للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مِنْ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الصُّغْرَى قِتَالُ التُّرْك (١)

(خ م جة حم) , عَنْ عَمْرِو بْنِ تَغْلِبَ (٢) - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (" لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا التُّرْكَ) (٣) (خُوزًا وَكَرْمَانَ مِنْ الْأَعَاجِمِ (٤)) (٥) (صِغَارَ الْأَعْيُنِ) (٦) (كَأَنَّ أَعْيُنَهُمْ حَدَقُ الْجَرَادِ , عِرَاضَ الْوُجُوهِ) (٧) وفي رواية: (حُمْرَ الْوُجُوهِ , فُطْسَ الْأُنُوفِ) (٨) (وُجُوهَهُمْ مِثْلُ الْمَجَانِّ (٩) الْمُطْرَقَةُ (١٠) يَنْتَعِلُونَ الشَّعَرُ (١١) وَيَلْبَسُونَ الشَّعَرَ) (١٢) (وَيَتَّخِذُونَ الدَّرَقَ (١٣) حَتَّى يَرْبُطُوا خُيُولَهُمْ بِالنَّخْلِ) (١٤) (وَهُمْ أَهْلُ الْبَارِزِ (١٥) ") (١٦)


(١) اِخْتُلِفَ فِي أَصْلِ التُّرْكِ , فَقَالَ الْخَطَّابِيّ: هُمْ بَنُو قَنْطُورَاء , أَمَةٌ كَانْت لِإِبْرَاهِيمَ - عليه السلام - وَقَالَ وَهْبُ بْن مُنَبِّه: هُمْ بَنُو عَمِّ يَأجُوج وَمَأجُوج , لَمَّا بَنَى ذُو الْقَرْنَيْنِ السَّدَّ كَانَ بَعْضُ يَأجُوجَ وَمَأجُوج غَائِبِينَ , فَتُرِكُوا لَمْ يَدْخُلُوا مَعَ قَوْمِهِمْ , فَسُمُّوا التُّرْكَ. وقِيلَ: إِنَّ بِلَادَهُمْ مَا بَيْنِ مَشَارِقِ خُرَاسَان , إِلَى مَغَارِب الصِّين , وَشِمَالِ الْهِنْد إِلَى أَقْصَى الْمَعْمُور. فتح الباري (ج ١٠ / ص ٣٩٣)
قلت: الترك في ذلك الزمان اسم يُطلق على أهل شرق آسيا , ومنهم (التتار) الذين غزو بلاد المسلمين. ع
(٢) هو: عمرو بن تغلب النمري , ويقال العبدي الطبقة: ١ صحابي , الوفاة: بعد ٤٠ هـ روى له: (خ س جة)
(٣) (خ) ٢٧٧٠
(٤) اسْتُشْكِلَ الحديث , لِأَنَّ خُوزًا وَكَرْمَان لَيْسَا مِنْ بِلَاد التُّرْك، أَمَّا خُوز , فَمِنْ بِلَادِ الْأَهْوَاز , وَهِيَ مِنْ عِرَاقِ الْعَجَم. وَقِيلَ: الْخُوزُ صِنْفٌ مِنْ الْأَعَاجِم.
وَأَمَّا كَرْمَان , فَبَلْدَةٌ مَشْهُورَةٌ مِنْ بِلَادِ الْعَجَم أَيْضًا بَيْن خُرَاسَان , وَبَحْرِ الْهِنْد. فتح الباري (ج ١٠ / ص ٣٩٣)
(٥) (خ) ٣٣٩٥
(٦) (خ) ٢٧٧٠
(٧) (جة) ٤٠٩٩
(٨) (خ) ٣٣٩٥
(٩) جَمْعُ الْمِجَنّ , وَهُوَ التُّرْس. عون المعبود - (ج ٩ / ص ٣٤١)
(١٠) الْمُطْرَقَة: اِسْم مَفْعُولٍ مِنْ الْإِطْرَاقِ , وَهُوَ جَعْلُ الطِّرَاقِ - بِكَسْرِ الطَّاء - أَيْ: الْجِلْدِ عَلَى وَجْهِ التُّرْس.
قَالَ النَّوَوِيّ: مَعْنَاهُ تَشْبِيهُ وُجُوهِ التُّرْكِ فِي عَرْضِهَا وَنُتُوءِ وَجَنَاتِهَا بِالتُّرْسَةِ الْمُطْرَقَة. عون المعبود (ج٩ص ٣٤١)
(١١) أَيْ: أَنَّ نِعَالَهُمْ مِنْ الشَّعْر , بِأَنْ يَجْعَلُوا نِعَالَهُمْ مِنْ شَعْرٍ مَضْفُور.
وَزَعَمَ اِبْنُ دِحْيَةَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْقُنْدُسُ الَّذِي يَلْبَسُونَهُ، قَالَ: وَهُوَ جِلْدُ كَلْبِ الْمَاء. (فتح) - (ج ١٠ / ص ٣٩٣)
(١٢) (م) ٢٩١٢ , (خ) ٢٧٧٠
(١٣) (الدَّرَق) جمع دَرَقَة , أي: الحَجَفَة , وهي تُرْسٌ من جُلُودٍ , لَيسَ فِيهِ خَشَبٌ وَلَا عَقَب. لسان العرب (ج١٠ص٩٥)
(١٤) (حم) ١١٢٧٩ , (جة) ٤٠٩٩
(١٥) قَالَ الْقَابِسِيّ: مَعْنَاهُ الْبَارِزِينَ لِقِتَالِ أَهْلِ الْإِسْلَام، أَيْ: الظَّاهِرِينَ فِي بِرَازٍ مِنْ الْأَرْض. وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْم مِنْ طَرِيق إِبْرَاهِيم بْن بَشَّار , عَنْ سُفْيَان , وَقَالَ فِي آخِره: " قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: وَهُمْ هَذَا الْبَارِزُ , يَعْنِي: الْأَكْرَاد ".
وَقَالَ غَيْره: الْبَارِز: الدَّيْلَم , لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَسْكُنُونَ فِي بِرَازٍ مِنْ الْأَرْضِ أَوْ الْجِبَالِ وَهِيَ بَارِزَةٌ عَنْ وَجْهِ الْأَرْض.
وَقَدْ كَانَ مَشْهُورًا فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ حَدِيثُ " اُتْرُكُوا التُّرْكَ مَا تَرَكُوكُمْ " , وَرَوَى أَبُو يَعْلَى مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْن خَدِيج قَالَ: " كُنْتُ عِنْدَ مُعَاوِيَة , فَأَتَاهُ كِتَابُ عَامِلِهِ أَنَّهُ وَقَعَ بِالتُّرْكِ وَهَزَمَهُمْ، فَغَضَبَ مُعَاوِيَةُ مِنْ ذَلِكَ , ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ: لَا تُقَاتِلْهُمْ حَتَّى يَأتِيكَ أَمْرِي، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: إِنَّ التُّرْك تُجْلِي الْعَرَب حَتَّى تُلْحِقهَا بِمَنَابِتِ الشِّيح، قَالَ: فَأَنَا أَكْرَهُ قِتَالَهمْ لِذَلِكَ ".
وَقَاتَلَ الْمُسْلِمُونَ التُّرْكَ فِي خِلَافَةِ بَنِي أُمَيَّة، وَكَانَ مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مَسْدُودًا إِلَى أَنْ فُتِحَ ذَلِكَ شَيْئًا بَعْد شَيْء, وَكَثُرَ السَّبْيُ مِنْهُمْ, وَتَنَافَسَ الْمُلُوكُ فِيهِمْ لِمَا فِيهِمْ مِنْ الشِّدَّةِ وَالْبَأس , حَتَّى كَانَ أَكْثَرُ عَسْكَرِ الْمُعْتَصِمِ مِنْهُمْ، ثُمَّ غَلَبَ الْأَتْرَاكُ عَلَى الْمُلْك , فَقَتَلُوا اِبْنَةَ الْمُتَوَكِّل , ثُمَّ أَوْلَادَهُ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ , إِلَى أَنْ خَالَطَ الْمَمْلَكَةَ الدَّيْلَمُ، ثُمَّ كَانَ الْمُلُوكُ السَّامَانِيَّةُ مِنْ التُّرْكِ أَيْضًا , فَمَلَكُوا بِلَادَ الْعَجَم، ثُمَّ غَلَبَ عَلَى تِلْكَ الْمَمَالِكِ آلِ سُبُكْتُكِين , ثُمَّ آلُ سُلْجُوق , وَامْتَدَّتْ مَمْلَكَتُهُمْ إِلَى الْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَالرُّوم، ثُمَّ كَانَ بَقَايَا أَتْبَاعِهِمْ بِالشَّامِ, وَهُمْ آلُ زِنْكِي وَأَتْبَاعُ هَؤُلَاءِ , وَهُمْ بَيْتُ أَيُّوب، وَاسْتَكْثَرَ هَؤُلَاءِ أَيْضًا مِنْ التُّرْك , فَغَلَبُوهُمْ عَلَى الْمَمْلَكَةِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّة , وَالشَّامِيَّة , وَالْحِجَازِيَّة، وَخَرَجَ عَلَى آلِ سُلْجُوقَ فِي الْمِائَة الْخَامِسَة الغُزّ , فَخَرَّبُوا الْبِلَاد , وَفَتَكُوا فِي الْعِبَاد , ثُمَّ جَاءَتْ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى بِالطَّطَر, فَكَانَ خُرُوجُ جَنْكِز خَان بَعْدَ السِّتّمِائَةِ, فَأُسْعِرَتْ بِهِمْ الدُّنْيَا نَارًا , خُصُوصًا الْمَشْرِقُ بِأَسْرِهِ , حَتَّى لَمْ يَبْقَ بَلَدٌ مِنْهُ إلَّا دَخَلَهُ شَرُّهُمْ، ثُمَّ كَانَ خَرَابُ بَغْدَادَ , وَقَتْلُ الْخَلِيفَةِ الْمُسْتَعْصِمِ آخِرِ خُلَفَائِهِمْ عَلَى أَيْدِيهمْ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَسِتّمِائَةِ، ثُمَّ لَمْ تَزَلْ بَقَايَاهُمْ يَخْرُجُونَ إِلَى أَنْ كَانَ آخِرُهُمْ تَيْمُورْلَنْكْ , وَمَعْنَاهُ: الْأَعْرَج , فَطَرَقَ الدِّيَارَ الشَّامِيَّةَ وَعَاثَ فِيهَا، وَحَرَقَ دِمَشْقَ حَتَّى صَارَتْ خَاوِيَةً عَلَى عُرُوشِهَا، وَدَخَلَ الرُّومَ وَالْهِنْد , وَمَا بَيْن ذَلِكَ، وَطَالَتْ مُدَّتُهُ إِلَى أَنْ أَخَذَهُ الله , وَتَفَرَّقَ بَنُوهُ فِي الْبِلَاد.
وَظَهَرَ بِجَمِيعِ مَا أَوْرَدْتُهُ مِصْدَاقُ قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم - " إِنَّ بَنِي قَنْطُورَا أَوَّل مَنْ سَلَبَ أُمَّتِي مُلْكهمْ " وَهُوَ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَة، وَالْمُرَادُ بِبَنِي قَنْطُورَا: التُّرْك. فتح الباري لابن حجر (ج ١٠ / ص ٣٩٤)
(١٦) (خ) ٣٣٩٦ , انظر الصَّحِيحَة: ٢٤٢٩