للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ الِاعْتِمَادُ عَلَى مَغْفِرَةِ اللهِ - عز وجل - مَعَ كَثْرَةِ الذُّنُوبِ وَقِلَّةِ العَمَلِ الصَّالِح (١)

قَالَ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ , وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ , يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا , وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} (٢)

وَقَالَ تَعَالَى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ (٣) يَأخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى (٤) وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا (٥) وَإِنْ يَأتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأخُذُوهُ , أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ} (٦)

وَقَالَ تَعَالَى: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً , قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْدًا , فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ , أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٧)} (٨)


(١) قال حسن بن الدَّايَةِ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي نُوَاسٍ وَهُوَ فِي مَرَضِ الموت , فقلت: عِظني , فأنشأ يقول:
تَحمَّلْ ما استطعتَ من الخطايا * فإنك لاقياً رباً غفورا
ستُبْصِرُ إن قَدِمتَ عليه عَفْواً * وتلقى سيِّداً مَلِكاً كبيرا
تَعَضُّ نَدَامَةً كَفَّيْكَ مِمَّا * تَرَكْتَ مَخَافَةَ النَّارِ الشُّرورا
البداية والنهاية ط إحياء التراث (١٠/ ٢٥٤)
(٢) [البقرة: ٨، ٩]
(٣) {وَرِثُوا الْكِتابَ} قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هُمُ الْيَهُودُ، وَرِثُوا كِتَابَ اللهِ , فَقَرَءُوهُ وَعَلِمُوهُ، وَخَالَفُوا حُكْمَهُ , وَأَتَوْا مَحَارِمَهُ مَعَ دِرَاسَتِهِمْ لَهُ , فَكَانَ هَذَا تَوْبِيخًا لَهُمْ وَتَقْرِيعًا. تفسير القرطبي (٧/ ٣١١)
(٤) الْعَرَضُ: مَتَاعُ الدُّنْيَا، بِفَتْحِ الرَّاءِ.
وَبِإِسْكَانِهَا: مَا كَانَ مِنَ الْمَالِ , سِوَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ.
وَالْإِشَارَةُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِلَى الرِّشَا وَالْمَكَاسِبِ الْخَبِيثَةِ. القرطبي (٧/ ٣١١)
(٥) قال القرطبي (٧/ ٣١١): ذَمَّهُمْ باغْتِرِارِهم في قِولِهِمْ: {سَيُغْفَرُ لَنا} , وَأَنَّهُمْ بِحَالٍ إِذَا أَمْكَنَتْهُمْ ثَانِيَةً ارْتَكَبُوهَا، فَقُطِعُوا بِاغْتِرَارِهِمْ بِالْمَغْفِرَةِ وَهُمْ مُصِرُّونَ، وَإِنَّمَا يَقُولُ: {سَيُغْفَرُ لَنَا} مَنْ أَقْلَعَ وَنَدِمَ.
قُلْتُ: وَهَذَا الْوَصْفُ الَّذِي ذَمَّ اللهُ تَعَالَى بِهِ هَؤُلَاءِ مَوْجُودٌ فِينَا. أ. هـ
(٦) [الأعراف: ١٦٩]
(٧) قلت: وإن كان سبب نزول هذه الآية في أهل الكتاب , فهذا لا يمنع من الاحتجاج بها على من يقولون: إن رحمة الله واسعة , وهم لا يُؤَدُّون ما افترضه الله عليهم , ولا يجتنبون كبائر ما نهاهم عنه , فالعبرة بعموم اللفظ , لا بخصوص السبب , وإنما ذكر الله لنا حال أهل الكتاب وما آلوا إليه , تنبيها لنا أن نفعل مثل ما فعلوا. ع
(٨) [البقرة: ٨٠]