للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}

الْفَصْلُ الْخَامِس مِنْ كِتَابِ العِبَادَات: {الاعْتِكَاف}

حُكْم الاعْتِكَاف

(خ م س) , عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ - رضي الله عنه - قَالَ: (جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ (١) إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - ثَائِرَ الرَّأسِ (٢) يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ (٣) وَلَا يُفْقَهُ مَا يَقُولُ , حَتَّى دَنَا) (٤) (مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -) (٥) (فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنْ الْإِسْلَامِ (٦) فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: " خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ (٧) فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ , قَالَ: " لَا , إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ (٨) ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: " وَصِيَامُ رَمَضَانَ " , فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ , قَالَ: " لَا , إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ " وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - الزَّكَاةَ " , فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ , قَالَ: " لَا , إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ ") (٩)


(١) النَّجْدُ فِي الْأَصْل: مَا ارْتَفَعَ مِنْ الْأَرْض , ضِدُّ الْتِّهَامة، سُمِّيَتْ بِهِ الْأَرْضُ الْوَاقِعَة بَيْنَ مَكَّةَ والْعِرَاق. عون المعبود - (ج ١ / ص ٤٣٧)
(٢) الْمُرَادُ أَنَّ شَعْرَهُ مُتَفَرِّقٌ مِنْ تَرْكِ الرَّفَاهِيَة. (فتح - ح٤٦)
(٣) الدَّوِيّ: صَوْتٌ مُرْتَفِعٌ مُتَكَرِّرٌ , وَلَا يُفْهَم, وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ نَادَى مِنْ بُعْد. (فتح - ح٤٦)
(٤) (خ) ٤٦ , (م) ١١
(٥) (م) ١١
(٦) أَيْ: عَنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَام، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ حَقِيقَةِ الْإِسْلَام، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ لَهُ الشَّهَادَةَ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ يَعْلَمهَا , أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَسْأَلُ عَنْ الشَّرَائِعِ الْفِعْلِيَّة، أَوْ ذَكَرَهَا وَلَمْ يَنْقُلهَا الرَّاوِي لِشُهْرَتِهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ الْحَجَّ لِأَنَّ الرَّاوِي اِخْتَصَرَهُ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا القولَ مَا أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّف فِي الصِّيَامِ عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: " فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ الله - صلى اللهُ عليه وسلَّم - بِشَرَائِعِ الْإِسْلَام "، فَدَخَلَ فِيهِ بَاقِي الْمَفْرُوضَات , بَلْ وَالْمَنْدُوبَات. (فتح - ح٤٦)
قال النووي (١/ ٧٣): وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَأتِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُ الْحَجّ، وَلَا جَاءَ ذِكْرُهُ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَة، وَكَذَا غَيْرُ هَذَا مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ , لَمْ يُذْكَرْ فِي بَعْضِهَا الصَّوْمُ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِي بَعْضِهَا الزَّكَاةُ، وَذُكِرَ فِي بَعْضِهَا صِلَةُ الرَّحِمِ، وَفِي بَعْضِهَا أَدَاءُ الْخُمُسِ، وَلَمْ يَقَعْ فِي بَعْضِهَا ذِكْرُ الْإِيمَان، فَتَفَاوَتَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي عَدَد خِصَالِ الْإِيمَانِ زِيَادَةً وَنَقْصًا , وَإِثْبَاتًا وَحَذْفًا.
وَقَدْ أَجَابَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْهَا فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا بِاخْتِلَافٍ صَادِرٍ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - بَلْ هُوَ مِنْ تَفَاوُتِ الرُّوَاةِ فِي الْحِفْظِ وَالضَّبْطِ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ قَصَّرَ فَاقْتَصَرَ عَلَى مَا حَفِظَهُ فَأَدَّاهُ , وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا زَادَهُ غَيْرُهُ بِنَفْيٍ وَلَا إِثْبَاتٍ , وَإِنْ كَانَ اِقْتِصَارُهُ عَلَى ذَلِكَ يُشْعِر بِأَنَّهُ الْكُلُّ , فَقَدْ بَانَ بِمَا أَتَى بِهِ غَيْرُهُ مِنْ الثِّقَاتِ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِالْكُلِّ، وَأَنَّ اِقْتِصَارَهُ عَلَيْهِ كَانَ لِقُصُورِ حِفْظِهِ عَنْ تَمَامِهِ.
(٧) قَوْله: (خَمْس صَلَوَات) يُسْتَفَاد مِنْه أَنَّهُ لَا يَجِب شَيْء مِنْ الصَّلَوَات فِي كُلّ يَوْم وَلَيْلَة غَيْر الْخَمْس، خِلَافًا لِمَنْ أَوْجَبَ الْوِتْر , أَوْ رَكْعَتَيْ الْفَجْر , أَوْ صَلَاة الضُّحَى , أَوْ صَلَاة الْعِيد , أَوْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْد الْمَغْرِب. (فتح - ح٤٦)
(٨) كَأَنَّهُ قَالَ: لَا يَجِبُ عَلَيْكَ شَيْءٌ إِلَّا إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَطَّوَّعَ , فَذَلِكَ لَك. (فتح - ح٤٦)
(٩) (خ) ١٣٣٣ , (م) ١٤