للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تَكْرَار الْعُمْرَة فِي السَّنَة

قال صاحب المغني ج٣ ص٩٠: لَا بَأسَ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي السَّنَةِ مِرَارًا , رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ , وَابْنِ عُمَرَ , وَابْنِ عَبَّاسٍ , وَأَنَسٍ , وَعَائِشَةَ , وَعَطَاءٍ , وَطَاوُسٍ , وَعِكْرِمَةَ , وَالشَّافِعِيِّ ,

وَكَرِهَ الْعُمْرَةَ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ الْحَسَنُ , وَابْنُ سِيرِينَ , وَمَالِكٌ , وَقَالَ النَّخَعِيُّ: مَا كَانُوا يَعْتَمِرُونَ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً. وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - لَمْ يَفْعَلْهُ , وَلَنَا , أَنَّ عَائِشَةَ اعْتَمَرَتْ فِي شَهْرٍ مَرَّتَيْنِ بِأَمْرِ النَّبِيِّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - عُمْرَةً مَعَ قِرَانِهَا , وَعُمْرَةً بَعْدَ حَجِّهَا وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - قَالَ: {الْعُمْرَةُ إلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا}. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَقَالَ عَلِيٌّ طفِي كُلٍّ شَهْرٍ مَرَّةً , وَكَانَ أَنَسٌ إذَا حَمَّمَ رَأسَهُ خَرَجَ فَاعْتَمَرَ , رَوَاهُمَا الشَّافِعِيُّ , فِي (مُسْنَدِهِ) وَقَالَ عِكْرِمَةُ: يَعْتَمِرُ إذَا أَمْكَنَ الْمُوسَى مِنْ شَعْرِهِ , وَقَالَ عَطَاءٌ: إنْ شَاءَ اعْتَمَرَ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّتَيْنِ , فَأَمَّا الْإِكْثَارُ مِنْ الِاعْتِمَارِ , وَالْمُوَالَاةُ بَيْنَهُمَا , فَلَا يُسْتَحَبُّ فِي ظَاهِرِ قَوْلِ السَّلَفِ الَّذِي حَكَيْنَاهُ ,

وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ: إذَا اعْتَمَرَ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ , وَفِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ يُمْكِنُ حَلْقُ الرَّأسِ , فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ , وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ: إنْ شَاءَ اعْتَمَرَ فِي كُلِّ شَهْرٍ , وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ الِاعْتِمَارِ ,

وَأَقْوَالُ السَّلَفِ وَأَحْوَالُهُمْ تَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ , وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - وَأَصْحَابَهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمْ الْمُوَالَاةُ بَيْنَهُمَا , وَإِنَّمَا نُقِلَ عَنْهُمْ إنْكَارُ ذَلِكَ , وَالْحَقُّ فِي اتِّبَاعِهِمْ ,

وَقَدْ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - أَرْبَعَ عُمَرَ فِي أَرْبَعِ سُفُرَاتٍ , لَمْ يَزِدْ فِي كُلِّ سُفْرَةٍ عَلَى عُمْرَةٍ وَاحِدَةٍ , وَلَا أَحَدٌ مِمَّنْ مَعَهُ , وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ جَمَعَ بَيْنَ عُمْرَتَيْنِ فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ مَعَهُ , إلَّا عَائِشَةَ حِينَ حَاضَتْ فَأَعْمَرَهَا مِنْ التَّنْعِيمِ ; لِأَنَّهَا اعْتَقَدَتْ أَنَّ عُمْرَةَ قِرَانِهَا بَطَلَتْ , وَلِهَذَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ , يَرْجِعُ النَّاسُ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ , وَأَرْجِعُ أَنَا بِحَجَّةٍ؟ فَأَعْمَرَهَا لِذَلِكَ , وَلَوْ كَانَ فِي هَذَا فَضْلٌ لَمَا اتَّفَقُوا عَلَى تَرْكِهِ. أ. هـ