للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَضْلُ صَدَقَةِ السِّرّ

قَالَ تَعَالَى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ , وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ , وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ , وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (١)

(خ م ت) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (" سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ (٢) يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلُ (٣) وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللهِ (٤) وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ (٥)) (٦) (إِذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ) (٧) (وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللهِ , اجْتَمَعَا عَلَيْهِ , وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ (٨) وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ (٩) فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللهَ , وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا , حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ (١٠) خَالِياً (١١) فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ (١٢) ") (١٣)


(١) [البقرة: ٢٧١]
(٢) إِضَافَةُ الظِّلِّ إِلَى اللهِ إِضَافَةُ تَشْرِيفٍ، لِيَحْصُلَ اِمْتِيَازُ هَذَا عَلَى غَيْرِه، كَمَا قِيلَ لِلْكَعْبَةِ: بَيْتُ اللهِ , مَعَ أَنَّ الْمَسَاجِدَ كُلَّهَا مِلْكُهُ.
وَالْمُرَاد: ظِلُّ عَرْشِهِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ سَلْمَانَ عِنْدَ سَعِيد بْن مَنْصُور بِإِسْنَادٍ حَسَن: " سَبْعَة يُظِلُّهُمْ اللهُ فِي ظِلِّ عَرْشِهِ" فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. فتح (٢/ ٤٨٥)
(٣) الْمُرَادُ بِهِ: صَاحِبُ الْوِلَايَةِ الْعُظْمَى، وَيَلْتَحِقُ بِهِ كُلُّ مَنْ وَلِيَ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ فَعَدَلَ فِيهِ، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَة مُسْلِم مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو رَفَعَهُ: " أَنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ , عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ , وَأَهْلِيهِمْ , وَمَا وُلُّوا ".
وَأَحْسَنُ مَا فُسِّرَ بِهِ " الْعَادِلُ " أَنَّهُ الَّذِي يَتَّبِعُ أَمْرَ اللهِ , بِوَضْعِ كُلِّ شَيْءٍ فِي مَوْضِعِهِ , مِنْ غَيْر إِفْرَاطٍ وَلَا تَفْرِيطٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الذِّكْرِ لِعُمُومِ النَّفْعِ بِهِ. فتح الباري (ج ٢ / ص ٤٨٥)
(٤) خَصَّ الشَّابَّ لِكَوْنِهِ مَظِنَّةُ غَلَبَةِ الشَّهْوَة , لِمَا فِيهِ مِنْ قُوَّةِ الْبَاعِثِ عَلَى مُتَابَعَةِ الْهَوَى؛ فَإِنَّ مُلَازَمَةَ الْعِبَادَةِ مَعَ ذَلِكَ أَشَدُّ , وَأَدَلُّ عَلَى غَلَبَةِ التَّقْوَى. فتح الباري (٢/ ٤٨٥)
(٥) كَأَنَّهُ شَبَّهَهُ بِالشَّيْءِ الْمُعَلَّقِ فِي الْمَسْجِدِ , كَالْقِنْدِيلِ مَثَلًا , إِشَارَةً إِلَى طُولِ الْمُلَازَمَةِ بِقَلْبِهِ , وَإِنْ كَانَ جَسَدُهُ خَارِجًا عَنْهُ. فتح الباري (٢/ ٤٨٥)
(٦) (خ) ٦٤٢١ , (م) ١٠٣١
(٧) (م) ١٠٣١ , (ت) ٢٣٨٨
(٨) الْمُرَادُ أَنَّهُمَا دَامَا عَلَى الْمَحَبَّةِ الدِّينِيَّةِ , وَلَمْ يَقْطَعَاهَا بِعَارِضٍ دُنْيَوِيٍّ , سَوَاءً اِجْتَمَعَا حَقِيقَةً أَمْ لَا , حَتَّى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْمَوْتُ. فتح الباري (٢/ ٤٨٥)
(٩) الْمُرَاد بِالْمَنْصِبِ: الْأَصْلُ , أَوْ الشَّرَفُ، وَقَدْ وَصَفَهَا بِأَكْمَلِ الْأَوْصَافِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِمَزِيدِ الرَّغْبَةِ لِمَنْ تَحْصُلُ فِيهِ , وَهُوَ الْمَنْصِبُ الَّذِي يَسْتَلْزِمُهُ الْجَاهُ وَالْمَالُ , مَعَ الْجَمَالِ , وَقَلَّ مَنْ يَجْتَمِعُ ذَلِكَ فِيهَا مِنْ النِّسَاءِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا دَعَتْهُ إِلَى الْفَاحِشَة. فتح الباري (ج ٢ / ص ٤٨٥)
(١٠) أَيْ: بِقَلْبِهِ , مِنْ التَّذَكُّرِ , أَوْ بِلِسَانِهِ , مِنْ الذِّكْرِ. فتح الباري (٢/ ٤٨٥)
(١١) أَيْ: فِي مَوْضِع خَالٍ , لِأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ أَبْعَدَ مِنَ الرِّيَاء. فتح (٢/ ٤٨٥)
(١٢) أَيْ: فَاضَتْ الدُّمُوعُ مِنْ عَيْنَيْهِ. فتح الباري (ج ٢ / ص ٤٨٥)
(١٣) (خ) ١٣٥٧ , (م) ١٠٣١