وقال الألباني في الصَّحِيحَة: واعلم أنه قد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " الفخذ عورة " وهو مخرج في " إرواء الغليل " (٦٦)، فقد يشكل هذا على بعض الناس فيدع العمل به لحديث (عثمان رجل حيي). وقال في الإرواء تحت حديث ٢٦٩: وعن أنس بن مالك " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزا خيبر فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس فركب النبي - صلى الله عليه وسلم - وركب أبو طلحة وأنا رديف أبي طلحة فأجرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في زقاق خيبر " وإن ركبتي لتمس فخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم حسر الإزار عن فخذه حتى إني أنظر إلى بياض فخذ نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فلما دخل القرية قال: الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المذرين الحديث أخرجه البخاري (١/ ١٠٥) ومسلم (٤/ ١٤٥، ٥/ ١٨٥) وأحمد (٣/ ١٠٢) إِلَّا أنهما قالا: " وانحسر " بدل " وحسر " قال الزيلعي في " نصب الراية " (٤/ ٢٤٥) عقب رواية مسلم: " قال النووي في الخلاصة: وهذه الرواية تبين رواية البخاري وأن المراد انحسر بغير اختياره لضرورة الاجراء انتهى " قلت: وأجاب عن ذلك الحافظ في " الدراية " بقوله (ص ٣٣٤): " قلت: لكن لَا فرق في نظري بين الروايتين من جهة أنه - صلى الله عليه وسلم - لَا يقر على ذلك لو كان حراما فاستوى الحال بين أن يكون حسره باختياره وانحسر بغير اختياره " , وهذا من الحافظ نظر دقيق , ويؤيده أن لَا تعارض بين الروايتين إذ الجمع بينهما ممكن بأن يقال: حسر النبي - صلى الله عليه وسلم - الثوب فانحسر. وقد جمع الشوكاني بين هذين الحديثين وبين الأحاديث المتقدمة في أن الفخذ عورة بأنهما حكاية حال لَا عموم لها أنظر " نيل الأوطار " (١/ ٢٦٢) , ولعل الأقرب ان يقال في الجمع بين الأحاديث: ما قاله ابن القيم في " تهذيب السنن " (٦/ ١٧): " وطريق الجمع بين هذه الأحاديث: ما ذكره غير واحد من أصحاب أحمد وغيرهم: أن العورة عورتان: مخففة ومغلظة , فالمغلظة السوأتان , والمخففة الفخذان. ولا تنافي بين الأمر بغض البصر عن الفخذين لكونهما عورة وبين كشفهما لكونهما عورة مخففة، والله أعلم " قلت: وكأن الامام البخاري / أشار إلى هذا الجمع بقوله المتقدم: " وحديث أنس أسند وحديث جرهد أحوط " أ. هـ