للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

طَهُرَتْ اَلْحَائِض وَالنُّفَسَاء وَبَقِيَ مِنْ اَلْوَقْت قَدْر رَكْعَة (١)

(خ م) , وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَلَاةَ " (٢)


(١) اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مِقْدَارِ الْوَقْتِ الَّذِي تُدْرِكُ فِيهِ الْحَائِضُ الصَّلَاةَ إنْ طَهُرَتْ , فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ انْقِطَاعِ الدَّمِ لِأَكْثَرِ الْحَيْضِ , وَانْقِطَاعِهِ قَبْلَ أَكْثَرِ الْحَيْضِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُبْتَدَأَةِ , وَانْقِطَاعِ دَمِ الْمُعْتَادَةِ فِي أَيَّامِ عَادَتِهَا أَوْ بَعْدَهَا , أَوْ قَبْلَهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُعْتَادَةِ. فَإِنْ كَانَ انْقِطَاعُ الدَّمِ لِأَكْثَرَ الْحَيْضِ فِي الْمُبْتَدَأَةِ , فَإِنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهَا الصَّلَاةُ لَوْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مِقْدَارُ تَحْرِيمَةٍ , وَإِنْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يُمْكِنُهَا الِاغْتِسَالُ فِيهِ أَيْضًا , فَإِنَّهُ يَجِبُ أَدَاءُ الصَّلَاةِ. فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْوَقْتِ هَذَا الْمِقْدَارُ فَلَا قَضَاءَ وَلَا أَدَاءَ. فَالْمُعْتَبَرُ عِنْدَهُمْ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ مِنْ الْوَقْتِ بِقَدْرِ التَّحْرِيمَةِ. فَلَوْ كَانَتْ فِيهِ طَاهِرَةً وَجَبَتْ الصَّلَاةُ وَإِلَّا فَلَا. وَإِنْ كَانَ انْقِطَاعُ الدَّمِ قَبْلَ أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَيْضِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُبْتَدَأَةِ , أَوْ كَانَ انْقِطَاعُهُ فِي أَيَّامِ عَادَتِهَا أَوْ بَعْدَهَا - قَبْلَ تَمَامِ أَكْثَرِ الْمُدَّةِ - أَوْ قَبْلَهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُعْتَادَةِ , فَإِنَّهُ يَلْزَمُهَا الْقَضَاءُ إنْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ قَدْرُ التَّحْرِيمَةِ , وَالْغُسْلِ أَوْ التَّيَمُّمِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْمَاءِ. وَلَا بُدَّ هُنَا مِنْ بَقَاءِ قَدْرِ الْغُسْلِ أَوْ التَّيَمُّمِ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ التَّحْرِيمَةِ , لِأَنَّ زَمَانَ الْغُسْلِ أَوْ التَّيَمُّمِ حَيْضٌ , فَلَا يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهَا قَبْلَ الْغُسْلِ أَوْ التَّيَمُّمِ , فَلَا بُدَّ أَنْ يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ زَمَنٌ يَسَعُهُ وَيَسَعُ التَّحْرِيمَةَ , حَتَّى إذَا لَمْ يَبْقَ بَعْدَ زَمَانِ الْغُسْلِ أَوْ التَّيَمُّمِ مِنْ الْوَقْتِ مِقْدَارُ التَّحْرِيمَةِ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ , وَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْقَطَعَ الدَّمُ لِأَكْثَرَ الْمُدَّةِ فِي الْمُبْتَدَأَةِ , فَإِنَّهُ يَكْفِي قَدْرُ التَّحْرِيمَةِ فَقَطْ , لِأَنَّ زَمَانَ الْغُسْلِ أَوْ التَّيَمُّمِ مِنْ الطُّهْرِ , لِئَلَّا يَزِيدَ الْحَيْضُ عَنْ الْعَشَرَةِ , فَبِمُجَرَّدِ الِانْقِطَاعِ تَخْرُجُ مِنْ الْحَيْضِ , فَإِذَا أَدْرَكَتْ بَعْدَهُ قَدْرَ التَّحْرِيمَةِ تَحَقَّقَ طُهْرُهَا فِيهِ , وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ فَيَلْزَمُهَا الْقَضَاءُ , وَالْمَقْصُودُ بِالْغُسْلِ هُنَا الْغُسْلُ مَعَ مُقَدِّمَاتِهِ , كَالِاسْتِقَاءِ , وَخَلْعِ الثِّيَابِ , وَالتَّسَتُّرِ عَنْ الْأَعْيُنِ , كَمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْغُسْلُ الْفَرْضُ لَا الْمَسْنُونُ , لِأَنَّهُ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ رُجْحَانُ جَانِبِ الطَّهَارَةِ. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إلَى أَنَّ الْحَائِضَ تُدْرِكُ الصَّلَاةَ إذَا بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ رَكْعَةً تَامَّةً , وَذَلِكَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ , فَإِذَا طَهُرَتْ الْحَائِضُ قَبْلَ الطُّلُوعِ , أَوْ الْغُرُوبِ , أَوْ الْفَجْرِ بِقَدْرِ رَكْعَةٍ , فَإِنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهَا تِلْكَ الصَّلَاةُ , وَلَا تُدْرِكُ بِأَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ , وَتُدْرِكُ الظُّهْرَ وَالْمَغْرِبَ إذَا بَقِيَ مِنْ وَقْتِهِمَا الضَّرُورِيِّ مَا يَسَعُ فَضْلَ رَكْعَةٍ عَلَى الصَّلَاةِ الْأُولَى لَا الثَّانِيَةِ , فَإِذَا طَهُرَتْ الْحَائِضُ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ اللَّيْلِ قَدْرُ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ صَلَّتْ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ , لِأَنَّهُ إذَا صَلَّتْ الْمَغْرِبَ بَقِيَتْ رَكْعَةٌ لِلْعِشَاءِ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إلَى أَنَّ الصَّلَاةَ تَجِبُ عَلَى الْحَائِضِ إذَا طَهُرَتْ وَقَدْ أَدْرَكَتْ مِنْ آخِرِ الْوَقْتِ قَدْرَ تَكْبِيرَةٍ , فَيَجِبُ قَضَاؤُهَا فَقَطْ إنْ لَمْ تَجْمَعْ مَعَ الَّتِي قَبْلَهَا , وَقَضَاؤُهَا وَقَضَاءُ مَا قَبْلَهَا إنْ كَانَتْ تَجْمَعُ , فَإِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ , وَبَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ تَكْبِيرَةً لَزِمَهَا قَضَاءُ الصُّبْحِ فَقَطْ , لِأَنَّ الَّتِي قَبْلَهَا لَا تُجْمَعُ إلَيْهَا. وَإِنْ طَهُرَتْ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ بِمِقْدَارِ تَكْبِيرَةٍ لَزِمَهَا قَضَاءُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ , وَكَذَا إنْ طَهُرَتْ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِمِقْدَارِ تَكْبِيرَةٍ لَزِمَهَا قَضَاءُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ , لِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا قَالَا: فِي الْحَائِضِ تَطْهُرُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِرَكْعَةٍ " تُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ , فَإِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ صَلَّتْ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا " لِأَنَّ وَقْتَ الثَّانِيَةِ وَقْتٌ لِلْأُولَى فِي حَالَةِ الْعُذْرِ , فَفِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ أَوْلَى , لِأَنَّهَا فَوْقَ الْعُذْرِ , وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ الْوُجُوبُ بِقَدْرِ تَكْبِيرَةٍ لِأَنَّهُ إدْرَاكٌ.
(٢) (خ) ٥٥٥ , (م) ١٦١ - (٦٠٧)