْكَرَاهَة وَقَالَ بن عبد الْبر اخْتلف فِيهِ على بن عَبَّاس وَعَائِشَة وَجَابِر عَن بن عُمَرَ مِنْ وَجْهٍ ضَعِيفٍ وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَاحْتَجُّوا بِعُمُومِ قُلْ لَا أجد وَالْجَوَابُ أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ وَحَدِيثُ التَّحْرِيمِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ نَصَّ الْآيَةِ عَدَمُ تَحْرِيمِ غَيْرِ مَا ذُكِرَ إِذْ ذَاكَ فَلَيْسَ فِيهَا نَفْيُ مَا سَيَأتِي وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ آيَةَ الْأَنْعَامِ خَاصَّةٌ بِبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ قَبْلَهَا حِكَايَةٌ عَنِ الْجَاهِلِيَّةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُحَرِّمُونَ أَشْيَاءَ مِنَ الْأَزْوَاجِ الثَّمَانِيَةِ بأرائهم فَنزلت الْآيَة قل لَا أجد فِيمَا أوحى إِلَيّ محرما أَيْ مِنَ الْمَذْكُورَاتِ إِلَّا الْمَيْتَةَ مِنْهَا وَالدَّمَ الْمَسْفُوحَ وَلَا يَرِدُ كَوْنُ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ ذُكِرَ مَعَهَا لِأَنَّهَا قُرِنَتْ بِهِ عِلَّةُ تَحْرِيمِهِ وَهُوَ كَوْنُهُ رِجْسًا وَنَقَلَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَقُولُ بِخُصُوصِ السَّبَبِ إِذَا وَرَدَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْقِصَّةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلِ الْآيَةَ حَاصِرَةً لِمَا يَحْرُمُ مِنَ الْمَأكُولَاتِ مَعَ وُرُودِ صِيغَةِ الْعُمُومِ فِيهَا وَذَلِكَ أَنَّهَا وَرَدَتْ فِي الْكُفَّارِ الَّذِينَ يُحِلُّونَ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَيُحَرِّمُونَ كَثِيرًا مِمَّا أَبَاحَهُ الشَّرْعُ فَكَأَنَّ الْغَرَضَ مِنَ الْآيَةِ إِبَانَةُ حَالِهِمْ وَأَنَّهُمْ يُضَادُّونَ الْحَقَّ فَكَأَنَّهُ قِيلَ لَا حَرَامَ إِلَّا مَا حَلَلْتُمُوهُ مُبَالَغَةً فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ وَحَكَى الْقُرْطُبِيُّ عَنْ قَوْمٍ أَنَّ آيَةَ الْأَنْعَامِ الْمَذْكُورَةَ نَزَلَتْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَتَكُونُ نَاسِخَةً وَرُدَّ بِأَنَّهَا مَكِّيَّةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَدَّمَ قَبْلَهَا مِنَ الْآيَاتِ مِنَ الرَّدِّ عَلَى مُشْرِكِي الْعَرَبِ فِي تَحْرِيمِهِمْ مَا حَرَّمُوهُ مِنَ الْأَنْعَامِ وَتَخْصِيصِهِمْ بَعْضَ ذَلِكَ بِآلِهَتِهِمْ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا سَبَقَ لِلرَّدِّ عَلَيْهِمْ وَذَلِكَ كُلُّهُ قَبْلَ الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِالتَّحْرِيمِ فِي الْمُرَادِ بِمَا لَهُ نَابٌ فَقِيلَ إِنَّهُ مَا يَتَقَوَّى بِهِ وَيَصُولُ عَلَى غَيْرِهِ وَيَصْطَادُ وَيَعْدُو بِطَبْعِهِ غَالِبًا كَالْأَسَدِ وَالْفَهْدِ وَالصَّقْرِ وَالْعُقَابِ وَأَمَّا مَا لَا يَعْدُو كَالضَّبُعِ وَالثَّعْلَبِ فَلَا وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ وَمَنْ تَبِعَهُمَا وَقَدْ ورد فِي حمل الضَّبُعِ أَحَادِيثُ لَا بَأسَ بِهَا وَأَمَّا الثَّعْلَبُ فَوَرَدَ فِي تَحْرِيمِهِ حَدِيثُ خُزَيْمَةَ بْنِ جَزْءٍ عِنْد التِّرْمِذِيّ وبن ماجة وَلَكِن سَنَده ضَعِيف. فتح٥٥٣٠

اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي طَهَارَةِ سِبَاعِ الْبَهَائِمِ وَالطَّيْرِ أَوْ نَجَاسَتِهَا.

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى نَجَاسَةِ سِبَاعِ الْبَهَائِمِ كَالأَسَدِ وَالْفَهْدِ وَالذِّئْبِ وَالنَّمِرِ وَالْقِرْدِ، وَنَجَاسَةِ سِبَاعِ الطَّيْرِ كَالصَّقْرِ وَالشَّاهِينِ وَالْحِدَأَةِ. (٤)

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْحَيَّ مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانَاتِ طَاهِرٌ، وَقِيلَ بِنَجَاسَةِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْمُشْرِكِ. (٥)

وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ بِطَهَارَةِ الْحَيَوَانَاتِ وَأَسْآرِهَا، إِلا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَهُوَ نَجِسٌ. (٦)

وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: الْحَيَوَانُ قِسْمَانِ: نَجِسٌ وَطَاهِرٌ.

الْقِسْمُ الأَوَّلُ: النَّجِسُ، وَهُوَ نَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَا هُوَ نَجِسٌ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَهُوَ الْكَلْبُ وَالْخِنْزِيرُ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، فَهَذَا نَجِسٌ عَيْنُهُ وَسُؤْرُهُ وَجَمِيعُ مَا خَرَجَ مِنْهُ.

وَالثَّانِي: مَا اخْتُلِفَ فِيهِ، وَهُوَ سَائِرُ سِبَاعِ الْبَهَائِمِ إِلا السِّنَّوْرَ وَمَا دُوَنَهُ فِي الْخِلْقَةِ، وَكَذَلِكَ جَوَارِحُ الطَّيْرِ وَالْحِمَارُ الأَهْلِيُّ وَالْبَغْلُ، فَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّ سُؤْرَهَا نَجِسٌ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: طَاهِرٌ فِي نَفَسِهِ وَسُؤْرِهِ وَعَرَقِهِ، وَهُوَ ثَلاثَةُ أَضْرُبٍ:

الأَوَّلُ: الآدَمِيُّ، وَالثَّانِي: مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَالثَّالِثُ: السِّنَّوْرُ وَمَا دُونَهَا فِي الْخِلْقَةِ. (٧)

يَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الْكَلْبَ لَيْسَ بِنَجِسِ الْعَيْنِ، وَلَكِنْ سُؤْرُهُ وَرُطُوبَاتُهُ نَجِسَةٌ. (٨)

وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ: أَنَّ الْكَلْبَ طَاهِرُ الْعَيْنِ لِقَوْلِهِمْ: الأَصْلُ فِي الأَشْيَاءِ الطَّهَارَةِ. فَكُلُّ حَيٍّ - وَلَوْ كَلْبًا وَخِنْزِيرًا - طَاهِرٌ، وَكَذَا عَرَقُهُ وَدَمْعُهُ وَمُخَاطُهُ وَلُعَابُهُ، وَإِلا مَا خَرَجَ مِنَ الْحَيَوَانِ مِنْ بَيْضٍ أَوْ مُخَاطٍ أَوْ دَمْعٍ أَوْ لُعَابٍ بَعْدَ مَوْتِهِ بِلا ذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ - فَإِنَّهُ يَكُونُ نَجِسًا، فَهَذَا فِي الْحَيَوَانِ الَّذِي مِيتَتُهُ نَجِسَةٌ. (٩)

وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْكَلْبَ نَجِسُ الْعَيْنِ. (١٠)


(١) (س) ٤٣٤٨ , (م) ١٦ - (١٩٣٤) , (د) ٣٨٠٣ , (حم) ٣١٤١
(٢) المغني ج٩ ص٤٠٨
(٣) المغني ج٩ ص٤١٠
(٤) تبيين الحقائق ١/ ٣١ ـ ٣٤، ومراقي الفلاح ص ٥ ط الحلبي، والاختيار شرح المختار ١/ ١٨ ط حجازي، وفتح القدير ١/ ٧٤ ـ ٧٦.
(٥) القوانين الفقهية ص ٢٧ ط دار القلم ـ بيروت ـ الأولى.
(٦) روضة الطالبين ١/ ١٣ ط المكتب الإسلامي.
(٧) المغني مع الشرح الكبير ١/ ٤١، ٤٤.
(٨) حاشية ابن عابدين ١/ ٢٠٤.
(٩) الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب مالك ١/ ٤٣، ٤٤.
(١٠) الأم ١/ ٨، والقليوبي وعميرة ١/ ٦٩، والمغني لابن قدامة ١/ ٣٥.