للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تَوْقِيرُ الْكَبِيرِ وَالرَّحْمَةُ بِالصَّغِير

(خد) , عَنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ السَّعْدِيِّ قَالَ: (أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " هَذَا سَيِّدُ أَهْلِ الْوَبَرِ "، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا الْمَالُ الَّذِي لَيْسَ عَلَيَّ فِيهِ تَبِعَةٌ مِنْ طَالِبٍ وَلَا مِنْ ضَيْفٍ؟ , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " نِعْمَ الْمَالُ أَرْبَعُونَ، وَالْأَكْثَرُ سِتُّونَ، وَوَيْلٌ لِأَصْحَابِ الْمِئِينَ , إِلَّا مَنْ أَعْطَى الْكَرِيمَةَ، وَمَنَحَ الْغَزِيرَةَ، وَنَحَرَ السَّمِينَةَ، فَأَكَلَ وَأَطْعَمَ الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ (١) " , قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَكْرَمُ هَذِهِ الأَخْلاقِ؟، لَا يُحَلُّ بِوَادٍ أَنَا فِيهِ مِنْ كَثْرَةِ نَعَمِي , فَقَالَ: " كَيْفَ تَصْنَعُ بِالْعَطِيَّةِ؟ " قُلْتُ: أُعْطِي الْبَكْرَ، وَأُعْطِي النَّابَ (٢) قَالَ: " كَيْفَ تَصْنَعُ فِي الْمَنِيحَةِ (٣)؟ " قَالَ: إِنِّي لأَمْنَحُ النَّاقَةَ , قَالَ: " كَيْفَ تَصْنَعُ فِي الطَّرُوقَةِ (٤)؟ " قَالَ: يَغْدُو (٥) النَّاسُ بِحِبَالِهِمْ، وَلَا يُوزَعُ (٦) رَجُلٌ مِنْ جَمَلٍ يَخْتَطِمُهُ (٧) فَيُمْسِكُهُ مَا بَدَا لَهُ، حَتَّى يَكُونَ هُوَ يَرُدَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " فَمَالُكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ مَالُ مَوَالِيكَ؟ "، قَالَ: مَالِي , قَالَ: " فَإِنَّمَا لَكَ مِنْ مَالِكَ مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ أَعْطَيْتَ فَأَمْضَيْتَ، وَسَائِرُهُ لِمَوَالِيكَ " , فَقُلْتُ: لَا جَرَمَ (٨) لَئِنْ رَجَعْتُ لأُقِلَّنَّ عَدَدَهَا، فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ جَمَعَ بَنِيهِ فَقَالَ: يَا بَنِيَّ خُذُوا عَنِّي، فَإِنَّكُمْ لَنْ تَأخُذُوا عَنْ أَحَدٍ هُوَ أَنْصَحُ لَكُمْ مِنِّي , لَا تَنُوحُوا عَلَيَّ، " فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُنَحْ عَلَيْهِ، وَقَدْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنِ النِّيَاحَةِ "، وَكَفِّنُونِي فِي ثِيَابِي الَّتِي كُنْتُ أُصَلِّي فِيهَا) (٩) (وَسَوِّدُوا أَكْبَرَكُمْ , فَإِنَّ الْقَوْمَ إِذَا سَوَّدُوا أَكْبَرَهُمْ خَلَفُوا أَبَاهُمْ , وإِذا سَودُوا أَصَغَرهُم, أَزرَى بِهم ذَلك فِي أَكفائِهِم) (١٠) (وَأَصْلِحُوا عَيْشَكُمْ) (١١) (فَإِنَّهُ مَنْبَهَةٌ لِلْكَرَمِ , وَيُسْتَغْنَى بِهِ عَنِ اللَّئِيمِ , وَإِيَّاكُمْ ومَسأَلةَ النَّاسِ) (١٢) (فَإِنَّهَا آخِرُ كَسْبِ الْمَرْءِ، وَإِذَا دَفَنْتُمُونِي فَسَوُّوا عَلَيَّ قَبْرِي، فَإِنَّهُ كَانَ شَيْءٌ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا الْحَيِّ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ - خُمَاشَاتٌ (١٣) - فلَا آمَنُ سَفِيهًا (١٤) أَنْ يَأتِيَ أَمْرًا يُدْخِلُ عَلَيْكُمْ عَيْبًا فِي دِينِكُمْ) (١٥).


(١) (القانع): السائل , و (المُعْتَرّ): الذي يعتر بالبدن , يطيف بها معترضا لها من غني أو فقير. (مناسك الحج والعمرة) ص٢٣
(٢) " الناب ": الناقة المسنة.
(٣) " المنيحة ": أن يعطيه ناقة أوشاة ينتفع بلبنها ويعيدها , وكذلك إذا أعطاه لينتفع بِوَبَرِها وصوفها زماناً ثم يردُّها.
(٤) " الطَّروقة ": الناقة التي بلغت أن يضربها الفحل.
(٥) الغدو: السير والذهاب أول النهار.
(٦) " لا يوزع ": أي: لَا يُمنع.
(٧) أي: يجعل على أنفه خطاماً , و (الخطام): ما يوضع على أنف الجمل من الزمام ليُقاد به.
(٨) هذه كلمة تَرِد بمعْنى تَحْقِيق الشَّيء , وقد اخْتُلف في تقديرها فقِيل: أصْلُها التَّبْرِئة بمعنى (لا بُدَّ). النهاية في غريب الأثر - (ج ١ / ص ٧٣٦)
(٩) (خد) ٩٥٣ , انظر صَحْيح الْأَدَبِ الْمُفْرَد: ٧٣٤
(١٠) (خد) ٣٦١ , (حم) ٢٠٦٣١ , انظر صَحْيح الْأَدَبِ الْمُفْرَد: ٢٧٧
(١١) (خد) ٩٥٣
(١٢) (خد) ٣٦١
(١٣) " الخُماشات " واحدها خُماشة أي: جراحات وجنايات , وهي كل ما كان دون القتل والدية , من قطع , أو جدع , أو جرح , أو ضرب , أو نهب , ونحو ذلك من أنواع الأذى , " النهاية ".
(١٤) السَّفَه: الخفّة والطيشُ، وسَفِه رأيُه إذا كان مَضْطربا لَا اسِتقامَةَ له، والسفيه: الجاهلُ.
(١٥) (خد) ٩٥٣