للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَضْلُ صِيَامِ يَوْمٍ وَإِفْطَارُ يَوْم

(خ م) , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (" أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللهِ صِيَامُ دَاوُدَ - عليه السلام - كَانَ يَصُومُ يَوْمًا , وَيُفْطِرُ يَوْمًا , وَأَحَبُّ الصَلَاةِ إِلَى اللهِ صَلَاةُ دَاوُدَ , كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ , وَيَقُومُ ثُلُثَهُ , وَيَنَامُ سُدُسَهُ ") (١)

الشرح (٢)


(١) (خ) ٣٢٣٨ , (م) ١٨٩ - (١١٥٩) , (س) ١٦٣٠ , (حم) ٦٤٩١
(٢) قَالَ الْمُهَلَّب: كَانَ دَاوُدَ - عليه السلام - يُجِمُّ نَفْسَهُ بِنَوْمِ أَوَّلِ اللَّيْل , ثُمَّ يَقُومُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُنَادِي اللهُ فِيهِ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ سُؤْلَه، ثُمَّ يَسْتَدِرْكُ بِالنَّوْمِ مَا يَسْتَرِيحُ بِهِ مِنْ نَصَبِ الْقِيَامِ فِي بَقِيَّةِ اللَّيْل، وَهَذَا هُوَ النَّوْمُ عِنْدَ السَّحَرِ كَمَا تَرْجَمَ بِهِ الْمُصَنِّف , وَإِنَّمَا صَارَتْ هَذِهِ الطَّرِيقَةُ أَحَبَّ , مِنْ أَجْلِ الْأَخْذِ بِالرِّفْقِ لِلنَّفْسِ الَّتِي يُخْشَى مِنْهَا السَّآمَة، وَقَدْ قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: " إِنَّ اللهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا " , وَاللهُ أَحَبَّ أَنْ يُدِيمَ فَضْلَهُ وَيُوَالِيَ إِحْسَانَه، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ أَرْفَق , لِأَنَّ النَّوْمَ بَعْدَ الْقِيَامِ يُرِيحُ الْبَدَن , وَيُذْهِبُ ضَرَرَ السَّهَر , وَذُبُولَ الْجِسْم , بِخِلَافِ السَّهَرِ إِلَى الصَّبَاح.
وَفِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَة أَيْضًا: اِسْتِقْبَالُ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَأَذْكَارِ النَّهَارِ بِنَشَاطٍ وَإِقْبَال، وَأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى عَدَمِ الرِّيَاء , لِأَنَّ مَنْ نَامَ السُّدُسَ الْأَخِيرَ أَصْبَحَ ظَاهِرَ اللَّوْن , سَلِيمَ الْقُوَى , فَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى أَنْ يُخْفِي عَمَلَهُ الْمَاضِي عَلَى مَنْ يَرَاهُ , وقَوْل عَائِشَة - رضي الله عنها -: " مَا أَلْفَاهُ السَّحَرُ عِنْدِي إِلَّا نَائِمًا "، أَرَادَ الْبُخَارِيّ بِذَلِكَ بَيَانَ الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ: " وَيَنَامُ سُدُسَه " , أَيْ: السُّدُسَ الْأَخِير، وَكَأَنَّهُ قَالَ: يُوَافِقُ ذَلِكَ حَدِيثَ عَائِشَة , أَيْ: لَمْ يَجِئْ السَّحَرُ وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدِي , إِلَّا وَجَدَهُ نَائِمًا. (فتح الباري) (ج ١٠ / ص ٢١٧)