للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْإِفَاضَةُ مِنْ عَرَفَاتٍ مَعَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مَعَ الْإِمَامِ إِلَى مُزْدَلِفَة

(د) , وَقَالَ جَابِرٌ - رضي الله عنه - فِي صِفَةِ حَجِّهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: (فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ , وَذَهَبَتْ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا حِينَ غَابَ الْقُرْصُ (١)) (٢)


(١) فِي هَذَا الْفَصْل مَسَائِل وَآدَاب لِلْوُقُوفِ مِنْهَا: أَنَّهُ إِذَا فَرَغَ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ عَجَّلَ الذَّهَاب إِلَى الْمَوْقِف , وَمِنْهَا أَنَّ الْوُقُوف رَاكِبًا أَفْضَل , وَفِيهِ خِلَاف بَيْن الْعُلَمَاء , وَفِي مَذْهَبنَا ثَلَاثَةُ أَقْوَال أَصَحّهَا أَنَّ الْوُقُوف رَاكِبًا أَفْضَل، وَالثَّانِي: غَيْر الرَّاكِب أَفْضَل، وَالثَّالِث: هُمَا سَوَاء.
وَمِنْهَا أَنَّهُ يُسْتَحَبّ أَنْ يَقِف عِنْد الصَّخَرَات الْمَذْكُورَات , وَهِيَ صَخَرَات مُفْتَرِشَات فِي أَسْفَل جَبَل الرَّحْمَة، وَهُوَ الْجَبَل الَّذِي بِوَسَطِ أَرْض عَرَفَات، فَهَذَا هُوَ الْمَوْقِف الْمُسْتَحَبّ، وَأَمَّا مَا اُشْتُهِرَ بَيْن الْعَوَامّ مِنْ الِاعْتِنَاء بِصُعُودِ الْجَبَل وَتَوَهُّمهمْ أَنَّهُ لَا يَصِحّ الْوُقُوف إِلَّا فِيهِ فَغَلَط، بَلْ الصَّوَاب جَوَاز الْوُقُوف فِي كُلّ جُزْء مِنْ أَرْض عَرَفَات، وَأَنَّ الْفَضِيلَة فِي مَوْقِف رَسُول الله - صلى اللهُ عليه وسلَّم - عِنْد الصَّخَرَات، فَإِنْ عَجَزَ فَلْيَقْرَبْ مِنْهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَان، وَمِنْهَا اِسْتِحْبَاب اِسْتِقْبَال الْكَعْبَة فِي الْوُقُوف، وَمِنْهَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَبْقَى فِي الْوُقُوف حَتَّى تَغْرُب الشَّمْس وَيَتَحَقَّق كَمَال غُرُوبهَا، ثُمَّ يُفِيض إِلَى مُزْدَلِفَة، فَلَوْ أَفَاضَ قَبْل غُرُوب الشَّمْس صَحَّ وُقُوفه وَحَجّه، وَيُجْبَر ذَلِكَ بِدَمٍ.
وَهَلْ الدَّم وَاجِب أَمْ مُسْتَحَبّ فِيهِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَصَحّهمَا أَنَّهُ سُنَّة، وَالثَّانِي وَاجِب، وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْجَمْع بَيْن اللَّيْل وَالنَّهَار وَاجِب عَلَى مَنْ وَقَفَ بِالنَّهَارِ أَمْ لَا. وَفِيهِ قَوْلَانِ أَصَحّهمَا سُنَّة، وَالثَّانِي وَاجِب.
وَأَمَّا وَقْت الْوُقُوف فَهُوَ مَا بَيْن زَوَال الشَّمْس يَوْم عَرَفَة وَطُلُوع الْفَجْر الثَّانِي يَوْم النَّحْر، فَمَنْ حَصَلَ بِعَرَفَاتٍ فِي جُزْء مِنْ هَذَا الزَّمَان صَحَّ وُقُوفه، وَمَنْ فَاتَهُ ذَلِكَ فَاتَهُ الْحَجّ. هَذَا مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَجَمَاهِير الْعُلَمَاء.
وَقَالَ مَالِك: لَا يَصِحّ الْوُقُوف فِي النَّهَار مُنْفَرِدًا، بَلْ لَا بُدّ مِنْ اللَّيْل وَحْده، فَإِنْ اِقْتَصَرَ عَلَى اللَّيْل كَفَاهُ وَإِنْ اِقْتَصَرَ عَلَى النَّهَار لَمْ يَصِحّ وُقُوفه , وَقَالَ أَحْمَد: يَدْخُل وَقْت الْوُقُوف مِنْ الْفَجْر يَوْم عَرَفَة، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ أَصْل الْوُقُوف رُكْن لَا يَصِحّ الْحَجّ إِلَّا بِهِ وَالله أَعْلَم. شرح النووي على مسلم - (ج ٤ / ص ٣١٢)
(٢) (د) ١٩٠٥ , (م) ١٤٧ - (١٢١٨) , (جة) ٣٠٧٤