للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْأَوْلَاد

(خ م س حب) , عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه قَالَ: (سَأَلَتْ أُمِّي) (١) (عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ - رضي الله عنها -) (٢) (أَبِي بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ لِي مِنْ مَالِهِ) (٣) (فَالْتَوَى بِهَا سَنَةً (٤) ثُمَّ بَدَا لَهُ فَوَهَبَهَا لِي) (٥) (فَقَالَتْ: لَا وَاللهِ) (٦) (لَا أَرْضَى , حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَا وَهَبْتَ لِابْنِي , فَأَخَذَ أَبِي بِيَدِي وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ , فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ) (٧) (إِنِّي نَحَلْتُ (٨) ابْنِي هَذَا غُلَامًا) (٩) (وَإِنَّ أُمَّ هَذَا بِنْتَ رَوَاحَةَ , أَعْجَبَهَا أَنْ أُشْهِدَكَ عَلَى الَّذِي وَهَبْتُ لِابْنِهَا , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " يَا بَشِيرُ , أَلَكَ وَلَدٌ (١٠) سِوَى هَذَا؟ " , قَالَ: نَعَمْ) (١١) (قَالَ: " أَفَكُلُّهُمْ وَهَبْتَ لَهُمْ مِثْلَ الَّذِي وَهَبْتَ لِابْنِكَ هَذَا؟ " , قَالَ: لَا) (١٢) (قَالَ: " فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي (١٣)) (١٤) (فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ) (١٥) وفي رواية: (لَيْسَ يَصْلُحُ هَذَا , وَإِنِّي لَا أَشْهَدُ إِلَّا عَلَى حَقٍّ) (١٦) (أَلَيْسَ تُرِيدُ مِنْهُمْ الْبِرَّ مِثْلَ مَا تُرِيدُ مِنْ هَذَا؟ " , قَالَ: بَلَى) (١٧) (قَالَ: " فَاتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ) (١٨) (فِي النَّحْلِ كَمَا تُحِبُّونَ أَنْ يَعْدِلُوا بَيْنَكُمْ فِي الْبِرِّ وَاللُّطْفِ ") (١٩) (قَالَ: فَرَجَعَ أَبِي فَرَدَّ) (٢٠) (عَطِيَّتَهُ) (٢١).

الشرح (٢٢)


(١) (خ) ٢٥٠٧
(٢) (خ) ٢٤٤٧
(٣) (خ) ٢٥٠٧ , (م) ١٩ - (١٦٢٤)
(٤) أَيْ: تَثَاقَلَ وَأَخَّرَ ذَلِكَ سَنَةً.
(٥) (س) ٣٦٨١ , (م) ١٤ - (١٦٢٣) , (خ) ٢٥٠٧
(٦) (حب) ٥١٠٤ , انظر صَحِيح الْجَامِع: ١٠٤٦، الصَّحِيحَة: ٣٩٤٦
(٧) (م) ١٤ - (١٦٢٣) , (خ) ٢٤٤٧
(٨) النِّحْلَة بِكَسْرِ النُّون: الْعَطِيَّة بِغَيْرِ عِوَض. فتح الباري (ج ٨ / ص ٧٢)
(٩) (خ) ٢٤٤٦ , (م) ٩ - (١٦٢٣)
(١٠) لَفْظُ الْوَلَدِ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانُوا ذُكُورًا، أَوْ إِنَاثًا وَذُكُورًا. فتح (٨/ ٧٢)
(١١) (م) ١٤ - (١٦٢٣)
(١٢) (س) ٣٦٨١ , (م) ١٢ - (١٦٢٣) , (خ) ٢٤٤٧ , (ت) ١٣٦٧
(١٣) قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رضي الله عنه: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (أَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي) أَرَادَ بِهِ الإِعْلَامَ بِنَفْيِ جَوَازِ اسْتِعْمَالِ الْفِعْلِ الْمَأمُورِ بِهِ لَوْ فَعَلَهُ، فَزَجَرَ عَنِ الشَّيْءِ بِلَفْظِ الأَمْرِ بِضِدِّهِ، كَمَا قَالَ لِعَائِشَةَ: اشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ، فَإِنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ. انظر (حب) ٥١٠٤
(١٤) (م) ١٧ - (١٦٢٣) , (جة) ٢٣٧٥
(١٥) (م) ١٤ - (١٦٢٣) , (خ) ٢٥٠٧
(١٦) (م) ١٩ - (١٦٢٤) , (د) ٣٥٤٥ , (حم) ١٤٥٣٢
(١٧) (م) ١٨ - (١٦٢٣) , (س) ٣٦٨٠
(١٨) (خ) ٢٤٤٧ , (م) ١٣ - (١٦٢٣)
(١٩) (حب) ٥١٠٤ , انظر صَحِيح الْجَامِع: ١٠٤٦، الصَّحِيحَة: ٣٩٤٦
(٢٠) (م) ١٣ - (١٦٢٣)
(٢١) (خ) ٢٤٤٧
(٢٢) تَمَسَّكَ بِهذا الْحَدِيثِ مَنْ أَوْجَبَ التَّسْوِيَةَ فِي عَطِيَّةِ الْأَوْلَادِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْبُخَارِيُّ، وَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ وَالثَّوْرِيِّ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق، وَقَالَ بِهِ بَعْض الْمَالِكِيَّة.
ثُمَّ الْمَشْهُورُ عَنْ هَؤُلَاءِ أَنَّهَا بَاطِلَة ,
وَعَنْ أَحْمَدَ تَصِحُّ، وَيَجِبُ أَنْ يَرْجِعَ , وَعَنْهُ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ إِنْ كَانَ لَهُ سَبَبٌ، كَأَنْ يَحْتَاجَ الْوَلَدُ لِزَمَانَتِهِ وَدَيْنِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ دُون الْبَاقِينَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُف: تَجِبُ التَّسْوِيَةُ إِنْ قَصَدَ بِالتَّفْضِيلِ الْإِضْرَار.
وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ التَّسْوِيَةَ مُسْتَحَبَّةٌ، فَإِنْ فَضَّلَ بَعْضًا , صَحَّ وَكُرِهَ. وَاسْتُحِبَّتْ الْمُبَادَرَةُ إِلَى التَّسْوِيَةِ أَوْ الرُّجُوعِ، فَحَمَلُوا الْأَمْرَ عَلَى النَّدْبِ , وَالنَّهَْي عَلَى التَّنْزِيهِ.
وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ أَوْجَبَهُ أَنَّهُ مُقَدِّمَةُ الْوَاجِب , لِأَنَّ قَطْعَ الرَّحِم وَالْعُقُوقِ مُحَرَّمَانِ , فَمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِمَا يَكُونُ مُحَرَّمًا , وَالتَّفْضِيلُ مِمَّا يُؤَدِّي إِلَيْهِمَا , ثُمَّ اِخْتَلَفُوا فِي صِفَةِ التَّسْوِيَة , فَقَالَ مُحَمَّد بْن الْحَسَن , وَأَحْمَد, وَإِسْحَاق وَبَعْض الشَّافِعِيَّة وَالْمَالِكِيَّة: الْعَدْل أَنْ يُعْطِيَ الذَّكَرَ حَظَّيْنِ كَالْمِيرَاثِ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ حَظُّهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ لَوْ أَبْقَاهُ الْوَاهِبُ فِي يَدِهِ حَتَّى مَاتَ.
وَقَالَ غَيْرُهُمْ: لَا فَرْقَ بَيْن الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَظَاهِرُ الْأَمْرِ بِالتَّسْوِيَةِ يَشْهَدُ لَهُ , وَاسْتَأنَسُوا بِحَدِيثِ اِبْن عَبَّاس رَفَعَهُ: " سَوُّوا بَيْن أَوْلَادكُمْ فِي الْعَطِيَّة، فَلَوْ كُنْتُ مُفَضِّلًا أَحَدًا لَفَضَّلْتُ النِّسَاءَ " أَخْرَجَهُ سَعِيد بْن مَنْصُور وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقه وَإِسْنَاده حَسَن. وضعفه الألباني في الضعيفة (٣٤٠)
وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا النَّدْبُ إِلَى التَّآلُفِ بَيْن الْإِخْوَةِ , وَتَرْكِ مَا يُوقِعُ بَيْنَهُمْ الشَّحْنَاءَ أَوْ يُورِثُ الْعُقُوقَ لِلْآبَاءِ، وَأَنَّ عَطِيَّةَ الْأَبِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ فِي حَجْرهِ لَا تَحْتَاجُ إِلَى قَبْضٍ، وَأَنَّ الْإِشْهَادَ فِيهَا يُغْنِي عَنْ الْقَبْض.
وَقِيلَ: إِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً , فَلَا بُدَّ مِنْ عَزْلهَا وَإِفْرَازهَا.
وَفِيهِ كَرَاهَةُ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ فِيمَا لَيْسَ بِمُبَاحٍ.
وَأَنَّ الْإِشْهَادَ فِي الْهِبَةِ مَشْرُوعٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ. فتح الباري (ج ٨ / ص ٧٢)