للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الاشْتِغَالُ بِالْعِبَادَةِ وَذِكْرِ اللهِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ فِي الصِّيَام

قَالَ تَعَالَى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} (١)

(س جة حم) , وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: (دَخَلَ رَمَضَانُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -:) (٢) (" هَذَا رَمَضَانُ قَدْ جَاءَكُمْ) (٣) (شَهْرٌ مُبَارَكٌ , فَرَضَ اللهُ - عزَّ وجل - عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ) (٤) (إِذَا كَانَتْ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ (٥) الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ (٦) وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ , فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ , وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ , فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ , وَنَادَى مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ (٧) أَقْبِلْ (٨) وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ (٩) وَللهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ , وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ (١٠)) (١١) (حَتَّى يَنْقَضِيَ رَمَضَانُ) (١٢) (وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ ") (١٣)


(١) [البقرة/١٨٥]
(٢) (جة) ١٦٤٤
(٣) (س) ٢١٠٣ , (حم) ١٣٤٩٩
(٤) (س) ٢١٠٦
(٥) صُفِّدَتْ: قُيِّدَتْ بالسلاسل والأغلال.
(٦) (مَرَدَةُ الْجِنِّ): جَمْعُ مَارِدٍ , وَهُوَ الْمُتَجَرِّدُ لِلشَّرِّ، وَمِنْهُ الْأَمْرَدُ , لِتَجَرُّدِهِ مِنْ الشَّعْرِ.
وَقِيلَ: الْحِكْمَةُ فِي تَقْيِيدِ الشَّيَاطِينِ وَتَصْفِيدِهِمْ , كَيْ لَا يُوَسْوِسُوا فِي الصَّائِمِينَ , وَأَمَارَةُ ذَلِكَ تَنَزُّهُ أَكْثَرِ الْمُنْهَمِكِينَ فِي الطُّغْيَانِ عَنْ الْمَعَاصِي وَرُجُوعِهِمْ بِالتَّوْبَةِ إِلَى اللهِ تَعَالَى.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ نَرَى الشُّرُورَ وَالْمَعَاصِيَ وَاقِعَةً فِي رَمَضَانَ كَثِيرًا؟ , فَلَوْ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ.
فَالْجَوَابُ: أَنَّهَا إِنَّمَا تَقِلُّ عَنْ الصَّائِمِينَ الصَّوْمَ الَّذِي حُوفِظَ عَلَى شُرُوطِهِ وَرُوعِيَتْ آدَابُهُ.
أَوْ الْمُصَفَّدُ بَعْضُ الشَّيَاطِين , وَهُمْ الْمَرَدَةُ , لَا كُلُّهُمْ , وَهَذَا أَمْرٌ مَحْسُوسٌ فَإِنَّ وُقُوعَ ذَلِكَ فِيهِ أَقَلُّ مِنْ غَيْرِهِ , إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَصْفِيدِ جَمِيعِهِمْ أَنْ لَا يَقَعَ شَرٌّ وَلَا مَعْصِيَةٌ , لِأَنَّ لِذَلِكَ أَسْبَابًا غَيْرَ الشَّيَاطِينِ , كَالنُّفُوسِ الْخَبِيثَةِ , وَالْعَادَاتِ الْقَبِيحَةِ , وَالشَّيَاطِينِ الْإِنْسِيَّةِ. تحفة الأحوذي (٢/ ٢١٩)
(٧) أَيْ: يَا طَالِبَ الْعَمَلِ وَالثَّوَابِ.
(٨) أَيْ: أَقْبِلْ إِلَى اللهِ وَطَاعَتِهِ بِزِيَادَةِ الِاجْتِهَادِ فِي عِبَادَتِهِ , وَهُوَ أَمْرٌ مِنْ الْإِقْبَالِ , أَيْ: تَعَالَ , فَإِنَّ هَذَا أَوَانُك , فَإِنَّكَ تُعْطَى الثَّوَابَ الْجَزِيلَ بِالْعَمَلِ الْقَلِيلِ. تحفة الأحوذي - (ج ٢ / ص ٢١٩)
(٩) أَيْ: أَمْسِكْ وَتُبْ , فَإِنَّهُ أَوَانُ قَبُولِ التَّوْبَة. حاشية السندي على ابن ماجه - (ج ٣ / ص ٤١٥)
(١٠) أَيْ: فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي رَمَضَانَ. تحفة الأحوذي (٢/ ٢١٩)
(١١) (جة) ١٦٤٢ , (ت) ٦٨٢ , (خ) ٣١٠٣ , (م) ١ - (١٠٧٩) , (س) ٢٠٩٧
(١٢) (حم) ٢٣٥٣٨ , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.
(١٣) (جة) ١٦٤٤ , (س) ٢١٠٦ , (حم) ٧١٤٨