للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حُكْمُ دَفْعِ الزَّكَاةِ لِلزَّوْج

(خ م ت س حم)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: (شَهِدْتُ الصَلَاةَ يَوْمَ الْفِطْرِ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - وَأَبِي بَكْرٍ , وَعُمَرَ , وَعُثْمَانَ - رضي الله عنهم - فَكُلُّهُمْ كَانَ يُصَلِّيهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ) (١) (رَكْعَتَيْنِ) (٢) (بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ) (٣) (وَلَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا) (٤) (ثُمَّ يَخْطُبُ بَعْدُ) (٥) (قَالَ: فَأَتَى رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - الْعَلَمَ الَّذِي عِنْدَ دَارِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ , فَصَلَّى) (٦) (فَلَمَّا قَضَى الصَلَاةَ قَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى بِلَالٍ) (٧) وفي رواية: (وَهُوَ مُتَوَكِّئٌ عَلَى قَوْسٍ) (٨) (فَحَمِدَ اللهَ , وَأَثْنَى عَلَيْهِ , وَوَعَظَ النَّاسَ وَذَكَّرَهُمْ) (٩) (وَأَمَرَهُمْ بِتَقْوَى اللهِ) (١٠) (وَحَثَّهُمْ عَلَى طَاعَتِهِ) (١١) (فَظَنَّ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعْ النِّسَاءَ) (١٢) (فَنَزَلَ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ حِينَ يُجَلِّسُ الرِّجَالَ بِيَدِهِ , ثُمَّ أَقْبَلَ يَشُقُّهُمْ حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ) (١٣) (وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى يَدِ بِلَالٍ) (١٤) (فَوَعَظَهُنَّ , وَذَكَّرَهُنَّ , وَأَمَرَهُنَّ أَنْ يَتَصَدَّقْنَ) (١٥) (فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (١٦) ثُمَّ قَالَ حِينَ فَرَغَ: أَنْتُنَّ عَلَى ذَلِكَ؟ " , فَقَالَتْ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ - لَا يُدْرَى مَنْ هِيَ وَلَمْ يُجِبْهُ غَيْرُهَا -: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ) (١٧) (قَالَ: " فَتَصَدَّقْنَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ , وَأَكْثِرْنَ الِاسْتِغْفَارَ، فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ) (١٨) (يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (١٩) (فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: وَمَا لَنَا يَا رَسُولَ اللهِ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ؟) (٢٠) (قَالَ: " لِأَنَّكُنَّ) (٢١) (تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ) (٢٣) (وَتُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ) (٢٤) (وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ) (٢٥) (وَمَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ) (٢٦) (أَذْهَبَ لِقُلُوبِ ذَوِي الْأَلْبَابِ) (٢٧) (وَذَوِي الرَّأيِ مِنْكُنَّ) (٢٨) (قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ , وَمَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ وَالدِّينِ؟ , قَالَ: " أَمَّا نُقْصَانُ الْعَقْلِ , فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ , تَعْدِلُ شَهَادَةَ رَجُلٍ فَهَذَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ) (٢٩) (وَأَمَّا نُقْصَانُ دِينِكُنَّ , فَالْحَيْضَةُ الَّتِي تُصِيبُكُنَّ، تَمْكُثُ إِحْدَاكُنَّ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَمْكُثَ , لَا تُصَلِّي وَلَا تَصُومُ) (٣٠) وفي رواية: (وَتُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ , فَهَذَا نُقْصَانُ الدِّينِ ") (٣١) (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَرَأَيْتُهُنَّ) (٣٢) (يَنْزِعْنَ قَلَائِدَهُنَّ وَأَقْرُطَهُنَّ وَخَوَاتِيمَهُنَّ) (٣٣) (وَبِلَالٌ يَأخُذُ فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ) (٣٤) (" ثُمَّ انْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - هُوَ وَبِلَالٌ إِلَى بَيْتِهِ) (٣٥) (فَقَسَمَهُ عَلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ ") (٣٦) (وَكَانَ فِي النِّسَاءِ امْرَأَةُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ) (٣٧) (وَكَانَتْ صَنَاعَ الْيَدَيْنِ) (٣٨) (تُنْفِقُ عَلَى عَبْدِ اللهِ، وَأَيْتَامٍ فِي حَجْرِهَا) (٣٩) (فَأَتَتْ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا سَمِعَتْ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - وَأَخَذَتْ حُلِيًّا لَهَا , فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ:) (٤٠) (أَيْنَ تَذْهَبِينَ بِهَذَا الْحُلِيِّ؟ , قَالَتْ: أَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ) (٤١) (لَعَلَّ اللهَ أَنْ لَا يَجْعَلَنِي مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَقَالَ: وَيْلَكِ، هَلُمِّي فَتَصَدَّقِي بِهِ عَلَيَّ وَعَلَى وَلَدِي، فَإِنَّا لَهُ مَوْضِعٌ، فَقَالَتْ: لَا وَاللهِ , حَتَّى أَذْهَبَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - فَذَهَبَتْ تَسْتَأذِنُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - فَقَالُوا لِلنَّبِيِّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: هَذِهِ زَيْنَبُ تَسْتَأذِنُ يَا رَسُولَ اللهِ , فَقَالَ: " أَيُّ الزَّيَانِبِ هِيَ؟ " , فَقَالُوا: امْرَأَةُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: " ائْذَنُوا لَهَا " , فَدَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي سَمِعْتُ مِنْكَ مَقَالَةً، فَرَجَعْتُ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فَحَدَّثْتُهُ، وَأَخَذْتُ حُلِيًّا أَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللهِ وَإِلَيْكَ، رَجَاءَ أَنْ لَا يَجْعَلَنِي اللهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَقَالَ لِيَ ابْنُ مَسْعُودٍ: تَصَدَّقِي بِهِ عَلَيَّ وَعَلَى وَلَدِي، فَإِنَّا لَهُ مَوْضِعٌ، فَقُلْتُ: حَتَّى أَسْتَأذِنَ النَّبِيَّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -) (٤٢) (أَيُجْزِينِي مِنْ الصَّدَقَةِ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَلَى زَوْجِي وَهُوَ فَقِيرٌ؟ , وَبَنِي أَخٍ لِي أَيْتَامٍ؟ , وَأَنَا أُنْفِقُ عَلَيْهِمْ هَكَذَا وَهَكَذَا , وَعَلَى كُلِّ حَالٍ) (٤٣) وفي رواية: (إِنِّي امْرَأَةٌ ذَاتُ صَنْعَةٍ أَبِيعُ مِنْهَا، وَلَيْسَ لِي وَلَا لِوَلَدِي وَلَا لِزَوْجِي نَفَقَةٌ غَيْرَهَا، وَقَدْ شَغَلُونِي عَنِ الصَّدَقَةِ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ، فَهَلْ لِي مِنْ أَجْرٍ فِيمَا أَنْفَقْتُ؟ , قَالَ: فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: " أَنْفِقِي عَلَيْهِمْ , فَإِنَّ لَكِ فِي ذَلِكَ) (٤٤) (أَجْرَانِ: أَجْرُ الْقَرَابَةِ , وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ ") (٤٥)

وفي رواية: (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: " نَعَمْ , صَدَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ , زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِمْ ") (٤٦)

الشَّرْح:

(الْعَلَم): الْمَنَار , وَالْجَبَل , وَالرَّايَة , وَالْعَلَامَة. عون المعبود (ج ٣ / ص ٩٧)

كَثِير بْن الصَّلْت: وُلِدَ فِي عَهْد رَسُول الله - صلى اللهُ عليه وسلَّم - وَلَهُ دَار كَبِيرَة بِالْمَدِينَةِ قِبْلَة الْمُصَلَّى لِلْعِيدَيْنِ، وَكَانَ اِسْمه قَلِيلًا , فَسَمَّاهُ عُمَر بْن الْخَطَّاب كَثِيرًا. عون المعبود - (ج ٣ / ص ٩٧)

(فَظَنَّ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعْ النِّسَاءَ) وذلك لِبُعْدِهِنَّ عَنْهُ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -.عون المعبود - (ج ٣ / ص ٩٥)

(فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ حِينَ يُجَلِّسُ الرِّجَالَ بِيَدِهِ) أَيْ: يَأمُرهُمْ بِالْجُلُوسِ. شرح النووي على مسلم - (ج ٣ / ص ٢٧٥)

(تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ) اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَحْرِيمِ اللَّعْنِ , فَإِنَّهُ فِي اللُّغَةِ: الْإِبْعَادُ وَالطَّرْدُ، وَفِي الشَّرْعِ: الْإِبْعَادُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى؛ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُبْعَدَ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى مَنْ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ وَخَاتِمَةُ أَمْرِهِ مَعْرِفَةً قَطْعِيَّةً , فَلِهَذَا قَالُوا: لَا يَجُوزً لَعْنً أَحَدٍ بِعَيْنِهِ , مُسْلِمًا كَانَ , أَوْ كَافِرًا , أَوْ دَابَّةً , إِلَّا مَنْ عَلِمْنَا بِنَصٍّ شَرْعِيٍّ أَنَّهُ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ ,

أَوْ يَمُوتُ عَلَيْهِ , كَأَبِي جَهْلٍ , وَإِبْلِيس , وَقَدْ قَالَ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: " لَعْن الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ " ,

وَأَمَّا اللَّعْنُ بِالْوَصْفِ , فَلَيْسَ بِحَرَامٍ , كَلَعْنٍ الْوَاصِلَة , وَالْمُسْتَوْصِلَة , وَالْوَاشِمَة وَالْمُسْتَوْشِمَة , وَآكِل الرِّبَا , وَمُوكِلِهِ , وَالْمُصَوِّرِينَ , وَالظَّالِمِينَ , وَالْفَاسِقِينَ وَالْكَافِرِينَ , وَلَعْنِ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ , وَمَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ , وَمَنْ اِنْتَسَبَ إِلَى غَيْر أَبِيهِ , وَمَنْ أَحْدَثَ فِي الْإِسْلَام حَدَثًا , أَوْ آوَى مُحْدِثًا , وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ النُّصُوصُ الشَّرْعِيَّةُ بِإِطْلَاقِهِ عَلَى الْأَوْصَافِ , لَا عَلَى الْأَعْيَان. شرح النووي على مسلم - (ج ١ / ص ١٧٦)

(وَتُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ) أَيْ: الشَّكْوَى. شرح النووي على مسلم - (ج ٣ / ص ٢٧٨)

(وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ) أَيْ أَنَّهُنَّ يَجْحَدْنَ الْإِحْسَانَ لِضَعْفِ عَقْلهنَّ , وَقِلَّة مَعْرِفَتهنَّ , فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى ذَمِّ مَنْ يَجْحَدُ إِحْسَانَ ذِي إِحْسَانِ. شرح النووي على مسلم (ج ٣ / ص ٢٧٨)

(مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ) قال الحافظ في الفتح: وَيَظْهَر لِي أَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَة أَسْبَاب كَوْنهنَّ أَكْثَر أَهْل النَّار؛ لِأَنَّهُنَّ إِذَا كُنَّ سَبَبًا لِإِذْهَابِ عَقْل الرَّجُل الْحَازِم حَتَّى يَفْعَل أَوْ يَقُول مَا لَا يَنْبَغِي , فَقَدْ شَارَكْنَهُ فِي الْإِثْم وَزِدْنَ عَلَيْهِ. فتح الباري (ج١ / ص ٤٧٦)

قَوْله - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: (أَمَّا نُقْصَان الْعَقْل فَشَهَادَة اِمْرَأَتَيْنِ تَعْدِل شَهَادَة رَجُل) تَنْبِيهٌ مِنْهُ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - عَلَى مَا وَرَاءَهُ , وَهُوَ مَا نَبَّهَ الله تَعَالَى عَلَيْهِ فِي كِتَابه بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} أَيْ: أَنَّهُنَّ قَلِيلَات الضَّبْط. شرح النووي على مسلم - (ج ١ / ص ١٧٦)

(فَهَذَا نُقْصَانُ الْعَقْلِ) أَيْ: عَلَامَة نُقْصَانه. شرح النووي على مسلم - (ج ١ / ص ١٧٦)

(وَأَمَّا نُقْصَانُ دِينِكُنَّ , فَالْحَيْضَةُ الَّتِي تُصِيبُكُنَّ، تَمْكُثُ إِحْدَاكُنَّ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَمْكُثَ , لَا تُصَلِّي وَلَا تَصُومُ) وفي رواية: (وَتُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ , فَهَذَا نُقْصَانُ الدِّينِ ") أَيْ: تَمْكُث لَيَالِي وَأَيَّامًا لَا تُصَلِّي بِسَبَبِ الْحَيْض , وَتُفْطِر أَيَّامًا مِنْ رَمَضَان بِسَبَبِ الْحَيْض ,

فَإِنْ قِيلَ: فَإِنْ كَانَتْ مَعْذُورَةً فَهَلْ تُثَاب عَلَى الصَّلَاة فِي زَمَن الْحَيْض وَإِنْ كَانَتْ لَا تَقْضِيهَا كَمَا يُثَاب الْمَرِيضُ الْمُسَافِر وَيُكْتَب لَهُ فِي مَرَضه وَسَفَره , مِثْل نَوَافِل الصَّلَوَات الَّتِي كَانَ يَفْعَلهَا فِي صِحَّته وَحَضَرِهِ؟ ,

فَالْجَوَابُ: أَنَّ ظَاهِرَ هَذَا الْحَدِيث أَنَّهَا لَا تُثَاب , وَالْفَرْق أَنَّ الْمَرِيض وَالْمُسَافِر كَانَ يَفْعَلهَا بِنِيَّةِ الدَّوَام عَلَيْهَا مَعَ أَهْلِيَّتِهِ لَهَا , وَالْحَائِض لَيْسَتْ كَذَلِكَ , بَلْ نِيَّتُهَا تَرْكُ الصَّلَاةِ فِي زَمَن الْحَيْض، بَلْ يَحْرُم عَلَيْهَا نِيَّة الصَّلَاة فِي زَمَن الْحَيْض , فَنَظِيرهَا مُسَافِرٌ أَوْ مَرِيض كَانَ يُصَلِّي النَّافِلَة فِي وَقْتٍ وَيَتْرُك فِي وَقْتٍ غَيْر نَاوٍ الدَّوَام عَلَيْهَا , فَهَذَا لَا يُكْتَب لَهُ فِي سَفَره وَمَرَضه فِي الزَّمَن الَّذِي لَمْ يَكُنْ يَنْتَفِل فِيهِ. شرح النووي على مسلم - (ج ١ / ص ١٧٦)

(فَرَأَيْتُهُنَّ يَنْزِعْنَ قَلَائِدَهُنَّ وَأَقْرُطَهُنَّ) هُوَ جَمْع قُرْط , وهو كُلّ مَا عُلِّقَ في شَحْمَة الْأُذُن , سَوَاءٌ كَانَ مِنْ ذَهَب أَوْ خَرَز , وَأَمَّا الْخُرْص: فَهُوَ الْحَلْقَة الصَّغِيرَة مِنْ الْحُلِيّ. شرح النووي على مسلم - (ج ٣ / ص ٢٧٨)

(وَكَانَتْ صَنَاعَ الْيَدَيْنِ) يُقَالُ: رجلٌ صَنَعٌ , وإمْرَأة صَنَاعٌ , إِذَا كَانَ لَهُمَا صَنْعَة يَعْمَلَانِهَا بِأَيْدِيهِمْ وَيَكْسِبَانِهَا. (٤٧)

فَوائِدُ الْحَدِيث:

(فَكُلُّهُمْ كَانَ يُصَلِّيهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ) فِيهِ دَلِيل لِمَذْهَبِ الْعُلَمَاء كَافَّة , أَنَّ خُطْبَة الْعِيد بَعْد الصَّلَاة , قَالَ الْقَاضِي: هَذَا هُوَ الْمُتَّفَق عَلَيْهِ مِنْ مَذَاهِب عُلَمَاء الْأَمْصَار وَأَئِمَّة الْفَتْوَى، وَلَا خِلَاف بَيْن أَئِمَّتهمْ فِيهِ، وَهُوَ فِعْل النَّبِيّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - وَالْخُلَفَاء الرَّاشِدِينَ بَعْده. شرح النووي على مسلم - (ج ٣ / ص ٢٧٥)

(بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ) هَذَا دَلِيل عَلَى أَنَّهُ لَا أَذَان وَلَا إِقَامَة لِلْعِيدِ، وَهُوَ إِجْمَاع الْعُلَمَاء الْيَوْم، وَهُوَ الْمَعْرُوف مِنْ فِعْل النَّبِيّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - وَالْخُلَفَاء الرَّاشِدِينَ. النووي (ج ٣ / ص ٢٧٨)

(وَلَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا) فِيهِ أَنَّهُ لَا سُنَّة لِصَلَاةِ الْعِيد قَبْلهَا وَلَا بَعْدهَا , وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَالِك فِي أَنَّهُ يُكْرَه الصَّلَاة قَبْل الْعِيد وَبَعْدهَا , وَبِهِ قَالَ جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ , قَالَ الشَّافِعِيّ وَجَمَاعَة مِنْ السَّلَف: لَا كَرَاهَة فِي الصَّلَاة قَبْلهَا وَلَا بَعْدهَا , وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَة وَالْكُوفِيُّونَ: لَا يُكْرَه بَعْدهَا وَتُكْرَه قَبْلهَا , وَلَا حُجَّة فِي الْحَدِيث لِمَنْ كَرِهَهَا , لِأَنَّهُ لَا يَلْزَم مِنْ تَرْك الصَّلَاة كَرَاهَتُهَا، وَالْأَصْل أَلَّا مَنْع حَتَّى يَثْبُت. شرح النووي على مسلم - (ج ٣ / ص ٢٨٤)

(وَهُوَ مُتَوَكِّئٌ عَلَى قَوْسٍ) قَالَ الطِّيبِيُّ: فِيهِ أَنَّ الْخَطِيب يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَمِد عَلَى شَيْء كَالْقَوْسِ وَالسَّيْف وَالْعَنَزَة وَالْعَصَا أَوْ يَتَّكِئ عَلَى إِنْسَان. عون المعبود - (ج ٣ / ص ٩٤)

(فَنَزَلَ) فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - كَانَ يَخْطُبُ عَلَى مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ , لِمَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُ " نَزَلَ " فتح الباري (ج ٣ / ص ٤٠٦)

(ثُمَّ أَقْبَلَ يَشُقُّهُمْ حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ) هذا يُشْعِرُ بِأَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ عَلَى حِدَةٍ مِنْ الرِّجَالِ , غَيْرَ مُخْتَلِطَاتٍ بِهِمْ. فتح الباري (ج ٣ / ص ٤٠٤)

فِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد أَنْ يُصَلِّي الناس العيد فِي الصَّحْرَاء.

وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل عَلَى جَوَاز صَدَقَة الْمَرْأَة مِنْ مَالهَا بِغَيْرِ إِذْن زَوْجهَا , وَلَا يَتَوَقَّف ذَلِكَ عَلَى ثُلُث مَالهَا، هَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور، وَقَالَ مَالِك: لَا يَجُوز الزِّيَادَة عَلَى ثُلُث مَالهَا إِلَّا بِرِضَاءِ زَوْجهَا , وَدَلِيلنَا مِنْ الْحَدِيث أَنَّ النَّبِيّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - لَمْ يَسْأَلهُنَّ أَسْتَأذَنَّ أَزْوَاجهنَّ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا؟ , وَهَلْ هُوَ خَارِج مِنْ الثُّلُث أَمْ لَا؟ , وَلَوْ اِخْتَلَفَ الْحُكْم بِذَلِكَ لَسَأَلَ , وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى الْجَوَاب عَنْ مَذْهَبهمْ: بِأَنَّ الْغَالِب حُضُور أَزْوَاجهنَّ , فَتَرْكُهُمْ الْإِنْكَار يَكُون رِضَاء بِفِعْلِهِنَّ. وَهَذَا الْجَوَاب ضَعِيف أَوْ بَاطِل , لِأَنَّهُنَّ كُنَّ مُعْتَزِلَات لَا يَعْلَم الرِّجَال مَنْ الْمُتَصَدِّقَة مِنْهُنَّ مِنْ غَيْرهَا , وَلَا قَدْر مَا يَتَصَدَّق بِهِ، وَلَوْ عَلِمُوا فَسُكُوتهمْ لَيْسَ إِذْنًا. شرح النووي على مسلم - (ج ٣ / ص ٢٧٥)

(فَقَسَمَهُ عَلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ ") قال ابن جريج: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: زَكَاةَ يَوْمِ الْفِطْرِ؟ , قَالَ: لَا , وَلَكِنْ صَدَقَةً يَتَصَدَّقْنَ حِينَئِذٍ بِحُلِيِّهِنَّ , فَقُلْتُ: أَتَرَى حَقًّا عَلَى الْإِمَامِ الْآنَ أَنْ يَأتِيَ النِّسَاءَ فَيُذَكِّرَهُنَّ حِينَ يَفْرُغُ؟ , قَالَ: إِي لَعَمْرِي إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ عَلَيْهِمْ , وَمَا لَهُمْ أَنْ لَا يَفْعَلُوا؟. (خ) ٩١٨

ظَاهِرُهُ أَنَّ عَطَاءً كَانَ يَرَى وُجُوبَ ذَلِكَ، وَلِهَذَا قَالَ عِيَاضٌ: لَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ غَيْرُهُ , وَأَمَّا النَّوَوِيُّ فَحَمَلَهُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَقَالَ: لَا مَانِعَ مِنْ الْقَوْلِ بِهِ إِذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى ذَلِكَ مَفْسَدَةٌ. فتح الباري (ج ٣ / ص ٤٠٦)


(١) (خ) ٤٦١٣ , (م) ٨٨٤
(٢) (م) ٨٨٤
(٣) (م) ٨٨٥ , (خ) ٦٨٩٤
(٤) (خ) ٩٢١ , (م) ٨٨٤
(٥) (خ) ٤٦١٣ , (حم) ٣٠٦٤
(٦) (خ) ٩٣٤ , (س) ١٥٨٦
(٧) (س) ١٥٧٥
(٨) (حم) ١٤٤٠٩ , وصححها الألباني في الإرواء تحت حديث: ٦٣٠،
وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.
(٩) (س) ١٥٧٥ , (م) ٨٨٥
(١٠) (م) ٨٨٥
(١١) (س) ١٥٧٥ , (م) ٨٨٥
(١٢) (د) ١١٤٣ , (م) ٨٨٤
(١٣) (خ) ٤٦١٣
(١٤) (خ) ٩١٨ , (م) ٨٨٥
(١٥) (خ) ٨٢٥
(١٦) [الممتحنة/١٢]
(١٧) (خ) ٤٦١٣ , (م) ٨٨٤
(١٨) (م) ٧٩ , (خ) ٩٣٦ , ١٣٩٣
(١٩) (حم) ٨٨٤٩ , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده جيد.
(٢٠) (م) ٧٩
(٢١) (م) ٨٨٥
(٢٣) (خ) ١٣٩٣
(٢٤) (م) ٨٨٥ , (س) ١٥٦٢
(٢٥) (خ) ١٣٩٣ , (م) ٧٩
(٢٦) (خ) ١٣٩٣
(٢٧) (حم) ٨٨٤٩ , (خ) ١٣٩٣
(٢٨) (ت) ٢٦١٣ , (م) ٨٨٥
(٢٩) (م) ٧٩ , (خ) ٢٩٨
(٣٠) (حم) ٨٨٤٩ , (خ) ٢٩٨
(٣١) (م) ٧٩ , (خ) ٢٩٨
(٣٢) (خ) ٤٩٥١
(٣٣) (س) ١٥٧٥ , (خ) ٥٥٤١ , (م) ٨٨٤
(٣٤) (خ) ٩٨
(٣٥) (خ) ٩٣٤
(٣٦) (د) ١١٤٢
(٣٧) (حم) ٨٨٤٩ , (خز) ٢٤٦١ , وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده جيد.
(٣٨) (جة) ١٨٣٥
(٣٩) (خ) ١٣٩٧
(٤٠) (حم) ٨٨٤٩ , (خز) ٢٤٦١
(٤١) (خز) ٢٤٦١ , (حم) ٨٨٤٩
(٤٢) (حم) ٨٨٤٩ , (خز) ٢٤٦١ , (خ) ١٣٩٣ , (حب) ٥٧٤٤
(٤٣) (جة) ١٨٣٥ , (م) ٤٥ - (١٠٠٠) , (س) ٢٥٨٣ , (حم) ١٦١٢٦
(٤٤) (حم) ١٦١٣٠ , (حب) ٤٢٤٧ , وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.
(٤٥) (خ) ١٣٩٧, (م) ٤٥ - (١٠٠٠) , (س) ٢٥٨٣ , (حم) ١٦١٢٦
(٤٦) (خ) ١٣٩٣ , (حب) ٥٧٤٤ , (حم) ٨٨٤٩
(٤٧) النهاية في غريب الحديث والأثر (٣/ ٥٦)