للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٢٨) نِكَاحُ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - بِلَفْظِ الْهِبَة

قَالَ تَعَالَى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} (١)

(خ م س جة حم) , عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ - رضي الله عنه - قَالَ: (ذُكِرَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - امْرَأَةٌ مِنْ الْعَرَبِ) (٢) (يُقَالُ لَهَا:) (٣) (عَمْرَةُ بِنْتُ الْجَوْنِ) (٤) (الْكِلَابِيَّةَ) (٥) (" فَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ - رضي الله عنه - أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهَا" فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَقَدِمَتْ) (٦) (وَمَعَهَا دَايَةٌ (٧) لَهَا (٨)) (٩) (فَأُنْزِلَتْ فِي بَيْتٍ فِي نَخْلٍ , فِي بَيْتِ أُمَيْمَةَ بِنْتِ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ) (١٠) وفي رواية: (فَنَزَلَتْ فِي أُجُمِ (١١) بَنِي سَاعِدَةَ) (١٢) فـ (خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى انْطَلَقْنَا إِلَى حَائِطٍ (١٣) يُقَالُ لَهُ: الشَّوْطُ , حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَائِطَيْنِ فَجَلَسْنَا بَيْنَهُمَا , فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " اجْلِسُوا هَهُنَا) (١٤) (فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: هَبِي نَفْسَكِ لِي " , قَالَتْ: وَهَلْ تَهَبُ الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ (١٥)؟ , قَالَ:" فَأَهْوَى بِيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا لِتَسْكُنَ ", فَقَالَتْ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ) (١٦) (فَقَالَ لَهَا: " لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ، الْحَقِي بِأَهْلِكِ) (١٧) (فَطَلَّقَهَا) (١٨) (ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ: يَا أَبَا أُسَيْدٍ اكْسُهَا رَازِقِيَّتَيْنِ (١٩) وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا ") (٢٠)

(فَقَالُوا: لَهَا أَتَدْرِينَ مَنْ هَذَا؟ , فَقَالَتْ: لَا , قَالُوا: هَذَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَ لِيَخْطَبَكِ , فَقَالَتْ: كُنْتُ أَنَا أَشْقَى مِنْ ذَلِكَ , " فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَئِذٍ حَتَّى جَلَسَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ , ثُمَّ قَالَ: اسْقِنَا يَا سَهْلُ " , فَخَرَجْتُ لَهُمْ بِهَذَا الْقَدَحِ , فَأَسْقَيْتُهُمْ فِيهِ) (٢١).


(١) [الأحزاب: ٥٠]
(٢) (خ) ٥٣١٤، (م) ٨٨ - (٢٠٠٧)
(٣) (حم) ١٦١٠٥ , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.
(٤) (جة) ٢٠٣٧، (طس) ٧٧٤٢
(٥) (س) ٣٤١٧
(٦) (خ) ٥٣١٤، (م) ٨٨ - (٢٠٠٧)
(٧) الدَّايَة: الْحَاضِنَة , والظِّئْر الْمُرْضِع. فتح الباري (ج ١٥ / ص ٨١)
(٨) وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ سَعْد: أَنَّ النُّعْمَانَ بْنَ الْجَوْنِ الْكِنْدِيِّ أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - مُسْلِمًا , فَقَالَ: أَلَا أُزَوِّجُكَ أَجْمَلَ أَيِّمٍ فِي الْعَرَب؟ , فَتَزَوَّجَهَا , وَبَعَثَ مَعَهُ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيّ، قَالَ أَبُو أُسَيْدٍ: فَأَنْزَلْتُهَا فِي بَنِي سَاعِدَة , فَدَخَلَ عَلَيْهَا نِسَاءُ الْحَيّ فَرِحِينَ بِهَا , وَخَرَجْنَ فَذَكَرْنَ مِنْ جَمَالهَا. فتح الباري (ج ١٥ / ص ٨١)
(٩) (حم) ١٦١٠٥
(١٠) (خ) ٤٩٥٦
(١١) الأُجُم: البناء المرتفع.
(١٢) (خ) ٥٣١٤، (م) ٨٨ - (٢٠٠٧)
(١٣) الْحَائِطُ: الْبُسْتَانُ مِنْ النَّخْلِ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ حَائِطٌ وَهُوَ الْجِدَارُ.
(١٤) (خ) ٥٢٥٧
(١٥) السُّوقَة: يُقَال لِلْوَاحِدِ مِنْ الرَّعِيَّةِ وَالْجَمْع، قِيلَ لَهُمْ ذَلِكَ , لِأَنَّ الْمَلِكَ يَسُوقُهُمْ , فَيُسَاقُونَ إِلَيْهِ , وَيَصْرِفُهُمْ عَلَى مُرَادِه.
وَقَالَ ابْن الْمُنيرِ: هَذَا مِنْ بَقِيَّةِ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ الْجَاهِلِيَّة، وَالسُّوقَةُ عِنْدهمْ: مَنْ لَيْسَ بِمَلِكٍ , كَائِنًا مَنْ كَانَ، فَكَأَنَّهَا اِسْتَبْعَدَتْ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمَلِكَةَ مَنْ لَيْسَ بِمَلِكٍ، وَكَانَ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ خُيِّرَ أَنْ يَكُون مَلِكًا نَبِيًّا , فَاخْتَارَ أَنْ يَكُون عَبْدًا نَبِيًّا , تَوَاضُعًا مِنْهُ - صلى الله عليه وسلم - لِرَبِّهِ , وَلَمْ يُؤَاخِذْهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِكَلَامِهَا مَعْذِرَةً لَهَا لِقُرْبِ عَهْدِهَا بِجَاهِلِيَّتِهَا.
وَقَالَ غَيْره: يَحْتَمِلُ أَنَّهَا لَمْ تَعْرِفْهُ - صلى الله عليه وسلم - فَخَاطَبَتْهُ بِذَلِكَ، وَسِيَاقُ الْقِصَّة مِنْ مَجْمُوعِ طُرُقهَا يَابَى هَذَا الِاحْتِمَال، نَعَمْ فِي أَوَاخِر كتاب الْأَشْرِبَة عند البخاري عَنْ سَهْل بْن سَعْد قَالَ: " ذُكِرَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - اِمْرَأَةٌ مِنْ الْعَرَب، فَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيّ أَنْ يُرْسِل إِلَيْهَا فَقَدِمَتْ، فَنَزَلَتْ فِي أُجُم بَنِي سَاعِدَة، فَخَرَجَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى جَاءَ بِهَا فَدَخَلَ عَلَيْهَا , فَإِذَا اِمْرَأَة مُنَكِّسَةٌ رَاسَهَا، فَلَمَّا كَلَّمَهَا قَالَتْ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْك، قَالَ: لَقَدْ أَعَذْتُك مِنِّي , فَقَالُوا لَهَا أَتَدْرِينَ مَنْ هَذَا؟ , هَذَا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - جَاءَ لِيَخْطِبك، قَالَتْ: كُنْت أَنَا أَشْقَى مِنْ ذَلِكَ " , فَإِنْ كَانَتْ الْقِصَّةُ وَاحِدَة , فَلَا يَكُونُ قَوْلُه فِي حَدِيث الْبَاب " أَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا " وَلَا قَوْله فِي حَدِيث عَائِشَة " اِلْحَقِي بِأَهْلِك " تَطْلِيقًا، وَيَتَعَيَّنُ أَنَّهَا لَمْ تَعْرِفْهُ , وَإِنْ كَانَتْ الْقِصَّةُ مُتَعَدِّدَةً - وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ - فَلَعَلَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ هِيَ الْكِلَابِيَّةَ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الِاضْطِرَاب , وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ سَعْد مِنْ طَرِيق سَعِيد بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبْزَى قَالَ: اِسْم الْجَوْنِيَّةِ: أَسْمَاء بِنْت النُّعْمَان بْن أَبِي الْجَوْن، قِيلَ لَهَا: اِسْتَعِيذِي مِنْهُ , فَإِنَّهُ أَحْظَى لَك عِنْدَه وَخُدِعَتْ لِمَا رُئِيَ مِنْ جَمَالهَا، وَذُكِرَ لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مَنْ حَمَلَهَا عَلَى مَا قَالَتْ , فَقَالَ: إِنَّهُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ وَكَيْدُهُنَّ , وَوَقَعَ عِنْدَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْن الْغَسِيل بِإِسْنَادِ حَدِيثِ الْبَاب " إِنَّ عَائِشَة وَحَفْصَة دَخَلَتَا عَلَيْهَا أَوَّل مَا قَدِمْتْ , فَمَشَّطَتَاهَا وَخَضَّبَتَاهَا، وَقَالَتْ لَهَا إِحْدَاهُمَا: إِنَّ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يُعْجِبُهُ مِنْ الْمَرْأَةِ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا أَنْ تَقُولَ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْك " , فَهَذِهِ تَتَنَزَّلُ قِصَّتهَا عَلَى حَدِيث أَبِي حَازِم عَنْ سَهْل بْن سَعْد. فتح الباري (ج ١٥ / ص ٨١)
(١٦) (خ) ٤٩٥٦
(١٧) (خ) ٤٩٥٥، (س) ٣٤١٧، (جة) ٢٠٥٠
(١٨) (جة) ٢٠٣٧
(١٩) الرَّازِقِيَّة: ثِيَابٌ مِنْ كَتَّانٍ بِيضٍ طِوَال , قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَة.
وَقَالَ غَيْرُه. يَكُونُ فِي دَاخِلِ بَيَاضِهَا زُرْقَة، وَالرَّازِقِيّ: الصَّفِيق.
قَالَ ابْن التِّين: مَتَّعَهَا بِذَلِكَ , إِمَّا وُجُوبًا , وَإِمَّا تَفَضُّلًا. فتح الباري (١٥/ ٨١)
(٢٠) (خ) ٤٩٥٦ , (حم) ١٦١٠٥
(٢١) (خ) ٥٣١٤، (م) ٨٨ - (٢٠٠٧)