للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَلَامَاتُ ظُهُورِ الدَّجَّال

(م ت د حم) , عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ - رضي الله عنها - قَالَتْ: (سَمِعْتُ نِدَاءَ مُنَادِي رَسُولِ اللهِ ? - صلى الله عليه وسلم - يُنَادِي: الصَلَاةُ جَامِعَةٌ , فَخَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ , فَصَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ? - صلى الله عليه وسلم - فَكُنْتُ فِي صَفِّ النِّسَاءِ الَّتِي تَلِي ظُهُورَ الْقَوْمِ , " فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَاتَهُ , جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقَالَ: لِيَلْزَمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُصَلَّاهُ (١) ثُمَّ قَالَ: هَلْ تَدْرُونَ لِمَ جَمَعْتُكُمْ؟ " , قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: " إِنِّي مَا وَاللهِ مَا جَمَعْتُكُمْ لِرَهْبَةٍ (٢) وَلَا رَغْبَةٍ (٣) وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ لِأَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ كَانَ رَجُلًا نَصْرَانِيًّا، فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ، وَحَدَّثَنِي حَدِيثًا وَافَقَ الَّذِي كُنْتُ حَدَّثْتُكُمْ عَنْ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، حَدَّثَنِي أَنَّهُ رَكِبَ فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ مَعَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامٍ (٤) فَلَعِبَ بِهِمْ الْمَوْجُ (٥) شَهْرًا فِي الْبَحْرِ ") (٦) وفي رواية: (" حَدَّثَنِي أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ فِلَسْطِينَ رَكِبُوا سَفِينَةً فِي الْبَحْرِ , فَجَالَتْ بِهِمْ) (٧) (ثُمَّ أَرْفَئُوا إِلَى جَزِيرَةٍ (٨) فِي الْبَحْرِ حَتَّى (٩) مَغْرِبِ الشَّمْسِ , فَجَلَسُوا فِي أَقْرُبِ (١٠) السَّفِينَةِ , فَدَخَلُوا الْجَزِيرَةَ يَلْتَمِسُونَ الْمَاءَ، (فَإِذَا بِامْرَأَةٍ تَجُرُّ شَعْرَهَا) (١١) وفي رواية: (فَلَقِيَتْهُمْ دَابَّةٌ أَهْلَبٌ (١٢) كَثِيرَةُ الشَّعْرِ، لَا يَدْرُونَ مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ) (١٣) وفي رواية: (لَا يُدْرَى ذَكَرٌ هُوَ أَمْ أُنْثَى لِكَثْرَةِ شَعْرِهِ) (١٤) (فَفَرِقُوا (١٥) مِنْهَا أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً، فَقَالُوا: وَيْلَكِ مَا أَنْتِ؟، قَالَتْ: أَنَا الْجَسَّاسَةُ فَقَالُوا: وَمَا الْجَسَّاسَةُ (١٦)؟ , قَالَتْ: أَيُّهَا الْقَوْمُ , انْطَلِقُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي هَذَا الدَّيْرِ (١٧) وفي رواية: (ذَلِكَ الْقَصْرِ) (١٨) فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالْأَشْوَاقِ، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا سِرَاعًا حَتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ , فَإِذَا فِيهِ أَعْظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ خَلْقًا قَطُّ، وفي رواية: (يَنْزُو (١٩) فِيمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) (٢٠) وَأَشَدُّهُ وِثَاقًا) (٢١) (يَجُرُّ شَعْرَهُ , مُسَلْسَلٌ فِي الْأَغْلَالِ) (٢٢) (مَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى كَعْبَيْهِ بِالْحَدِيدِ، مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ، فَقُلْنَا: مَنْ أَنْتَ؟، قَالَ: قَدْ قَدَرْتُمْ عَلَى خَبَرِي , فَأَخْبِرُونِي مَا أَنْتُمْ؟ , فَقُلْنَا: نَحْنُ أُنَاسٌ مِنْ الْعَرَبِ , رَكِبْنَا فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ , فَصَادَفْنَا الْبَحْرَ حِينَ اغْتَلَمَ (٢٣) فَلَعِبَ بِنَا الْمَوْجُ شَهْرًا ثُمَّ أَرْفَأنَا إِلَى جَزِيرَتِكَ هَذِهِ , فَجَلَسْنَا فِي أَقْرُبِهَا فَدَخَلْنَا الْجَزِيرَةَ , فَلَقِيَتْنَا دَابَّةٌ أَهْلَبٌ كَثِيرُةُ الشَّعَرِ , لَا يُدْرَى مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ , فَقُلْنَا: وَيْلَكِ مَا أَنْتِ؟ , فَقَالَتْ: أَنَا الْجَسَّاسَةُ , فَقُلْنَا: وَمَا الْجَسَّاسَةُ؟ , فَقَالَتْ: اعْمِدُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالْأَشْوَاقِ , فَأَقْبَلْنَا إِلَيْكَ سِرَاعًا , وَفَزِعْنَا مِنْهَا , وَلَمْ نَأمَنْ أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً , فَقَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ) (٢٤) (الَّذِي بَيْنَ الْأُرْدُنِّ وَفِلَسْطِينَ؟) (٢٥) (فَقُلْنَا: عَنْ أَيِّ شَأنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ , قَالَ: أَسْأَلُكُمْ عَنْ نَخْلِهَا هَلْ يُثْمِرُ؟ , فَقُلْنَا لَهُ: نَعَمْ , قَالَ: أَمَا إِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ لَا يُثْمِرُ , ثُمَّ قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ بُحَيْرَةِ الطَّبَرِيَّةِ؟ , قُلْنَا: عَنْ أَيِّ شَأنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ , قَالَ: هَلْ فِيهَا مَاءٌ؟ , فَقُلْنَا لَهُ: نَعَمْ , هِيَ كَثِيرَةُ الْمَاءِ , قَالَ: أَمَا إِنَّ مَاءَهَا يُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ , ثُمَّ قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ عَيْنِ زُغَرَ (٢٦)؟ , قُلْنَا: عَنْ أَيِّ شَأنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ , قَالَ: هَلْ فِي الْعَيْنِ مَاءٌ , وَهَلْ يَزْرَعُ أَهْلُهَا بِمَاءِ الْعَيْنِ؟ , فَقُلْنَا لَهُ: نَعَمْ , هِيَ كَثِيرَةُ الْمَاءِ , وَأَهْلُهَا يَزْرَعُونَ مِنْ مَائِهَا) (٢٧) (قَالَ: هَلْ خَرَجَ نَبِيُّ الْأُمِّيِّينَ؟، فَقُلْنَا: نَعَمْ) (٢٨) (قَالَ: مَا فَعَلَ؟ , فَقُلْنَا لَهُ: قَدْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ , وَنَزَلَ يَثْرِبَ, قَالَ: أَقَاتَلَهُ الْعَرَبُ؟ , فَقُلْنَا: نَعَمْ, قَالَ: كَيْفَ صَنَعَ بِهِمْ؟ , فَأَخْبَرْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ عَلَى مَنْ يَلِيهِ مِنْ الْعَرَبِ وَأَطَاعُوهُ , فَقَالَ لَنَا: قَدْ كَانَ ذَلِكَ؟ , قُلْنَا: نَعَمْ , قَالَ: أَمَا إِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ لَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ , وَإِنِّي مُخْبِرُكُمْ عَنِّي , إِنِّي أَنَا الْمَسِيحُ , وفي رواية: (أَنَا الدَّجَّالُ) (٢٩) وَإِنَّهُ يُوشَكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الْخُرُوجِ فَأَخْرُجَ , فَأَسِيرَ فِي الْأَرْضِ , فلَا أَدَعَ قَرْيَةً إِلَّا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً , غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ , فَهُمَا مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا, كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا, اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا (٣٠) يَصُدُّنِي عَنْهَا , وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلَائِكَةً يَحْرُسُونَهَا , قَالَتْ فَاطِمَةُ: " فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَطَعَنَ بِمِخْصَرَتِهِ (٣١) فِي الْمِنْبَرِ -) (٣٢) (أَبْشِرُوا يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ) (٣٣) (هَذِهِ طَيْبَةُ , هَذِهِ طَيْبَةُ , هَذِهِ طَيْبَةُ - يَعْنِي الْمَدِينَةَ - أَلَا هَلْ كُنْتُ حَدَّثْتُكُمْ ذَلِكَ؟ " , فَقَالَ النَّاسُ: نَعَمْ , قَالَ: " فَإِنَّهُ أَعْجَبَنِي حَدِيثُ تَمِيمٍ أَنَّهُ وَافَقَ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْهُ (٣٤) وَعَنْ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ , أَلَا إِنَّهُ فِي بَحْرِ الشَّامِ , أَوْ بَحْرِ الْيَمَنِ , لَا بَلْ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ , لَا بَلْ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ - وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ قِبَلَ الْمَشْرِقِ - ") (٣٥)

الشرح (٣٦)


(١) أَيْ: مَوْضِع صَلَاته فَلَا يَتَغَيَّر وَلَا يَتَقَدَّم وَلَا يَتَأَخَّر. عون المعبود (٩/ ٣٦٣)
(٢) أَيْ: لِخَوْفٍ مِنْ عَدُوّ. عون المعبود - (ج ٩ / ص ٣٦٣)
(٣) أَيْ: وَلَا لِأَمْرٍ مَرْغُوب فِيهِ مِنْ عَطَاء كَغَنِيمَةٍ. عون المعبود (٩/ ٣٦٣)
(٤) قبيلتان من قبائل اليمن.
(٥) أَيْ: دَار بِهِمْ، وَاللَّعِبُ فِي الْأَصْلِ مَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ مِنْ فِعْلٍ أَوْ قَوْل , فَاسْتُعِيرَ لِصَدِّ الْأَمْوَاجِ السُّفُنَ عَنْ صَوْبِ الْمَقْصِدِ , وَتَحْوِيلِهَا يَمِينًا وَشِمَالًا. عون المعبود (ج ٩ / ص ٣٦٣)
(٦) (م) ٢٩٤٢
(٧) (ت) ٢٢٥٣ , (حم) ٢٧١٤٦
(٨) أَيْ: اِلْتَجَئُوا إِلَيْهَا , ومَرْفَأ السُّفُن: الْمَوْضِعُ الَّذِي تُشَدُّ إِلَيْهِ , وَتُوقَف عِنْده. (فتح) - (ج ٢٠ / ص ١٣١)
(٩) وفي رواية (ثُمَّ أَرْفَئُوا إِلَى جَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ حَيْثُ مَغْرِبِ الشَّمْسِ) انظر السنن الواردة في الفتن (ج٢ ص٢٣٥) , وانظر (طب) ج٢٤ص٣٨٨ح٩٥٨
(١٠) (أَقْرُب): جَمْع قَارِب.
(١١) (د) ٤٣٢٥
(١٢) الْهُلْب: الشَّعْر، وَقِيلَ: مَا غَلُظَ مِنْ الشَّعْر، وَقِيلَ: مَا كَثُرَ مِنْ شَعْرِ الذَّنَب , وَإِنَّمَا ذَكَّرَهُ لِأَنَّ الدَّابَّةَ تُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى , لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا مِنْ دَابَّة فِي الْأَرْض} , وقَالَ النَّوَوِيّ: الْأَهْلَب: غَلِيظ الشَّعْرِ , كَثِيرُه. عون (ج٩ص٣٦٣)
(١٣) (م) ٢٩٤٢
(١٤) (حم) ٢٧١٤٦ , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.
(١٥) أي: خافوا.
(١٦) الْجَسَّاسَةُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَجَسُّسِهَا الْأَخْبَارَ لِلدَّجَّالِ. عون المعبود (٩/ ٣٦٣)
(١٧) أَيْ: دَيْر النَّصَارَى. عون المعبود - (ج ٩ / ص ٣٦٣)
(١٨) (د) ٤٣٢٥
(١٩) أَيْ: يَثِب وُثُوبًا. عون المعبود - (ج ٩ / ص ٣٦٣)
(٢٠) (د) ٤٣٢٥
(٢١) (م) ٢٩٤٢
(٢٢) (د) ٤٣٢٥
(٢٣) أَيْ: حين هاج.
(٢٤) (م) ٢٩٤٢
(٢٥) (ت) ٢٢٥٣
(٢٦) (عَيْن زُغَر): بَلْدَة مَعْرُوفَةٌ فِي الْجَانِبِ الْقِبْلِيِّ مِنْ الشَّامِ , قَلِيلَةُ النَّبَات. (النووي - ج ٩ / ص ٣٣٣)
قال ياقوت الحموي: حدثني الثقة أن زُغَر هذه في طَرَف البحيرة المنتنة (البحر الميت) في واد هناك , بينها وبين البيت المقدس ثلاثة أيام, وهي من ناحية الحجاز , ولهم هناك زروع , قال ابن عباس - رضي الله عنه -: لما هلك قوم لوط , مضى لوط - عليه السلام - وبناتُه يريدون الشام , فماتت الكُبَرى من بناته , وكان يقال لها: (رَيَّة) , فدُفنت عند عين هناك , فسميت باسمها: عين رَيّة , ثم ماتت بعد ذلك الصغرى , وكان اسمها: زُغَر , فدُفِنت عند عين , فسميت: عين زُغَر، وهذه في وادٍ وَخِمٍ رديءٍ , في أشأمِ بقعة , إنما يسكنه أهله لأجل الوطن , وقد يَهيجُ فيهم في بعض الأعوام مرض , فيُفني كلَّ من فيه أو أكثرهم. معجم البلدان (٢/ ٣٩٧)
(٢٧) (م) ٢٩٤٢
(٢٨) (د) ٤٣٢٥
(٢٩) (حم) ٢٧١٤٦ , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.
(٣٠) أَيْ: مَسْلُولًا. شرح النووي على مسلم - (ج ٩ / ص ٣٣٣)
(٣١) المِخصرة: ما يَختصِرُه الإنسانُ بيده فيُمسِكه من عصًا , أو عُكَّازةٍ , أو مِقْرَعَةٍ أو قضيب , وقد يتكئُ عليه.
(٣٢) (م) ٢٩٤٢
(٣٣) (حم) ٢٧١٤٦
(٣٤) أَيْ: عن الدجال.
(٣٥) (م) ٢٩٤٢ , (د) ٤٣٢٥
(٣٦) قال الألباني في قصة الدجال ص٨٢:
اعلم أن هذه القصة صحيحة , بل متواترة , لم ينفرد بها تميم الداري كما يظن بعض المُعَلِّقين على (النهاية) لابن كثير (ص٩٦ - طبعة الرياض) , فقد تابعه عليها أبو هريرة , وعائشة , وجابر كما يأتي (ص٨٣ و٨٧).
وقال في تمام المنة ص٧٩: قرأتُ منذ بضعة أيام كتاب: " الإسلام المصفَّى " تأليف محمد عبد الله السمان وهو - والحق يُقال - كتابٌ قيمٌ قد عالج فيه كثيرا من المسائل والقواعد التي تهمُّ المسلم في العصر الحاضر , ولكنه عفا الله عنه قد اشتط كثيرا في بعض ما تحدث عنه , ولم يكن الصواب فيه حليفه , مثل مسألة نزول عيسى , وخروج الدجال , والمهدي، فقد أنكر كل ذلك , وزعم أنها " ضلالات مصنوعة " , وأن الأحاديث التي وردت فيها أحاديث آحاد لم تبلغ حد التواتر.
ونحن نقول للأستاذ: تقسيمك أنت وغيرك - أيا كان - الأحاديثَ الصحيحةَ إلى قسمين , قسمٌ يجب على المسلم قبولها , ويلزمه العمل بها , وهي أحاديث الأحكام ونحوها , وقسمٌ لَا يجبُ عليه قبولها والاعتقاد بها , وهي أحاديث العقائد: وما يتعلق منها بالأمور الغيبية.
أقول: إن هذا تقسيمٌ مُبْتَدَعٌ , لَا أصل في كتاب الله , ولا في سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولا يعرفه السلف الصالح , بل عموم الأدلة الموجبة للعمل بالحديث تقتضي وجوبَ العمل بالقسميْن كِلَيْهما ولا فرق , فمن ادَّعى التخصيص , فليتفضل بالبينة مشكورا , وهيهات.
ثم أَلَّفْتُ رسالتين هامتين جدا في بيان بطلان التقسيم المذكور , الأولى: " وجوب الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة " , والأخرى: " الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام ". أ. هـ