للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

زَكَاةُ الْحُلِيّ

(ت س حم) , وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو - رضي الله عنهما - قَالَ: (أَتَتِ امْرَأَتَانِ) (١) (مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ إلَى رَسُولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -) (٢) (وَفِي أَيْدِيهِمَا) (٣) (مَسَكَتَانِ (٤) غَلِيظَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ) (٥) (فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: " أَتُؤَدِّيَانِ زَكَاتَهُ؟ " , فَقَالَتَا: لَا , فَقَالَ لَهُمَا:" أَتُحِبَّانِ أَنْ يُسَوِّرَكُمَا اللهُ بسِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ) (٦) (يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ ") (٧) (فَقَالَتَا: لَا , قَالَ: " فَأَدِّيَا زَكَاتَهُ (٨)) (٩)

وفي رواية: " فَأَدِّيَا حَقَّ اللهِ عَلَيْكُمَا فِي هَذَا " (١٠)


(١) (ت) ٦٣٧
(٢) (س) ٢٤٧٩
(٣) (ت) ٦٣٧
(٤) (مَسَكَتَانِ): الْوَاحِدَة مَسَكَة , وَهِيَ السِّوَار. عون المعبود (ج ٣ / ص ٤٨٥)
(٥) (س) ٢٤٧٩ , (د) ١٥٦٣
(٦) (ت) ٦٣٧
(٧) (س) ٢٤٧٩ , (د) ١٥٦٣
(٨) أَخْرَجَ مَالِك فِي الْمُوَطَّأ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن الْقَاسِم عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَائِشَة زَوْج النَّبِيّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - كَانَتْ تَلِي بَنَات أَخِيهَا يَتَامَى فِي حِجْرهَا لَهُنَّ الْحُلِيّ , فَلَا تُخْرِجُ مِنْ حُلِيِّهِنَّ الزَّكَاة.
وَأَخْرَجَ عَنْ نَافِع أَنَّ عَبْد الله بْن عُمَر كَانَ يُحَلِّي بَنَاته وَجَوَارِيه الذَّهَب، ثُمَّ لَا يُخْرِجُ مِنْ حُلِيِّهِنَّ الزَّكَاة.
وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ شَرِيك عَنْ عَلِيّ بْن سُلَيْمَان قَالَ: سَأَلْت أَنَس بْن مَالِك عَنْ الْحُلِيّ فَقَالَ لَيْسَ فِيهِ زَكَاة.
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيق عَمْرو بْن دِينَار قَالَ: سَمِعْت اِبْن خَالِد يَسْأَلُ جَابِر بْن عَبْد الله عَنْ الْحُلِيّ أَفِيه زَكَاة؟ , قَالَ جَابِر: لَا، فَقَالَ: وَإِنْ كَانَ يَبْلُغُ أَلْف دِينَار؟ فَقَالَ جَابِر: أَكْثَر.
وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ فَاطِمَة بِنْت الْمُنْذِر عَنْ أَسْمَاء بِنْت أَبِي بَكْر أَنَّهَا كَانَتْ تُحَلِّي بَنَاتهَا الذَّهَب وَلَا تُزَكِّيه نَحْوًا مِنْ خَمْسِينَ أَلْف.
قَالَ صَاحِب التَّنْقِيح: قَالَ الْأَثْرَم: سَمِعْت أَبَا عَبْد الله أَحْمَد بْن حَنْبَل يَقُولُ: خَمْسَة مِنْ الصَّحَابَة كَانُوا لَا يَرَوْنَ فِي الْحُلِيّ زَكَاة: أَنَس بْن مَالِك , وَجَابِر , وَابْن عُمَر , وَعَائِشَة وَأَسْمَاء.
قَالَ الْإِمَام الْخَطَّابِيُّ: وَاخْتَلَفَ النَّاس فِي وُجُوب الزَّكَاة فِي الْحُلِيّ، فَرُوِيَ عَنْ عُمَر اِبْن الْخَطَّاب وَعَبْد الله بْن مَسْعُود وَعَبْد الله بْن عُمَر وَابْن عَبَّاس أَنَّهُمْ أَوْجَبُوا فِيهِ الزَّكَاة، وَهُوَ قَوْل اِبْن الْمُسَيِّب وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَعَطَاء وَابْن سِيرِينَ وَجَابِر بْن زَيْد وَمُجَاهِد وَالزُّهْرِيّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَاب الرَّأي ,
وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عُمَر وَجَابِر بْن عَبْد الله وَعَائِشَة وَعَنْ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد وَالشَّعْبِيّ أَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا فِيهِ زَكَاة، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِك بْن أَنَس , وَأَحْمَد بْن حَنْبَل , وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ , وَهُوَ أَظْهَر قَوْلَيْ الشَّافِعِيّ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الظَّاهِرُ مِنْ الْكِتَاب يَشْهَدُ لِقَوْلِ مَنْ أَوْجَبَهَا , وَالْأَثَر يُؤَيِّدُهُ , وَمَنْ أَسْقَطَهَا ذَهَبَ إِلَى النَّظَر , وَمَعَهُ طَرَف مِنْ الْأَثَر , وَالِاحْتِيَاط أَدَاؤُهَا.
وَفِي سُبُل السَّلَام: وَالْحَدِيث دَلِيل عَلَى وُجُوب الزَّكَاة فِي الْحِلْيَة , وَظَاهِره أَنَّهُ لَا نِصَابَ لَهَا , لِأَمْرِهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - بِتَزْكِيَةِ هَذِهِ الْمَذْكُورَة , وَلَا يَكُونُ خَمْس أَوَاقِي فِي الْأَغْلَب , وَفِي الْمَسْأَلَة أَرْبَعَة أَقْوَال: الْأَوَّل: وُجُوب الزَّكَاة , وَهُوَ مَذْهَب جَمَاعَة مِنْ السَّلَف , وَأَحَد أَقْوَال الشَّافِعِيّ , عَمَلًا بِهَذِهِ الْأَحَادِيث.
وَالثَّانِي: لَا تَجِبُ الزَّكَاة فِي الْحِلْيَة، وَهُوَ مَذْهَب مَالِك وَأَحْمَد وَالشَّافِعِيّ فِي أَحَد أَقْوَاله , لِآثَارٍ وَرَدَتْ عَنْ السَّلَف قَاضِيَة بِعَدَمِ وُجُوبهَا فِي الْحِلْيَة , وَلَكِنْ بَعْد صِحَّة الْحَدِيث لَا أَثَر لِلْآثَارِ.
وَالثَّالِث: أَنَّ زَكَاة الْحِلْيَة عَارِيَتهَا , كَمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أَنَس وَأَسْمَاء بِنْت أَبِي بَكْر.
والرَّابِع: أَنَّهَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاة مَرَّة وَاحِدَة، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَنَس.
وَأَظْهَرُ الْأَقْوَال دَلِيلًا وُجُوبُهَا , لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ وَقُوَّتِهِ.
وَأَمَّا نِصَابُهَا فَعِنْد الْمُوجِبِينَ نِصَاب النَّقْدَيْنِ , وَظَاهِر حَدِيثهَا الْإِطْلَاق , وَكَأَنَّهُمْ قَيَّدُوهُ بِأَحَادِيثِ النَّقْدَيْنِ , اِنْتَهَى مَا فِي سُبُل السَّلَام. عون المعبود (ج٣ص ٤٨٧)
(٩) (ت) ٦٣٧ , انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: ٧٦٨
(١٠) (حم) ٦٩٠١ , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: حسن.