للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جَمْعُ الصَّدَقَاتِ فِي الْمَسْجِد

(خ م ت حم) , وَعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: (كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - فِي صَدْرِ النَّهَارِ, فَجَاءَهُ نَاسٌ مِنْ الْأَعْرَابِ حُفَاةٌ عُرَاةٌ , مُجْتَابِي النِّمَارِ (١) مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ , كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ , " فَتَمَعَّرَ (٢) وَجْهُ رَسُولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنْ الْفَاقَةِ (٣) فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ (٤) فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ , فَصَلَّى الظُّهْرَ , ثُمَّ صَعِدَ مِنْبَرًا صَغِيرًا , فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ , ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ , فَإِنَّ اللهَ أَنْزَلَ فِي كِتَابِهِ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ , وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا , وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً , وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ , إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (٥)} (٦) وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ , وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ , وَاتَّقُوا اللهَ , إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (٧)) (٨) (ثُمَّ قَالَ: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَسَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (٩) (لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ تَرْجُمَانٌ (١٠)) (١١) (يُتَرْجِمُ لَهُ) (١٢) (وَلَا حِجَابٌ يَحْجُبُهُ) (١٣) (فَيَقُولُ لَهُ: أَلَمْ أُعْطِكَ مَالًا وَوَلَدًا؟ , وَأُفْضِلْ عَلَيْكَ؟ , فَيَقُولُ: بَلَى , فَيَقُولُ لَهُ: أَلَمْ أُرْسِلْ إِلَيْكَ رَسُولًا فَيُبَلِّغَكَ؟ , فَيَقُولُ: بَلَى) (١٤) (فَيَقُولُ: أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ سَمْعًا وَبَصَرًا؟ , فَيَقُولُ: بَلَى , فَيَقُولُ: أَيْنَ مَا قَدَّمْتَ لِنَفْسِكَ؟ فَيَنْظُرُ قُدَّامَهُ , وَبَعْدَهُ , وَعَنْ يَمِينِهِ , وَعَنْ شِمَالِهِ , فَلَا يَجِدُ شَيْئًا يَقِي بِهِ وَجْهَهُ حَرَّ جَهَنَّمَ (١٥)) (١٦) (إلَّا مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ) (١٧) (ثُمَّ يَنْظُرُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ , فَتَسْتَقْبِلُهُ النَّارُ (١٨)) (١٩) (ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: اتَّقُوا النَّارَ , ثُمَّ أَشَاحَ بِوَجْهِهِ (٢٠) ثُمَّ قَالَ: اتَّقُوا النَّارَ , ثُمَّ أَشَاحَ بِوَجْهِهِ , ثُمَّ قَالَ: اتَّقُوا النَّارَ , ثُمَّ أَشَاحَ بِوَجْهِهِ , حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا) (٢١) (ثُمَّ قَالَ: تَصَدَّقَ رَجُلٌ (٢٢) مِنْ دِينَارِهِ , مِنْ دِرْهَمِهِ مِنْ ثَوْبِهِ مِنْ صَاعِ بُرِّهِ (٢٣) مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ , حَتَّى قَالَ:) (٢٤) (مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَتِرَ مِنْ النَّارِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ (٢٥)) (٢٦) (فَإنْ لَمْ يَجِدْ شِقَّ تَمْرَةٍ) (٢٧) (فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ (٢٨)) (٢٩) (فَإِنِّي لَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الْفَاقَةَ , فَإِنَّ اللهَ نَاصِرُكُمْ وَمُعْطِيكُمْ) (٣٠) (فَأَبْطَئُوا عَنْهُ حَتَّى رُئِيَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ " , ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ جَاءَ بِصُرَّةٍ مِنْ وَرِقٍ (٣١) كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا , بَلْ قَدْ عَجَزَتْ , ثُمَّ جَاءَ آخَرُ , ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ , حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ , " حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - يَتَهَلَّلُ (٣٢) كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ (٣٣) ") (٣٤)


(١) النَّمِرة: كلُّ شَمْلَةٍ مُخَطَّطةٍ من مَآزِرِ وسراويلِ الأعراب، وجمعُها: نِمار, وقَوْله: مُجْتَابِي النِّمَار, أَيْ: خَرَقُوهَا وَقَوَّرُوا وَسَطَهَا. النووي (٣/ ٤٦١)
(٢) أَيْ: تَغَيَّرَ.
(٣) أي: الفقر.
(٤) لَعَلَّهُ دَخَلَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَجِدَ فِي الْبَيْتِ مَا يَدْفَعُ بِهِ فَاقَتهمْ , فَلَعَلَّهُ مَا وَجَدَ فَخَرَجَ. شرح سنن النسائي - (ج ٤ / ص ٤٠)
(٥) سَبَبُ قِرَاءَةِ هَذِهِ الْآيَة أَنَّهَا أَبْلَغُ فِي الْحَثِّ عَلَى الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ، وَلِمَا فِيهَا مِنْ تَأَكُّدِ الْحَقِّ , لِكَوْنِهِمْ إِخْوَةً. شرح النووي (ج ٣ / ص ٤٦١)
(٦) [النساء/١]
(٧) [الحشر/١٨]
(٨) (م) ١٠١٧
(٩) (خ) ٦٥٣٩
(١٠) أَيْ: مُفَسِّرٌ لِلْكَلَامِ بِلُغَةٍ عَنْ لُغَةٍ. تحفة الأحوذي (ج ٦ / ص ٢٠٥)
(١١) (خ) ٧٤٤٣
(١٢) (خ) ٣٤٠٠
(١٣) (خ) ٧٤٤٣
(١٤) (خ) ٣٤٠٠
(١٥) نَظَرُ الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ هُنَا كَالْمِثْلِ , لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مِنْ شَأنِهِ إِذَا دَهَمَهُ أَمْرٌ أَنْ يَلْتَفِتَ يَمِينًا وَشِمَالًا يَطْلُبُ الْغَوْثَ , وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ الِالْتِفَاتِ أَنَّهُ يَتَرَجَّى أَنْ يَجِدَ طَرِيقًا يَذْهَبُ فِيهَا لِيَحْصُلَ لَهُ النَّجَاةُ مِنْ النَّارِ , فَلَا يَرَى إِلَّا مَا يُفْضِي بِهِ إِلَى النَّارِ. فتح الباري (ج ١٨ / ص ٣٨٧)
(١٦) (ت) ٢٩٥٤
(١٧) (خ) ٧٥١٢
(١٨) وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ النَّارَ تَكُونُ فِي مَمَرِّهِ , فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَحِيدَ عَنْهَا , إِذْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْمُرُورِ عَلَى الصِّرَاطِ. فتح الباري (ج ١٨ / ص ٣٨٧)
(١٩) (ت) ٢٤١٥ , (خ) ٦٥٣٩
(٢٠) أَشَاحَ بِوَجْهِهِ عَنْ الشَّيْء: نَحَّاهُ عَنْهُ.
(٢١) (حم) ١٨٢٩٧ , (خ) ٦٥٣٩
(٢٢) أَصْلُهُ (لِيَتَصَدَّقْ) فهو صِيغَة مَاضٍ بِمَعْنَى الْأَمْرِ , ذُكِرَ بِصُورَةِ الْإِخْبَارِ مُبَالَغَةً. شرح سنن النسائي - (ج ٤ / ص ٤٠)
(٢٣) الْبُرّ: القمح.
(٢٤) (م) ١٠١٧
(٢٥) شِقُّ التمرة: نصفها , والمعنى: لا تَسْتَقِلُّوا من الصدقة شيئا.
(٢٦) (م) ١٠١٦ , (ت) ٢٤١٥ , (جة) ١٨٥ , (خ) ١٤١٣ , ٦٠٢٣
(٢٧) (هق) ٩٩١١ , (خ) ٦٠٢٣
(٢٨) الْمُرَاد بِالْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ هُنَا: أَنْ يَدُلُّ عَلَى هُدًى , أَوْ يُرَدَّ عَنْ رَدًى ,
أَوْ يُصْلِحَ بَيْنَ اِثْنَيْنِ , أَوْ يَفْصِلَ بَيْنَ مُتَنَازِعَيْنِ , أَوْ يَحُلَّ مُشْكِلًا , أَوْ يَكْشِفَ غَامِضًا , أَوْ يَدْفَعَ ثَائِرًا , أَوْ يُسَكِّنَ غَضَبًا. فتح الباري (١٨/ ٣٨٧)
(٢٩) (خ) ٦٠٢٣
(٣٠) (ت) ٢٩٥٤
(٣١) الوَرِق: الفِضَّة.
(٣٢) أَيْ: يَسْتَنِير فَرَحًا وَسُرُورًا. شرح النووي (ج ٣ / ص ٤٦١)
(٣٣) المُذْهَب: المَطْلي بِالذَّهَبِ , فَهَذَا أَبْلَغُ فِي وَصْفِ حُسْنِ الْوَجْهِ وَإِشْرَاقِه وَأَمَّا سَبَبُ سُرُورِه - صلى اللهُ عليه وسلَّم - فَفَرَحًا بِمُبَادَرَةِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى طَاعَةِ الله تَعَالَى، وَبَذْلِ أَمْوَالِهِمْ للهِ , وَامْتِثَالِ أَمْرِ رَسُولِ الله - صلى اللهُ عليه وسلَّم - وَلِدَفْعِ حَاجَةِ هَؤُلَاءِ الْمُحْتَاجِينَ , وَشَفَقَةِ الْمُسْلِمِينَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَتَعَاوُنِهِمْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى. النووي (ج٣ص ٤٦١)
(٣٤) (م) ١٠١٧