للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَيْتَةُ الْبَحْر

قَالَ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} (١)

قَال الْبُخَارِيُّ ج٧ص٨٩: قَالَ عُمَرُ - رضي الله عنه -: صَيْدُهُ: مَا اصْطِيدَ , {وَطَعَامُهُ}: مَا رَمَى بِهِ. (٢)

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه -: الطَّافِي حَلَالٌ. (٣)

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: طَعَامُهُ: مَيْتَتُهُ، إِلَّا مَا قَذِرْتَ مِنْهَا، وَالجِرِّيُّ (٤) لَا تَأكُلُهُ اليَهُودُ، وَنَحْنُ نَأكُلُهُ.

وَقَالَ شُرَيْحٌ صَاحِبُ النَّبِيِّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: كُلُّ شَيْءٍ فِي البَحْرِ مَذْبُوحٌ.

وَقَالَ عَطَاءٌ: أَمَّا الطَّيْرُ , فَأَرَى أَنْ يَذْبَحَهُ.

وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: صَيْدُ الأَنْهَارِ وَقِلَاتِ السَّيْلِ (٥) أَصَيْدُ بَحْرٍ هُوَ؟ , قَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ تَلَا: {هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ , وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ , وَمِنْ كُلٍّ تَأكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا} (٦)

وَرَكِبَ الحَسَنُ - عليه السلام - عَلَى سَرْجٍ مِنْ جُلُودِ كِلَابِ المَاءِ.

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: لَوْ أَنَّ أَهْلِي أَكَلُوا الضَّفَادِعَ لَأَطْعَمْتُهُم (٧).

وَلَمْ يَرَ الحَسَنُ بِالسُّلَحْفَاةِ بَأسًا.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُلْ مِنْ صَيْدِ البَحْرِ , نَصْرَانِيٍّ , أَوْ يَهُودِيٍّ ,

أَوْ مَجُوسِيٍّ. (٨)

وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فِي المُرِي: ذَبَحَ الخَمْرَ النِّينَانُ وَالشَّمْسُ. (٩)


(١) [المائدة/٩٦]
(٢) وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّارِيخِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. فتح٥٤٩٣
(٣) وَصَلَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالطَّحَاوِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أبي بشير عَن عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ أَشْهَدُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ قَالَ السَّمَكَةُ الطَّافِيَةُ حَلَالٌ زَادَ الطَّحَاوِيُّ لِمَنْ أَرَادَ أَكْلَهُ. فتح٥٤٩٣
(٤) الجِرِّي: بِفَتْح الْجِيم , قَالَ ابن التِّينِ: وَفِي نُسْخَةٍ بِالْكَسْرِ , وَهُوَ ضَبْطُ الصِّحَاحِ , وَكَسْرِ الرَّاءِ الثَّقِيلَةِ , قَالَ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا الجريت وَهُوَ مَا لَا قِشْرَ لَهُ قَالَ وَقَالَ بن حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَا أَكْرَهُهُ لِأَنَّهُ يُقَالُ أَنه من الممسوخ وَقَالَ الْأَزْهَرِي الجريت نَوْعٌ مِنَ السَّمَكِ يُشْبِهُ الْحَيَّاتِ وَقِيلَ سَمَكٌ لَا قِشْرَ لَهُ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا الْمَرْمَاهِي وَالسِّلَّوْرُ مِثْلُهُ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ ضَرْبٌ مِنَ السَّمَكِ يُشْبِهُ الْحَيَّاتِ وَقَالَ غَيْرُهُ نَوْعٌ عَرِيضُ الْوَسَطِ دَقِيقُ الطَّرَفَيْنِ. فتح٥٤٩٣
(٥) قِلَاتٌ بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ وَآخِرُهُ مُثَنَّاةٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ مُثَلَّثَةٌ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ جَمْعُ قَلْتٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ مِثْلُ بَحْرٍ وَبِحَارٍ هُوَ النُّقْرَةُ فِي الصَّخْرَةِ يَسْتَنْقِعُ فِيهَا الْمَاءُ. فتح٥٤٩٣
(٦) [فاطر: ١٢]
(٧) قَالَ بن التِّينِ لَمْ يُبَيِّنِ الشَّعْبِيُّ هَلْ تُذَكَّى أَمْ لَا وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهَا تُؤْكَلُ بِغَيْرِ تَذْكِيَةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَلَ بَيْنَ مَا مَأوَاهُ الْمَاءُ وَغَيْرِهِ وَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ وَرِوَايَةٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ لَا بُدَّ مِنَ التَّذْكِيَةِ. فتح٥٤٩٣
(٨) وَهَذَا التَّعْلِيقُ وَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ كُلْ مَا أَلْقَى الْبَحْرُ وَمَا صِيدَ مِنْهُ صَادَهُ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَو مَجُوسِيّ , قَالَ بن التِّينِ مَفْهُومُهُ أَنَّ صَيْدَ الْبَحْرِ لَا يُؤْكَلُ إِنْ صَادَهُ غَيْرُ هَؤُلَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ قوم. فتح٥٤٩٣
(٩) قَالَ الْحَرْبِيُّ هَذَا مُرْيٌ يُعْمَلُ بِالشَّامِ يُؤْخَذُ الْخَمْرُ فَيُجْعَلُ فِيهِ الْمِلْحُ وَالسَّمَكُ وَيُوضَعُ فِي الشَّمْسِ فَيَتَغَيَّرُ عَنْ طَعْمِ الْخَمْرِ , وَالنِّينَانُ: جَمْعُ نُونٍ وَهُوَ الْحُوتُ.
ومعنى قوله: أن الشمس طهَّرت الخمر , وأذهبت خواصها , وكذلك السمك والملح , أزالا شدتها , وأثَّرا على ضراوتها وتخليلها , فأصبحت بذلك حلالا , كما أحل الذبح الذبيحة.
وَأَدْخَلَهُ الْبُخَارِيُّ فِي طَهَارَةِ صَيْدِ الْبَحْرِ يُرِيدُ أَنَّ السَّمَكَ طَاهِرٌ حَلَالٌ وَأَنَّ طَهَارَتَهُ وَحِلَّهُ يَتَعَدَّى إِلَى غَيْرِهِ كَالْمِلْحِ حَتَّى يَصِيرَ الْحَرَامُ النَّجِسُ بِإِضَافَتِهَا إِلَيْهِ طَاهِرًا حَلَالًا وَهَذَا رَأيُ مَنْ يُجَوِّزُ تَحْلِيلَ الْخَمْرِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الدَّرْدَاء وَجَمَاعَة , وَقَالَ بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ اسْتَعَارَ الذَّبْحَ لِلْإِحْلَالِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ كَمَا أَنَّ الذَّبْحَ يُحِلُّ أَكْلَ الْمَذْبُوحَةِ دُونَ الْمَيْتَةِ فَكَذَلِكَ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ إِذَا وُضِعَتْ فِي الْخَمْرِ قَامَتْ مَقَامَ الذَّبْحِ فَأَحَلَّتْهَا , وَقَالَ غَيْرُهُ مَعْنَى ذَبَحَتْهَا أَبْطَلَتْ فِعْلَهَا , عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ اجْتَنِبُوا الْخمر فَإِنَّهَا أم الْخَبَائِث قَالَ بن شِهَابٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنْ لَا خَيْرَ فِي الْخَمْرِ وَأَنَّهَا إِذَا أُفْسِدَتْ لَا خَيْرَ فِيهَا حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي يُفْسِدُهَا فيطيب حِينَئِذٍ الْخلّ قَالَ بن وهب وَسمعت مَالِكًا يَقُول سَمِعت بن شهَاب يسئل عَنْ خَمْرٍ جُعِلَتْ فِي قُلَّةٍ وَجُعِلَ مَعَهَا مِلْحٌ وَأَخْلَاطٌ كَثِيرَةٌ ثُمَّ تُجْعَلُ فِي الشَّمْسِ حَتَّى تعود مريا فَقَالَ بن شِهَابٍ شَهِدْتُ قَبِيصَةَ يَنْهَى أَنْ يُجْعَلَ الْخَمْرُ مُرْيًا إِذَا أُخِذَ وَهُوَ خَمْرٌ قُلْتُ وَقَبِيصَةُ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَأَبُوهُ صَحَابِيٌّ وَوُلِدَ هُوَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذُكِرَ فِي الصَّحَابَةِ لِذَلِكَ وَهَذَا يُعَارِضُ أَثَرَ أَبِي الدَّرْدَاءِ الْمَذْكُورَ وَيُفَسِّرُ الْمُرَادَ بِهِ. فتح٥٤٩٣