للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذِكْرُ اللهِ

(م) , عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ " (١)

الشَّرْح:

(يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ) أَيْ فِي كُلِّ أَوْقَاتِهِ مُتَطَهِّرًا وَمُحْدِثًا وَجُنُبًا وَقَائِمًا وَقَاعِدًا وَمُضْطَجِعًا وَمَاشِيًا

قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُكْرَهُ الذِّكْرُ فِي حَالَةِ الْجُلُوسِ عَلَى الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَفِي حَالَةِ الْجِمَاعِ فيكون الحديث مخصوصا بما سوى هذا الْأَحْوَالِ انْتَهَى مُلَخَّصًا

وَقَالَ فِي آخِرِ بَابِ التَّيَمُّمِ يُكْرَهُ لِلْقَاعِدِ عَلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى بِشَيْءٍ مِنَ الْأَذْكَارِ فَلَا يُسَبِّحُ وَلَا يُهَلِّلُ وَلَا يَرُدُّ السَّلَامَ وَلَا يُشَمِّتُ الْعَاطِسَ وَلَا يَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا عَطَسَ وَلَا يَقُولُ مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ وَكَذَلِكَ لَا يَأتِي بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَذْكَارِ فِي حَالِ الْجِمَاعِ وَإِذَا عَطَسَ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ يَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى فِي نَفْسِهِ وَلَا يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ كَرَاهَةِ الذِّكْرِ فِي حَالِ الْبَوْلِ وَالْجِمَاعِ هُوَ كَرَاهَةُ تَنْزِيَةٍ لَا تَحْرِيمٍ فَلَا إِثْمَ عَلَى فَاعِلِهِ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ الْكَلَامُ عَلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ بِأَيِّ نَوْعٍ كَانَ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَلَامِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا كُلِّهِ مَوْضِعُ الضَّرُورَةِ كَمَا إِذَا رأى ضريرا يكاد أَنْ يَقَعَ فِي بِيرٍ أَوْ رَأَى حَيَّةً أَوْ عَقْرَبًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ يَقْصِدُ إِنْسَانًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ بَلْ هُوَ وَاجِبٌ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا مِنَ الْكَرَاهَةِ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ هو مذهبنا ومذهب الأكثرين وحكاه بن المنذر عن بن عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَمَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ وَعِكْرِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهم وحكى عن ابراهيم النخعي وبن سيرين أنهما قالا بَأسَ بِهِ انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ. تحفة٣٣٨٤

فَوائِدُ الْحَدِيث:

فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ لَا يَمْنَعُهُ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَهُوَ أَفْضَلُ الذِّكْرِ كَانَ جَوَازُ مَا عَدَاهُ مِنَ الْأَذْكَارِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى وَكَذَلِكَ حَدِيثُ عَائِشَةَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ مُشْعِرٌ بِوُقُوعِ الذِّكْرِ مِنْهُ حَالَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْيَانِ الْمَذْكُورَةِ

وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا الْبَابِ وَالْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ بِاسْتِحْبَابِ الطَّهَارَةِ لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالرُّخْصَةِ فِي تَرْكِهَا. عون٩

قال الألباني في الإرواء تحت حديث ٤٨٥: وقوله - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: (إني كرهت أن أذكر الله إِلَّا على طهر أو قال: على طهارة) صريح في كراهة قراءة الجنب , لأن الحديث ورد في السلام كما رواه أبو داود وغيره بسند صحيح , فالقرآن أولى من السلام كما هو ظاهر , والكراهة لَا تُنافي الجواز كما هو معروف , فالقول بها لهذا الحديث الصحيح واجب , وهو أعدل الأقوال إن شاء الله تعالى. أ. هـ


(١) (م) ١١٧ - (٣٧٣) , (خم) ج١ص٦٨ , (ت) ٣٣٨٤ , (د) ١٨ , (جة) ٣٠٢