مِنَ الْخَارِج مِنْ الْحَيَوَان النَّجِس: الدَّم
بداية المجتهد ونهاية المقتصد (دار الحديث - القاهرة-د. ط-١٤٢٥هـ- ٢٠٠٤ م) ج١ ص٨٦ - ٨٧: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ دَمَ الْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ نَجِسٌ .. وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي الدَّمِ الْقَلِيلِ مِنْ دَمِ الْحَيَوَانِ غَيْرِ الْبَحْرِيِّ، فَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّ قَلِيلَ الدِّمَاءِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ. وَقَالَ قَوْمٌ: بَلِ الْقَلِيلُ مِنْهَا وَالْكَثِيرُ حُكْمُهُ وَاحِدٌ، وَالأَوَّلُ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ.
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلافِهِمْ فِي كَثِيرِ الدَّمِ وَقَلِيلِهِ , فَسَبَبُهُ اخْتِلافُهُمْ فِي الْقَضَاءِ بِالْمُقَيَّدِ عَلَى الْمُطْلَقِ أَوْ بِالْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ وَرَدَ تَحْرِيمُ الدَّمِ مُطْلَقًا فِي قَوْله تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} وَوَرَدَ مُقَيَّدًا فِي قَوْله تَعَالَى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} إِلَى قَوْلِهِ: {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ}.
فَمَنْ قَضَى بِالْمُقَيَّدِ عَلَى الْمُطْلَقِ وَهُمُ الْجُمْهُورُ قَالَ: الْمَسْفُوحُ هُوَ النَّجِسُ الْمُحَرَّمُ فَقَطْ، وَمَنْ قَضَى بِالْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ ; لأَنَّ فِيهِ زِيَادَةً قَالَ: الْمَسْفُوحُ وَهُوَ الْكَثِيرُ، وَغَيْرُ الْمَسْفُوحِ وَهُوَ الْقَلِيلُ، كُلُّ ذَلِكَ حَرَامٌ، وَأَيَّدَ هَذَا بِأَنَّ كُلَّ مَا هُوَ نَجِسٌ لِعَيْنِهِ فَلا يَتَبَعَّضُ.
مواهب الجليل (دار الفكر-الطبعة الثالثة-١٤١٢هـ-١٩٩٢م) ج٣ ص٢٣٤: شَمِلَ قَوْلُهُ: وَالْمُحَرَّمُ النَّجِسُ الدَّمَ؛ لأَنَّهُ قَدَّمَ فِي فَصْلِ الطَّاهِرِ مَيِّتُ مَا لا دَمَ لَهُ أَنَّ الدَّمَ الْمَسْفُوحَ، وَلَوْ مِنْ سَمَكٍ وَذُبَابٍ نَجِسٌ وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَدَمُ مَا لا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ يَحْرُمُ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ. وَلَيْسَ أَعْلَى رُتْبَةً مِنْ لَحْمِهِ
ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لا يُعْفَى عَنِ الدَّمِ الْخَارِجِ مِنْ حَيَوَانٍ نَجِسٍ كَالْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ، وَيُضَمُّ مُتَفَرِّقٌ فِي ثَوْبٍ مِنْ دَمٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ فَحُشَ لَمْ يُعْفَ عَنْهُ، وَيُعْفَى عَنْ دَمِ بَقٍّ وَقَمْلٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا لا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً. (١)
(١) كشاف القناع ١/ ١٩٠، ١٩١.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute