ثم رأيت الطحاوي قد أخرج الحديث في " المشكل " من الوجه المذكور , وادعى نسخه! , وكذلك رواه عبد الرزاق في " المصنف " , وعنه الطبراني واعلم أن العلماء اختلفوا في شرطية المسجد للاعتكاف وَصِفته , كما تراه مبسوطا في " المصنفين " و" المحلى " وغيرهما , وليس في ذلك ما يصح الاحتجاج به سوى قوله تعالى: {وأنتم عاكفون في المساجد} , وهذا الحديث الصحيح , والآية عامة , والحديث خاص , ومقتضى الأصول أن يُحمل العام على الخاص , وعليه , فالحديث مخصِّص للآية , ومبين لها , وعليه يدل كلام حذيفة وحديثه , والآثار في ذلك مختلفة أيضا , فالأولى الأخذ بما وافق الحديث منها , كقول سعيد بن المسيب: لَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدِ نَبِيٍّ. أخرجه ابن أبي شيبة (٩٦٧٢) وابن حزم (ج٣ص٤٣٠) بسند صحيح عنه. وعلق عليه الشيخ (فلان) بعدما عزاه للبيهقي وسعيد بن منصور بقوله: " وقد انفرد حذيفة بتخصيص الاعتكاف في المساجد الثلاثة "! , وهذا يبطله قول ابن المسيب المذكور , فتنبه. على أن قوله هذا يوهم أن الحديث موقوف على حذيفة , وليس كذلك كما سبق تحقيقه , فلا تغتر بمن لَا غيرة له على حديث رسول الله - صلى اللهُ عليه وسلَّم - أن يخالَف , والله عزَّ وجل يقول: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ). أ. هـ