للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كَيْفِيَّةُ الْإِفْرَادِ فِي الْحَجّ

(خ م) , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ الْقُرَشِيِّ (أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَالَ لَهُ: سَلْ لِي عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ عَنْ رَجُلٍ يُهِلُّ بِالْحَجِّ، فَإِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ أَيَحِلُّ أَمْ لَا؟، فَإِنْ قَالَ لَكَ: لَا يَحِلُّ، فَقُلْ لَهُ: إِنَّ رَجُلًا يَقُولُ ذَلِكَ , قَالَ: فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: لَا يَحِلُّ مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ إِلَّا بِالْحَجِّ، قُلْتُ: فَإِنَّ رَجُلًا كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ: قَالَ: بِئْسَ مَا قَالَ , فَتَصَدَّانِي (١) الرَّجُلُ فَسَأَلَنِي فَحَدَّثْتُهُ، فَقَالَ: فَقُلْ لَهُ: فَإِنَّ رَجُلًا كَانَ يُخْبِرُ أَنَّ رَسُول اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَمَا شَأنُ أَسْمَاءَ وَالزُّبَيْرِ قَدْ فَعَلَا ذَلِكَ؟، قَالَ: فَجِئْتُهُ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟، فَقُلْتُ: لَا أَدْرِي، قَالَ: فَمَا بَالُهُ لَا يَأتِينِي بِنَفْسِهِ يَسْأَلُنِي؟، أَظُنُّهُ عِرَاقِيًّا، فَقُلْتُ: لَا أَدْرِي، قَالَ: فَإِنَّهُ قَدْ كَذَبَ، " قَدْ حَجَّ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَة - رضي الله عنها - أَنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ) (٢) (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً " , ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، وفي رواية: (ثُمَّ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ) (٣) ثُمَّ عُمَرُ - رضي الله عنه - مِثْلُ ذَلِكَ، ثُمَّ حَجَّ عُثْمَانُ - رضي الله عنه - فَرَأَيْتُهُ أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، وفي رواية: (ثُمَّ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ) (٤) ثُمَّ مُعَاوِيَةُ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، ثُمَّ حَجَجْتُ مَعَ أَبِي الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، وفي رواية: (ثُمَّ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ) (٥) ثُمَّ رَأَيْتُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، وفي رواية: (ثُمَّ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ) (٦) ثُمَّ آخِرُ مَنْ رَأَيْتُ فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ - رضي الله عنهما - ثُمَّ لَمْ يَنْقُضْهَا) (٧) (بِعُمْرَةٍ، وَهَذَا ابْنُ عُمَرَ عِنْدَهُمْ أَفَلَا يَسْأَلُونَهُ؟، وَلَا أَحَدٌ مِمَّنْ مَضَى، مَا كَانُوا يَبْدَءُونَ بِشَيْءٍ حِينَ يَضَعُونَ أَقْدَامَهُمْ (٨) أَوَّلَ مِنْ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَا يَحِلُّونَ، وَقَدْ رَأَيْتُ أُمِّي وَخَالَتِي حِينَ تَقْدَمَانِ لَا تَبْدَآنِ بِشَيْءٍ أَوَّلَ مِنْ الْبَيْتِ , تَطُوفَانِ بِهِ) (٩) (ثُمَّ إِنَّهُمَا لَا تَحِلَّانِ , وَقَدْ أَخْبَرَتْنِي أُمِّي أَنَّهَا أَهَلَّتْ هِيَ , وَأُخْتُهَا , وَالزُّبَيْرُ , وَفُلَانٌ , وَفُلَانٌ بِعُمْرَةٍ، فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا (١٠)) (١١) (وَقَدْ كَذَبَ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ ذَلِكَ (١٢)) (١٣).


(١) أَيْ: تَعَرَّضَ لِي , وَالْأَشْهَر فِي اللُّغَة (تَصَدَّى لِي). شرح النووي على مسلم - (ج ٤ / ص ٣٣٨)
(٢) (م) ١٩٠ - (١٢٣٥) , (خ) ١٥٣٦
(٣) (م) ١٩٠ - (١٢٣٥)
(ثُمَّ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ) أَيْ: لَمْ يُغَيِّر الْحَجّ , وَلَمْ يَنْقُلهُ وَيَنْسَخهُ إِلَى غَيْره , لَا عَمْرَة وَلَا قِرَان. شرح النووي (ج ٤ / ص ٣٣٨)
(٤) (م) ١٩٠ - (١٢٣٥)
(٥) (م) ١٩٠ - (١٢٣٥)
(٦) (م) ١٩٠ - (١٢٣٥)
(٧) (خ) ١٥٦٠ , (م) ١٩٠ - (١٢٣٥)
(٨) قَوْله: (يَضَعُونَ أَقْدَامهمْ) أَيْ: يَصِلُونَ مَكَّة. شرح النووي على مسلم - (ج ٤ / ص ٣٣٨)
(٩) (م) ١٩٠ - (١٢٣٥) , (خ) ١٥٦٠
(١٠) قَوْلُهُ: (فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْن حَلُّوا) هَذَا مُتَأَوَّل عَنْ ظَاهِره , لِأَنَّ الرُّكْن هُوَ الْحَجَر الْأَسْوَد، وَمَسْحه يَكُون فِي أَوَّل الطَّوَاف، وَلَا يَحْصُل التَّحَلُّل بِمُجَرَّدِ مَسْحه بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَتَقْدِيره فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْن وَأَتَمُّوا طَوَافهمْ وَسَعْيهمْ وَحَلَقُوا أَوْ قَصَّرُوا أَحَلُّوا. وَلَا بُدّ مِنْ تَقْدِير هَذَا الْمَحْذُوف، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَحَلَّل قَبْل إِتْمَام الطَّوَاف. وَمَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور أَنَّهُ لَا بُدّ أَيْضًا مِنْ السَّعْي بَعْده، ثُمَّ الْحَلْق أَوْ التَّقْصِير،
وَشَذَّ بَعْض السَّلَف فَقَالَ: السَّعْي لَيْسَ بِوَاجِبٍ. وَلَا حُجَّة لِهَذَا الْقَائِل فِي هَذَا الْحَدِيث , لِأَنَّ ظَاهِره غَيْر مُرَاد بِالْإِجْمَاعِ , فَيَتَعَيَّن تَأوِيله كَمَا ذَكَرْنَا , لِيَكُونَ مُوَافِقًا لِبَاقِي الْأَحَادِيث , وَالله أَعْلَم. شرح النووي على مسلم - (ج ٤ / ص ٣٣٨)
(١١) (خ) ١٥٦٠ , (م) ١٩٠ - (١٢٣٥)
(١٢) الْمُرَاد بِالْمَاسِحِينَ مَنْ سِوَى عَائِشَة، وَإِلَّا فَعَائِشَة لَمْ تَمْسَح الرُّكْن قَبْل الْوُقُوف بِعَرَفَاتٍ فِي حَجَّة الْوَدَاع , بَلْ كَانَتْ قَارِنَة، وَمَنَعَهَا الْحَيْض مِنْ الطَّوَاف قَبْل يَوْم النَّحْر، وَهَكَذَا قَوْل أَسْمَاء (اِعْتَمَرْت أَنَا وَأُخْتِي عَائِشَة وَالزُّبَيْر وَفُلَان وَفُلَان، فَلَمَّا مَسَحْنَا الْبَيْت أَحْلَلْنَا ثُمَّ أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ)، الْمُرَاد بِهِ أَيْضًا مَنْ سِوَى عَائِشَة، وَهَكَذَا تَأَوَّلَهُ الْقَاضِي عِيَاض، وَالْمُرَاد الْإِخْبَار عَنْ حَجَّتهمْ مَعَ النَّبِيّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - حَجَّة الْوَدَاع عَلَى الصِّفَة الَّتِي ذُكِرَتْ فِي أَوَّل الْحَدِيث، وَكَانَ الْمَذْكُورُونَ سِوَى عَائِشَة مُحْرِمِينَ بِالْعُمْرَةِ، وَهِيَ عُمْرَة الْفَسْخ الَّتِي فَسَخُوا الْحَجّ إِلَيْهَا، وَإِنَّمَا لَمْ تُسْتَثْنَ عَائِشَة لِشُهْرَةِ قِصَّتهَا , قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: وَقِيلَ: يُحْتَمَل أَنَّ أَسْمَاء أَشَارَتْ إِلَى عُمْرَة عَائِشَة الَّتِي فَعَلَتْهَا بَعْد الْحَجّ مَعَ أَخِيهَا عَبْد الرَّحْمَن مِنْ التَّنْعِيم , قَالَ الْقَاضِي: وَأَمَّا قَوْل مَنْ قَالَ: يُحْتَمَل أَنَّهَا أَرَادَتْ فِي غَيْر حَجَّة الْوَدَاع فَخَطَأ , لِأَنَّ فِي الْحَدِيث التَّصْرِيح بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي حَجَّة الْوَدَاع , هَذَا كَلَام الْقَاضِي.
وَذَكَرَ مُسْلِم بَعْد هَذِهِ الرِّوَايَة رِوَايَة إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم، وَفِيهَا أَنَّ أَسْمَاء قَالَتْ: (خَرَجْنَا مُحْرِمِينَ فَقَالَ رَسُول الله - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْي فَلْيَقُمْ عَلَى إِحْرَامه، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْي فَلْيَحْلِلْ , فَلَمْ يَكُنْ مَعِي هَدْي فَحَلَلْت، وَكَانَ مَعَ الزُّبَيْر هَدْي فَلَمْ يَحِلّ) , فَهَذَا تَصْرِيح بِأَنَّ الزُّبَيْر لَمْ يَتَحَلَّل فِي حَجَّة الْوَدَاع قَبْل يَوْم النَّحْر، فَيَجِب اِسْتِثْنَاؤُهُ مَعَ عَائِشَة، أَوْ يَكُون إِحْرَامه بِالْعُمْرَةِ وَتَحَلُّله مِنْهَا فِي غَيْر حَجَّة الْوَدَاع. وَالله أَعْلَم. قال النووي: وكَأَنَ السَّائِلَ لِعُرْوَةَ إِنَّمَا سَأَلَهُ عَنْ نَسْخ الْحَجّ إِلَى الْعُمْرَة عَلَى مَذْهَب مَنْ رَأَى ذَلِكَ، وَاحْتَجَّ بِأَمْرِ النَّبِيّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - لَهُمْ بِذَلِكَ فِي حَجَّة الْوَدَاع، فَأَعْلَمَهُ عُرْوَة أَنَّ النَّبِيّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - لَمْ يَفْعَل ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، وَلَا مَنْ جَاءَ بَعْده. شرح النووي على مسلم - (ج ٤ / ص ٣٣٨)
(١٣) (م) ١٩٠ - (١٢٣٥)