للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْمَاءُ الآجِنُ (الرَّاكِد)

وَهُوَ الْمَاءُ الَّذِي تَغَيَّرَ بِطُولِ مُكْثِهِ فِي الْمَكَانِ مِنْ غَيْرِ مُخَالَطَةِ شَيْء، وَيَقْرُبُ مِنْهُ الْمَاءُ الآسِنُ. (١)

وَذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى جِوَازِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الآجِنِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ.

يَقُولُ صَاحِبُ مُلْتَقَى الأَبْحُرِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: وَتَجُوزُ الطَّهَارَةُ بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ كَمَاءِ السَّمَاءِ وَالْعَيْنِ وَالْبِئْرِ وَالأَوْدِيَةِ وَالْبِحَارِ، وَإِنْ غَيَّرَ طَاهِرٌ بَعْضَ أَوْصَافِهِ كَالتُّرَابِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالأُشْنَانِ وَالصَّابُونِ أَوْ أَنْتَنَ بِالْمُكْثِ. (٢)

وَيَقُولُ صَاحِبُ أَقْرَبِ الْمَسَالِكِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: وَلا يَضُرُّ تَغَيُّرُ الْمَاءِ بِشَيْءِ تَوَلَّدَ مِنْهُ كَالسَّمَكِ وَالَدُودِ وَالطُّحْلُبِ (بِفَتْحِ اللامِ وَضَمِّهَا)، وَكَذَا إِذَا تَغَيَّرَ الْمَاءُ بِطُولِ مُكْثِهِ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أُلْقِيَ فِيهِ فَإِنَّهُ لا يَضُرُّ. (٣)

وَيَقُولُ الرَّمْلِيُّ الْكَبِيرُ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: وَلا يُقَالُ الْمُتَغَيِّرُ كَثِيرًا بِطُولِ الْمُكْثِ أَوْ بِمُجَاوَرٍ أَوْ بِمَا يَعْسُرُ صَوْنُ الْمَاءِ عَنْهُ غَيْرَ مُطْلَقٍ، بَلْ هُوَ مُطْلَقٌ. (٤)

وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِالنُّصُوصِ الْمُطْلَقَةِ، وَلأَنَّهُ لا يُمْكِنُ الاحْتِرَازُ مِنْهُ فَأَشْبَهَ بِمَا يُتَعَذَّرُ صَوْنُهُ عَنْهُ. (٥)

وَنُقِلَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ الْقَوْلُ بِكَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الآجِنِ. (٦)

يَقُولُ صَاحِبُ بِدَايَةِ الْمُجْتَهِدِ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا يُغَيِّرُ الْمَاءَ مِمَّا لا يَنْفَكُّ عَنْهُ غَالِبًا أَنَّهُ لا يَسْلُبُهُ صِفَةَ الطَّهَارَةِ وَالتَّطْهِيرِ، إِلا خِلافًا شَاذًّا رُوِيَ فِي الْمَاءِ الآجِنِ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ. (٧)

وَيَقُولُ النَّوَوِيُّ: وَأَمَّا الْمُتَغَيِّرُ بِالْمُكْثِ فَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّهُ لا كَرَاهَةَ فِيهِ، إِلا ابْنَ سِيرِينَ فَكَرِهَهُ. (٨)


(١) مختار الصحاح، والمغني ١/ ١٤.
(٢) مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر ١/ ٢٧، ٢٨.
(٣) أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك بأعلى الشرح الصغير ١/ ٤٩ ط عيسى الحلبي.
(٤) حاشية الرملي بهامش أسنى المطالب شرح روض الطالب ١/ ٨.
(٥) المجموع ١/ ٩١.
(٦) جاء في مصنف ابن أبي شيبة ١/ ٥٨ ط دار الفكر ما نصه: عن ابن سيرين أنه كان يكره الوضوء بالماء الآجن.
(٧) بداية المجتهد ونهاية المقتصد ١/ ٤٠
(٨) المجموع ١/ ٩١.