(٢) (خ) ٢٦٠٨(٣) (خ) ٤٣٠٠(٤) (خ) ٢٦٠٨(٥) قال الحافظ في الفتح (١٢/ ٤٤٨): زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ وَجْه آخَر: " وَكَانَ اِبْن عَبَّاس إِذَا وَلِيَ رَضَخَ، وَإِذَا كَانَ فِي الْمَال قِلَّة , اِعْتَذَرَ إِلَيْهِمْ، فَذَلِكَ الْقَوْلُ بِالْمَعْرُوفِ ".وَعِنْد الْحَاكِم مِنْ طَرِيق عَمْرو بْن أَبِي قَيْس فِي هَذِهِ الْآيَة قَالَ: " تَرْضَخ لَهُمْ , وَإِنْ كَانَ فِي الْمَال تَقْصِير , اِعْتَذَرَ إِلَيْهِمْ ".وَجَاءَتْ عَنْ اِبْن عَبَّاس رِوَايَات مِنْ أَوْجُهٍ ضَعِيفَة عِنْد اِبْن أَبِي حَاتِم وَابْن مَرْدَوْيهِ أَنَّهَا مَنْسُوخَة، نَسَخَتْهَا آيَة الْمِيرَاث , وَصَحَّ ذَلِكَ عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب، وَهُوَ قَوْل الْقَاسِم بْن مُحَمَّد , وَعِكْرِمَة , وَغَيْر وَاحِد، وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَأَصْحَابهمْ.وَجَاءَ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْلٌ آخَر أَخْرَجَهُ عَبْد الرَّزَّاق بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد " أَنَّ عَبْد الله بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر قَسَمَ مِيرَاث أَبِيهِ عَبْد الرَّحْمَن فِي حَيَاة عَائِشَة، فَلَمْ يَدَع فِي الدَّار ذَا قَرَابَة وَلَا مِسْكِينًا إِلَّا أَعْطَاهُ مِنْ مِيرَاث أَبِيهِ , وَتَلَا الْآيَة , قَالَ الْقَاسِم: فَذَكَرْتُهُ لِابْنِ عَبَّاس , فَقَالَ: مَا أَصَابَ، لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ، إِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى الْوَصِيّ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْعَصَبَة , أَيْ: نُدِبَ لِلْمَيِّتِ أَنْ يُوصِي لَهُمْ.قُلْت: وَهَذَا لَا يُنَافِي حَدِيثَ الْبَاب، وَهُوَ أَنَّ الْآيَةَ مُحْكَمَة وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ , وَقِيلَ: مَعْنَى الْآيَة: وَإِذَا حَضَرَ قِسْمَةَ الْمِيرَاث قَرَابَةُ الْمَيِّت مِمَّنْ لَا يَرِث , وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين , فَإِنَّ نُفُوسهمْ تَتَشَوَّف إِلَى أَخْذ شَيْء مِنْهُ، وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ جَزِيلًا , فَأَمَرَ اللهُ سُبْحَانه أَنْ يُرْضَخَ لَهُمْ بِشَيْءٍ عَلَى سَبِيل الْبِرّ وَالْإِحْسَان.وَاخْتَلَفَ مَنْ قَالَ بِذَلِكَ , هَلْ الْأَمْر فِيهِ عَلَى النَّدْب أَوْ الْوُجُوب؟ ,فَقَالَ مُجَاهِد وَطَائِفَة: هِيَ عَلَى الْوُجُوب , وَهُوَ قَوْل اِبْن حَزْم , أَنَّ عَلَى الْوَارِث أَنْ يُعْطِي هَذِهِ الْأَصْنَاف مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسه.وَنَقَلَ ابْن الْجَوْزِيّ عَنْ أَكْثَر أَهْل الْعِلْم أَنَّ الْمُرَاد بِأُولِي الْقَرَابَة: مَنْ لَا يَرِث، وَأَنَّ مَعْنَى {فَارْزُقُوهُمْ}: أَعْطُوهُمْ مِنْ الْمَال.وَقَالَ آخَرُونَ: أَطْعِمُوهُمْ، وَأَنَّ ذَلِكَ عَلَى سَبِيل الِاسْتِحْبَاب , وَهُوَ الْمُعْتَمَد، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى الْوُجُوب , لَاقْتَضَى اِسْتِحْقَاقًا فِي التَّرِكَة , وَمُشَارَكَة فِي الْمِيرَاث بِجِهَةٍ مَجْهُولَة , فَيُفْضِي إِلَى التَّنَازُع وَالتَّقَاطُع.وَعَلَى الْقَوْل بِالنَّدْبِ , فَقَدْ قِيلَ: يَفْعَل ذَلِكَ وَلِيّ الْمَحْجُور.وَقِيلَ: لَا , بَلْ يَقُول: لَيْسَ الْمَال لِي , وَإِنَّمَا هُوَ لِلْيَتِيمِ، وَأَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ: {وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} وَعَلَى هَذَا فَتَكُون الْوَاو فِي قَوْله: {وَقُولُوا} لِلتَّقْسِيمِ.وَعَنْ اِبْن سِيرِينَ وَطَائِفَة , أَنَّ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ: {فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ}: اِصْنَعُوا لَهُمْ طَعَامًا يَأكُلُونَهُ، وَأَنَّهَا عَلَى الْعُمُوم فِي مَال الْمَحْجُور وَغَيْره، وَاللهُ أَعْلَمُ. أ. هـ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute