للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِزَالَةُ النَّجَاسَة

حُكْم إِزَالَة النَّجَاسَة وَالتَّطَهُّر مِنْهَا وَالِاسْتِنْزَاه عَنْهَا

اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ إِزَالَةَ الْخَبَثِ مَأمُورٌ بِهَا فِي الشَّرْعِ، وَاخْتَلَفُوا هَلْ ذَلِكَ عَلَى الْوُجُوبِ، أَوْ عَلَى النَّدْبِ؟

فَصَرَّحَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِوُجُوبِ إِزَالَةِ الْخَبَثِ مُطْلَقًا، وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ عَلَى جَوَازِ لُبْسِ الثَّوْبِ النَّجِسِ، فِي خَارِجِ الصَّلاةِ، وَكَرِهَهُ بَعْضُهُمْ. وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِالْوُجُوبِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} وَبِحَدِيثِ: " وَكَانَ الآخَرُ لا يَسْتَنْزِهُ مِنَ الْبَوْلِ "

أَمَّا إِزَالَةُ الْخَبَثِ لِمُرِيدِ الصَّلاةِ، فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلاةِ إِلا مَا كَانَ مَعْفُوًّا عَنْهُ. (١)

وَلِلْمَالِكِيَّةِ فِي حُكْمِ إِزَالَةِ النَّجَاسَاتِ عَنْ ثَوْبِ الْمُصَلِّي، وَبَدَنِهِ، وَمَكَانِهِ، قَوْلانِ مَشْهُورَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ إِزَالَةَ الْخَبَثِ عَمَّا ذُكِرَ سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ الصَّلاةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، سَوَاءٌ ذَكَرَهَا أَمْ لَمْ يَذْكُرْهَا، وَسَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى إِزَالَتِهَا أَمْ لَمْ يَقْدِرْ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّهَا وَاجِبَةٌ إِذَا كَانَ ذَاكِرًا وُجُودَهَا، وَقَدَرَ عَلَى إِزَالَتِهَا بِوُجُودِ مَاءٍ مُطْلَقٍ يُزِيلُهَا بِهِ أَوْ وُجُودِ ثَوْبٍ طَاهِرٍ، أَوِ الْقُدْرَةِ عَلَى الانْتِقَالِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ الْخَبَثُ إِلَى مَكَانٍ طَاهِرٍ.

وَقَالَ الْحَطَّابُ: إِنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ مَنْ صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ مُتَعَمِّدًا عَالِمًا بِحُكْمِهَا أَوْ جَاهِلا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إِزَالَتِهَا يُعِيدُ صَلاتَهُ أَبَدًا، وَمَنْ صَلَّى بِهَا نَاسِيًا لَهَا، أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ بِهَا، أَوْ عَاجِزًا عَنْ إِزَالَتِهَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّهَا سُنَّةٌ، وَقَوْلِ: مَنْ قَالَ: إِنَّهَا وَاجِبَةٌ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ. (٢)


(١) حاشية ابن عابدين ١/ ٢٦٨ ـ ٢٦٩، البحر الرائق ١/ ٢٨٣، قليوبي ١/ ١٨٠، كتاب الفروع ١/ ٣٦٤، كشاف القناع ١/ ٢٨٨.
(٢) مواهب الجليل ١/ ١٣٠ وما بعده، والزرقاني ١/ ٣٨، ٣٩.