للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَمْرُ الْجِنِّيِّ بِالْخُرُوج

(جة) , عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: لَمَّا اسْتَعْمَلَنِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الطَّائِفِ , جَعَلَ يَعْرِضُ لِي شَيْءٌ فِي صَلَاتِي, حَتَّى مَا أَدْرِي مَا أُصَلِّي , فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ رَحَلْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: " ابْنُ أَبِي الْعَاصِ؟ " , قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ , قَالَ: " مَا جَاءَ بِكَ؟ " , قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ , عَرَضَ لِي شَيْءٌ فِي صَلَوَاتِي حَتَّى مَا أَدْرِي مَا أُصَلِّي , قَالَ: " ذَاكَ الشَّيْطَانُ , ادْنُهْ " , فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَجَلَسْتُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيَّ , " فَضَرَبَ صَدْرِي بِيَدِهِ , وَتَفَلَ فِي فَمِي وَقَالَ: اخْرُجْ عَدُوَّ اللهِ , فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ , ثُمَّ قَالَ: الْحَقْ بِعَمَلِكَ " , قَالَ عُثْمَانُ: فَلَعَمْرِي مَا أَحْسِبُهُ خَالَطَنِي بَعْدُ. (١)

وفي رواية: فَمَا نَسِيتُ مِنْهُ (٢) شَيْئًا بَعْدُ أَحْبَبْتُ أَنْ أَذْكُرَهُ. (٣)

الشرح (٤)


(١) (جة) ٣٥٤٨ , (الآحاد والمثاني) ١٥٣١ , انظر الصَّحِيحَة: ٢٩١٨
(٢) أَيْ: من القرآن.
(٣) (طب) ٨٣٤٧
(٤) قال الألباني في الصحيحة: وفي الحديث دلالة صريحة على أن الشيطان قد يتلبس الإنسان ويدخل فيه , ولو كان مؤمنا صالحا، وفي ذلك أحاديث كثيرة، وقد كنتُ خرجتُ أحدها فيما تقدم برقم (٤٨٥) من حديث يعلى بن مرة قال: " سافرت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأيت منه شيئا عجبا .. " وفيه: " وأتته امرأة فقالت: إن ابني هذا به لَمَمٌ منذ سبع سنين يأخذه كل يوم مرتين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أَدْنِيه "، فأدنته منه، فتفل في فيه وقال: اخرج عدو الله! أنا رسول الله " , رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي، وهو منقطع , ثم خرجته من طرق أخرى عن يعلى , جوَّدَ المنذري أحدَها! , ثم ختمت التخريج بقولي: " وبالجملة فالحديث بهذه المتابعات جيد والله أعلم.
ولكنني من جانب آخر أُنكِر أشد الإنكار على الذين يستغلون هذه العقيدة، ويتخذون استحضار الجن ومخاطبتهم مهنة لمعالجة المجانين والمصابين بالصرع، ويتخذون في ذلك من الوسائل التي تزيد على مجرد تلاوة القرآن مما لم ينزِّل اللهُ به سلطانا، كالضرب الشديد الذي قد يترتب عليه أحيانا قتل المصاب كما وقع هنا في عمَّان، وفي مصر، مما صار حديث الجرائد والمجالس , لقد كان الذين يتولون القراءة على المصروعين أفرادا قليلين صالحين فيما مضى، فصاروا اليوم بالمئات، وفيهم بعض النسوة المتبرجات، فخرج الأمر عن كونه وسيلة شرعية لَا يقوم بها إِلَّا الأطباء عادة إلى أمور ووسائل أخرى لَا يعرفها الشرع ولا الطب معا، فهي عندي نوع من الدَّجَل والوساوس يوحي بها الشيطان إلى عدوه الإنسان {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} وهو نوع من الاستعاذة بالجن التي كان عليها المشركون في الجاهلية المذكورة في قوله تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} , فمن استعان بهم على فك سحر - زعموا - أو معرفة هوية الجني المتلبس بالإنسي , أذكر هو أم أنثى؟ , مسلم أم كافر؟ , وصدَّقَه المستعينُ به , ثم صدَّق هذا الحاضرون عنده، فقد شملهم جميعا وَعِيدُ قولِه - صلى الله عليه وسلم -: " من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد ".
وفي حديث آخر: " .. لم تُقْبَل له صلاة أربعين ليلة " , فينبغي الانتباه لهذا، فقد علمتُ أن كثيرا ممن ابتُلُوا بهذه المهنة هم من الغافلين عن هذه الحقيقة، فأنصحهم - إن استمروا في مهنتهم - أن لَا يزيدوا في مخاطبتهم على قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " اخرج عدو الله "، مُذَكِّرًا لهم بقوله تعالى {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} , والله المستعان , ولا حول ولا قوة إِلَّا بالله. أ. هـ