للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تَعَذُّرُ اسْتِعْمَالِ المَاء

(خد د حم) , عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنه - قَالَ: (" بَعَثَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -) (١) (عَامَ ذَاتِ السَّلَاسِلِ (٢)) (٣) (فَقَالَ: خُذْ عَلَيْكَ ثِيَابَكَ وَسِلَاحَكَ ثُمَّ ائْتِنِي " , فَأَتَيْتُهُ " وَهُوَ يَتَوَضَّأُ , فَصَعَّدَ فِيَّ النَّظَرَ ثُمَّ طَأطَأَهُ) (٤) (ثُمَّ قَالَ: يَا عَمْرُو , إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَكَ عَلَى جَيْشٍ) (٥) (فَيُسَلِّمَكَ اللهُ وَيُغْنِمَكَ , وَأَرْغَبُ لَكَ مِنْ الْمَالِ رَغْبَةً صَالِحَةً (٦) " , فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ , إِنِّي مَا أَسْلَمْتُ مِنْ أَجْلِ الْمَالِ , وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ , وَأَنْ أَكُونَ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - فَقَالَ: " يَا عَمْرُو , نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلْمَرْءِ الصَّالِحِ ") (٧) (قَالَ: فَاحْتَلَمْتُ فِي) (٨) (غَزْوَةِ ذَاتِ السُّلَاسِلِ) (٩) (فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ شَدِيدَةِ الْبَرْدِ، فَأَشْفَقْتُ إِنْ اغْتَسَلْتُ أَنْ أَهْلَكَ , فَتَيَمَّمْتُ , ثُمَّ صَلَّيْتُ بِأَصْحَابِي صَلَاةَ الصُّبْحِ , فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -) (١٠) (ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - فَقَالَ لِي: " يَا عَمْرُو , صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ؟ ") (١١) (فَقُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ , إِنِّي احْتَلَمْتُ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ شَدِيدَةِ الْبَرْدِ فَأَشْفَقْتُ إِنْ اغْتَسَلْتُ أَنْ أَهْلَكَ , وَذَكَرْتُ قَوْلَ اللهِ - عزَّ وجل -: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ , إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} (١٢) فَتَيَمَّمْتُ ثُمَّ صَلَّيْتُ , " فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا (١٣) ") (١٤)


(١) (حم) ١٧٧٨٩ , (خد) ٢٩٩، وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.
(٢) فِي مَرَاصِدِ الِاطِّلَاعِ: السُّلَاسِلُ: جَمْعُ سِلْسِلَةٍ , مَاءٌ بِأَرْضِ جُذَامٍ , سُمِّيَتْ بِهِ غَزْوَةُ ذَاتِ السُّلَاسِلِ.
قَالَ الْعَيْنِيُّ وَهِيَ وَرَاءَ وَادِي الْقُرَى , بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ عَشْرَةُ أَيَّامٍ , وَكَانَتْ تِلْكَ الْغَزْوَةُ فِي
جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ. عون٣٣٤
(٣) (حم) ١٧٨٤٥ , (خ) ٣٦٦٢، (م) ٨ - (٢٣٨٤)، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: حديث صحيح.
(٤) (حم) ١٧٧٨٩ , (خد) ٢٩٩
(٥) (خد) ٢٩٩، (حب) ٣٢١١، انظر صَحْيح الْأَدَبِ الْمُفْرَد: ٢٢٩
(٦) أَيْ: أعطيك من المال شيئا لا بأس به.
(٧) (حم) ١٧٧٨٩ , (خد) ٢٩٩
(٨) (حم) ١٧٨٤٥
(٩) (د) ٣٣٤
(١٠) (حم) ١٧٨٤٥
(١١) (د) ٣٣٤
(١٢) [النساء/٢٩]
(١٣) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّيَمُّمِ عِنْدَ شِدَّةِ الْبَرْدِ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: التَّبَسُّمُ وَالِاسْتِبْشَارُ , وَالثَّانِي: عَدَمُ الْإِنْكَارِ , لِأَنَّ النَّبِيَّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - لَا يُقِرُّ عَلَى بَاطِلٍ , وَالتَّبَسُّمُ وَالِاسْتِبْشَارُ أَقْوَى دَلَالَةً مِنَ السُّكُوتِ عَلَى الْجَوَازِ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: فِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّهُ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - جَعَلَ عَدَمَ إِمْكَانِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ كَعَدَمِ عَيْنِ الْمَاءِ , وَجَعَلَهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَخَافُ الْعَطَشَ وَمَعَهُ مَاءٌ , فَأَبْقَاهُ لِيَشْرَبَهُ وَلِيَتَيَمَّمَ بِهِ خَوْفَ التَّلَفِ.
قال ابن رَسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ: لَا يَتَيَمَّمُ لِشِدَّةِ الْبَرْدِ مَنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يُسَخِّنَ الْمَاءَ , أَوْ يستعمله على درجة يَأمَنُ الضَّرَرَ , مِثْلَ أَنْ يَغْسِلَ عُضْوًا وَيَسْتُرَهُ , وكلما غسل عضوا ستره ودفاه مِنَ الْبَرْدِ , لَزِمَهُ ذَلِكَ , وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ , تَيَمَّمَ وَصَلَّى فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ: يَغْتَسِلُ وَإِنْ مَاتَ , وَلَمْ يَجْعَلَا له عُذرا.
ومقتضى قولِ ابن مَسْعُودٍ: " لَوْ رَخَّصْنَا لَهُمْ , لَأَوْشَكَ إِذَا بَرَدَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَيَمَّمُوا " , أَنَّهُ لَا يُتَيَمَّمُ لِشِدَّةِ الْبَرْدِ. انْتَهَى. عون٣٣٤
(١٤) (حم) ١٧٨٤٥، (د) ٣٣٤ , (خم) ج١ص٧٧ , وقال الحافظ في الفتح (١/ ٤٥٤)
: وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ , لَكِنَّهُ عَلَّقَهُ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ لِكَوْنِهِ اخْتَصَرَهُ.