للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الآنِيَةُ النَّفِيسَةُ مِنْ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ

الآنِيَةُ النَّفِيسَةُ مِنْ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، نَفَاسَتُهَا إِمَّا لِذَاتِهَا (أَيْ مَادَّتِهَا) وَإِمَّا لِصَنْعَتِهَا:

أ - النَّفِيسَةُ لِذَاتِهَا:

الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ الأَصَحُّ فِي مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الأَوَانِي النَّفِيسَةِ، كَالْعَقِيقِ وَالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ، إِذْ لا يَلْزَمُ مِنْ نَفَاسَةِ هَذِهِ الأَشْيَاءِ وَأَمْثَالِهَا حُرْمَةُ اسْتِعْمَالِهَا؛ لأَنَّ الأَصْلَ الْحِلُّ فَيَبْقَى عَلَيْهِ. وَلا يَصِحُّ قِيَاسُهَا عَلَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لأَنَّ تَعَلُّقَ التَّحْرِيمِ بِالأَثْمَانِ (الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ)، الَّتِي هِيَ وَاقِعَةٌ فِي مَظِنَّةِ الْكَثْرَةِ فَلَمْ يَتَجَاوَزْهُ.

تبيين الحقائق (دار الكتاب الإسلامي-الطبعة الثانية-د. ت) ج٦ ص١١: قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (لا مِنْ رَصَاصٍ وَزُجَاجٍ وَبَلُّورٍ وَعَقِيقٍ) أَيْ لا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ الأَوَانِي مِنْ هَذِهِ الأَشْيَاءِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُكْرَهُ؛ لأَنَّهُ فِي مَعْنَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي التَّفَاخُرِ بِهِ. قُلْنَا: لا نُسَلِّمُ، وَلَئِنْ كَانَتْ عَادَتُهُمْ جَارِيَةً بِالتَّفَاخُرِ فِي غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَلَمْ تَكُنْ هَذِهِ الأَشْيَاءُ فِي مَعْنَاهُمَا فَامْتَنَعَ الإِلْحَاقُ بِهِمَا

المجموع (مكتبة الإرشاد-السعودية- ومكتبة المطيعي-د. ط-د. ت) ج١ ص٣٠٣ - ٣٠٩: هَلْ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الأَوَانِي مِنْ الْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ كَالْيَاقُوتِ وَالْفَيْرُوزَجِ وَالْعَقِيقِ وَالزُّمُرُّدِ وَهُوَ بِالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا وَالزَّبَرْجَدِ وَهُوَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْبَلُّورِ وَأَشْبَاهِهَا؟ فِيهِ قَوْلانِ أَصَحُّهُمَا بِاتِّفَاقِ الأَصْحَابِ الْجَوَازُ، وَهُوَ نَصُّهُ فِي الأُمِّ وَمُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَدَلِيلُ الْقَوْلَيْنِ مَذْكُورٌ فِي الْكِتَابِ، وَإِذَا قُلْنَا بِالأَصَحِّ: إنَّهُ لا يَحْرُمُ فَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَلَوْ اتَّخَذَ إنَاءً مِنْ هَذِهِ الْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُ قَالَ الْمَحَامِلِيُّ: إنْ قُلْنَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فَالاتِّخَاذُ أَوْلَى، وَإِلا فَكَاِتِّخَاذِ إنَاءِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فِي جَمِيعِ الأَحْكَامِ. قَالَ أَصْحَابُنَا: وَمَا كَانَتْ نَفَاسَتُهُ بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ لا لِجَوْهَرِهِ كَالزُّجَاجِ الْمَخْرُوطِ وَغَيْرِهِ لا يَحْرُمُ بِلا خِلافٍ، هَكَذَا صَرَّحُوا فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ بِأَنَّهُ لا خِلافَ فِيهِ، وَأَشَارَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إلَى وَجْهِ تَحْرِيمِهِ وَهُوَ غَلَطٌ، وَالصَّوَابُ مِنْ حَيْثُ الْمَذْهَبُ، وَالدَّلِيلُ الْجَزْمُ بِإِبَاحَتِهِ، وَنَقَلَ صَاحِبُ الشَّامِلِ الإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ أَصْحَابُنَا: وَكَذَا لَوْ اتَّخَذَ لِخَاتَمِهِ فَصًّا مِنْ جَوْهَرَةٍ مُثَمَّنَةٍ فَهُوَ مُبَاحٌ بِلا خِلافٍ، قَالَ أَصْحَابُنَا: وَكَذَا لا يُكْرَهُ لُبْسُ الْكَتَّانِ النَّفِيسِ وَالصُّوفِ وَنَحْوِهِ، قَالَ صَاحِبَا الْحَاوِي وَالْبَحْرِ: الإِنَاءُ الْمُتَّخَذُ مِنْ طِيبٍ رَفِيعٍ كَالْكَافُورِ الْمُرْتَفِعِ وَالْمَصَاعِدِ وَالْمَعْجُونِ مِنْ مِسْكٍ وَعَنْبَرٍ يَخْرُجُ فِيهِ وَجْهَانِ: (أَحَدُهُمَا): يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ لِحُصُولِ السَّرَفِ.

(وَالثَّانِي): لا، لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ أَكْثَرِ النَّاسِ لَهُ، قَالا: وَأَمَّا غَيْرُ الْمُرْتَفِعِ كَالصَّنْدَلِ وَالْمِسْكِ فَاسْتِعْمَالُهُ جَائِزٌ قَطْعًا.

(فَرْعٌ) قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْبِلَّوْرَ كَالْيَاقُوتِ وَأَنَّ فِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ الْقَوْلَيْنِ، وَقَدْ عَلَقَ فِي ذِهْنِ كَثِيرٍ مِنْ الْمُبْتَدَئِينَ وَشِبْهِهِمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ خَالَفَ الأَصْحَابَ فِي هَذَا، وَأَنَّهُمْ قَطَعُوا بِجَوَازِ اسْتِعْمَالِ إنَاءِ الْبِلَّوْرِ لأَنَّهُ كَالزُّجَاجِ، وَهَذَا الَّذِي عَلَقَ بِأَذْهَانِهِمْ وَهْمٌ فَاسِدٌ، بَلْ صَرَّحَ الْجُمْهُورُ بِجَرَيَانِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْبِلَّوْرِ، وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ شَيْخُ الأَصْحَابِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ، وَأَبُو عَلِيٍّ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّجْرِيدِ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ وَأَبُو الْعَبَّاسِ الْجُرْجَانِيُّ فِي كِتَابَيْهِ التَّحْرِيرِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّيْخُ نَصْرُ الْمَقْدِسِيُّ وَصَاحِبُ الْبَيَانِ وَآخَرُونَ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَصَاحِبُ الإِبَانَةِ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْوَجِيزِ وَصَاحِبُ التَّتِمَّةِ وَالتَّهْذِيبِ وَالرُّويَانِيُّ فِي كِتَابَيْهِ الْبَحْرِ وَالْحِلْيَةِ وَصَاحِبُ الْعُدَّةِ وَآخَرُونَ مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ، وَإِنَّمَا خَالَفَهُمْ صَاحِبُ الْحَاوِي فَقَطَعَ بِجَوَازِهِ، وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: أَلْحَقَ شَيْخِي الْبِلَّوْرَ بِالزُّجَاجِ، وَأَلْحَقَهُ الصَّيْدَلانِيُّ وَالْعِرَاقِيُّونَ بِالْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ فَيَكُونُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. فَحَصَلَ أَنَّ الْجُمْهُورَ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي الطَّرِيقَتَيْنِ، عَلَى طَرْدِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْبِلَّوْرِ، وَلَمْ يُخَالِفْ فِيهِ إلا صَاحِبُ الْحَاوِي وَالشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

حاشية الجمل (دار الفكر-د. ط-د. ت) ج١ ص٥١ - ٦٢: وَيَحِلُّ الإِنَاءُ النَّفِيسُ فِي ذَاتِهِ مِنْ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ كَيَاقُوتٍ أَيْ يَحِلُّ اسْتِعْمَالُهُ وَاِتِّخَاذُهُ فِي الأَظْهَرِ لِعَدَمِ وُرُودِ نَهْيٍ فِيهِ وَلانْتِفَاءِ ظُهُورِ مَعْنَى السَّرَفِ فِيهِ وَالْخُيَلاءِ نَعَمْ يُكْرَهُ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ لِلْخُيَلاءِ وَكَسْرِ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لا يَعْرِفُهُ إلا الْخَوَاصُّ وَمَحَلُّ الْخِلافِ فِي غَيْرِ فَصِّ الْخَاتَمِ أَمَّا هُوَ فَيَجُوزُ قَطْعًا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ إلا إنَاءً كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ إلَخْ) هَذَا لا يَشْمَلُهُ مَا تَقَدَّمَ لأَنَّ حُرْمَةَ اسْتِعْمَالِهِ لَيْسَتْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ طَاهِرٌ وَهَذَا الاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ حَيْثُ نَظَرَ إلَى الْحَيْثِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي كَلامِهِ.

المغني (مكتبة القاهرة-د. ط -١٣٨٨هـ ١٩٦٨م) ج١ ص٥٨ - ٥٩: فَأَمَّا سَائِرُ الآنِيَةِ فَمُبَاحٌ اتِّخَاذُهَا وَاسْتِعْمَالُهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ ثَمِينَةً، كَالْيَاقُوتِ وَالْبِلَّوْرِ وَالْعَقِيقِ وَالصُّفْرِ وَالْمَخْرُوطِ مِنْ الزُّجَاجِ، أَوْ غَيْرَ ثَمِينَةٍ، كَالْخَشَبِ وَالْخَزَفِ وَالْجُلُودِ. وَلا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ شَيْءٍ مِنْهَا فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، إلا أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَرِهَ الْوُضُوءَ فِي الصُّفْرِ وَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

وَاخْتَارَ ذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ الْمَقْدِسِيُّ؛ لأَنَّ الْمَاءَ يَتَغَيَّرُ فِيهَا، وَرُوِيَ أَنَّ الْمَلائِكَةَ تَكْرَهُ رِيحَ النُّحَاسِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: مَا كَانَ ثَمِينًا لِنَفَاسَةِ جَوْهَرِهِ فَهُوَ مُحَرَّمٌ؛ لأَنَّ تَحْرِيمَ الأَثْمَانِ تَنْبِيهٌ عَلَى تَحْرِيمِ مَا هُوَ أَعْلَى مِنْهُ؛ وَلأَنَّ فِيهِ سَرَفًا وَخُيَلاءَ وَكَسْرَ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ، فَكَانَ مُحَرَّمًا كَالأَثْمَانِ.

وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: " أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْرَجْنَا لَهُ مَاءً فِي تَوْرٍ مِنْ صُفْرٍ، فَتَوَضَّأَ. " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي " سُنَنِهِ "، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " كُنْت أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَوْرٍ مِنْ شَبَهٍ " وَلأَنَّ الأَصْلَ الْحِلُّ، فَيَبْقَى عَلَيْهِ، وَلا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى الأَثْمَانِ؛ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذَا لا يَعْرِفُهُ إلا خَوَاصُّ النَّاسِ، فَلا تَنْكَسِرُ قُلُوبُ الْفُقَرَاءِ بِاسْتِعْمَالِهِ، بِخِلافِ الأَثْمَانِ.

وَالثَّانِي أَنَّ هَذِهِ الْجَوَاهِرَ لِقِلَّتِهَا لا يَحْصُلُ اتِّخَاذُ الآنِيَةِ مِنْهَا إلا نَادِرًا، فَلا تُفْضِي إبَاحَتُهَا إلَى اتِّخَاذِهَا وَاسْتِعْمَالِهَا، وَتَعَلُّقُ التَّحْرِيمِ بِالأَثْمَانِ الَّتِي هِيَ وَاقِعَةٌ فِي مَظِنَّةِ الْكَثْرَةِ، فَلَمْ يَتَجَاوَزْهُ، كَمَا تَعَلَّقَ حُكْمُ التَّحْرِيمِ فِي اللِّبَاسِ بِالْحَرِيرِ، وَجَازَ اسْتِعْمَالُ الْقَصَبِ مِنْ الثِّيَابِ، وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى قِيمَةِ الْحَرِيرِ؛ وَلأَنَّهُ لَوْ "٥٩" جَعَلَ فَصَّ خَاتَمَهُ جَوْهَرَةً ثَمِينَةً جَازَ، وَخَاتَمُ الذَّهَبِ حَرَامٌ، وَلَوْ جَعَلَ فَصَّهُ ذَهَبًا كَانَ حَرَامًا، وَإِنْ قَلَّتْ قِيمَتُهُ.

المحلى (دار الكتب العلمية-بيروت-د. ط-د. ت) ج١ ص٤٢٧: ثُمَّ كُلُّ إنَاءٍ بَعْدَ هَذَا مِنْ صُفْرٍ أَوْ نُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ أَوْ قَزْدِيرٍ أَوْ بَلُّورٍ أَوْ زُمُرُّدٍ أَوْ يَاقُوتٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَمُبَاحٌ الأَكْلُ فِيهِ وَالشُّرْبُ وَالْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ فِيهِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} وقَوْله تَعَالَى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} وَقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِكَثْرَةِ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ " فَصَحَّ أَنَّ كُلَّ مَسْكُوتٍ عَنْ ذِكْرِهِ بِتَحْرِيمٍ أَوْ أَمْرٍ فَمُبَاحٌ.

وَقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ: إِنَّهُ لا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الأَوَانِي النَّفِيسَةِ، لَكِنَّ ذَلِكَ ضَعِيفٌ جِدًّا. وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.

شرح مختصر خليل للخرشي (دار الفكر-د. ط-د. ت) ج١ ص١٠٠ - ١٠١: وَأَمَّا إنَاءُ الْجَوْهَرِ فَالْقَوْلانِ فِيهِ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ لَكِنْ حَقُّهُ أَنْ يُعَبِّرَ فِي هَذَا الأَخِيرِ بِتَرَدُّدٍ؛ لأَنَّهُ تَرَدُّدٌ لِلْمُتَأَخِّرِينَ.

حاشية الدسوقي (دار الفكر-د. ط-د. ت) ج١ ص٦٤ - ٦٥: (قَوْلُهُ: وَفِي حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ إنَاءِ الْجَوْهَرِ) هَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا قَالَ شَيْخُنَا وَالْخِلافُ فِي إنَاءِ الْجَوْهَرِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلافِ فِي عِلَّةِ مَنْعِ اسْتِعْمَالِ أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَمَنْ رَأَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي مَنْعِ اسْتِعْمَالِهَا السَّرَفُ مُنِعَ فِي الْجَوْهَرِ مِنْ بَابٍ أَوْلَى وَمَنْ رَأَى أَنَّ الْمَنْعَ لأَجْلِ عَيْنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ أَجَازَ فِي الْجَوَاهِرِ.

ب - الآنِيَةُ النَّفِيسَةُ لِصَنْعَتِهَا:

النَّفِيسُ بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ، كَالزُّجَاجِ الْمَخْرُوطِ وَغَيْرِهِ لا يَحْرُمُ بِلا خِلافٍ.

وَذَلِكَ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمَجْمُوعِ، وَلَكِنْ نَقَلَ الأَذْرَعِيُّ أَنَّ صَاحِبَ الْبَيَانِ فِي زَوَائِدِهِ حَكَى الْخِلافَ أَيْضًا فِيمَا كَانَتْ نَفَاسَتُهُ بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ، وَقَالَ: إِنَّ الْجَوَازَ هُوَ الصَّحِيحُ. (١)


(١) فتح القدير ٨/ ٨٤، والشرح الصغير ١/ ٦٢ ط دار المعارف، والمجموع ١/ ٢٥٣، والمغني ١/ ٥٨ وما بعدها.