للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الْبَابُ الْعَاشِرُ: اَلسَّرِقَة

سَرِقَة اَلْجَائِع وَالْمُحْتَاج

(حم ك) , عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ قَالَ: أَقْبَلْتُ مَعَ سَادَاتِي نُرِيدُ الْهِجْرَةَ، حَتَّى إذَا دَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ تَرَكُونِي فِي ظُهُورِهِمْ وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ، فَأَصَابَتْنِي مَجَاعَةٌ شَدِيدَةٌ، فَقَالَ لِي بَعْضُ مَنْ مَرَّ بِي مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: لَوْ دَخَلْتَ بَعْضَ حَوَائِطِ الْمَدِينَةِ فَأَصَبْتَ مِنْ تَمْرِهَا، فَدَخَلْتُ حَائِطًا فَأَتَيْتُ نَخْلَةً فَقَطَعْتُ مِنْهَا قِنْوَيْنِ، فَإِذَا صَاحِبُ الْحَائِطِ , فَخَرَجَ بِي حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَنِي عَنْ أَمْرِي فَأَخْبَرْتُهُ [- وَعَلَيَّ ثَوْبَانِ -] (١) فَقَالَ: " أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ " , فَأَشَرْتُ إِلَى أَحَدِهِمَا، " فَأَمَرَنِي بِأَخْذِهِ، وَأَمَرَ صَاحِبَ الْحَائِطِ بِأَخْذِ الْآخَرِ، وَخَلَّى سَبِيلِي " (٢)


(١) (حم) ٢١٩٩٢ , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: حسن.
(٢) (ك) ٧١٨١ , (حم) ٢١٩٩٢ , (هق) ١٩٤٤٩ , انظر الصَّحِيحَة: ٢٥٨٠ ,
وقال الألباني: فيه دليل على جواز الأكل من مال الغير بغير إذنه عند الضرورة، مع وجوب البدل. أفاده البيهقي ,
وقال الشوكاني (٨/ ١٢٨): " فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَغْرِيمِ السَّارِقِ قِيمَةَ مَا أَخَذَهُ مِمَّا لَا يَجِبُ فِيهِ الْحَدُّ، وَعَلَى أَنَّ الْحَاجَةَ لَا تُبِيحُ الْإِقْدَامَ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ مَعَ وُجُودِ مَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ أَوْ بِقِيمَتِهِ وَلَوْ كَانَ مِمَّا تَدْعُو حَاجَةُ الْإِنْسَانِ إلَيْهِ، فَإِنَّهُ هُنَا أَخَذَ أَحَدَ ثَوْبَيْهِ وَدَفَعَهُ إلَى صَاحِبِ النَّخْلِ ".
ومن هنا يتبين خطأ الشيخ (فلان) في كتابه " النظام الاقتصادي في الإسلام "، فإنه أباح فيه (ص٢٠) للفرد إذا تعذر عليه العمل ولم تقم الجماعة الإسلامية بأوْده " أن يأخذ ما يقيم به أوده من أي مكان يجده، سواء كان ملك الأفراد أو ملك الدولة، ويكون ملكا حلالا له، ويجوز أن يحصل عليه بالقوة، وإذا أخذ الجائع طعاما يأكله أصبح هذا الطعام ملكا له "! ووجه الخطأ واضح جدا، وذلك من عدة نواح، أهمها معارضته للحديث، فإنه لم يُمَلِّك الجائع ما أخذه من الطعام ما دام يجد بدله.
ومنها أن المحتاج له طرق مشروعة لا بد له من سلوكها , كالاستقراض دون فائدة، وسؤال الناس ما يغنيه شرعا، ونحو ذلك من الوسائل الممكنة.
فما بال الشيخ - عفا الله عنه - صرف النظر عنها، وأباح للفرد أخذ المال بالقوة دون أن يشترط عليه سلوك هذه الطرق المشروعة؟! , ولست أشك أنه لو انتشر بين الناس رأي الشيخ هذا لأدى إلى مفاسد لَا يعلم عواقبها إِلَّا الله تعالى. أ. هـ