للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سُورَةُ الْمُجَادِلَة

تَفْسِيرُ السُّورَة

{قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ , وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ , الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ , وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ , فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (١)

(د حم) , عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: (أَنْزَلَ اللهُ - عز وجل - صَدْرَ سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ فِيَّ وَفِي زَوْجِي أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ - رضي الله عنه - (٢) قَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَهُ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ سَاءَ خُلُقُهُ وَضَجِرَ , فَدَخَلَ عَلَيَّ يَوْمًا , فَرَاجَعْتُهُ بِشَيْءٍ , فَغَضِبَ فَقَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي , ثُمَّ خَرَجَ فَجَلَسَ فِي نَادِي قَوْمِهِ سَاعَةً , ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ , فَإِذَا هُوَ يُرِيدُنِي عَلَى نَفْسِي , فَقُلْتُ لَهُ: كَلَّا وَالَّذِي نَفْسُ خُوَيْلَةَ بِيَدِهِ , لَا تَخْلُصُ إِلَيَّ وَقَدْ قُلْتَ مَا قُلْتَ , حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ وَرَسُولُهُ فِينَا بِحُكْمِهِ , قَالَتْ: فَوَاثَبَنِي وَامْتَنَعْتُ مِنْهُ , فَغَلَبْتُهُ بِمَا تَغْلِبُ بِهِ الْمَرْأَةُ الشَّيْخَ الضَّعِيفَ , فَأَلْقَيْتُهُ عَنِّي , ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى بَعْضِ جَارَاتِي فَاسْتَعَرْتُ مِنْهَا ثِيَابَهَا , ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ , فَذَكَرْتُ لَهُ مَا لَقِيتُ مِنْهُ فَجَعَلْتُ أَشْكُو إِلَيْهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا أَلْقَى مِنْ سُوءِ خُلُقِهِ , قَالَتْ: " فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) (٣) (يُجَادِلُنِي فِيهِ وَيَقُولُ:) (٤) (يَا خُوَيْلَةُ , ابْنُ عَمِّكِ شَيْخٌ كَبِيرٌ , فَاتَّقِي اللهَ فِيهِ ") (٥) (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَكَلَ شَبَابِي، وَنَثَرْتُ لَهُ بَطْنِي، حَتَّى إِذَا كَبِرَتْ سِنِّي وَانْقَطَعَ وَلَدِي ظَاهَرَ مِنِّي، اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْكَ) (٦) (قَالَتْ: فَوَاللهِ مَا بَرِحْتُ حَتَّى نَزَلَ فِيَّ الْقُرْآنُ , " فَتَغَشَّى رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا كَانَ يَتَغَشَّاهُ , ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ , فَقَالَ لِي: يَا خُوَيْلَةُ , قَدْ أَنْزَلَ اللهُ فِيكِ وَفِي صَاحِبِكِ , ثُمَّ قَرَأَ عَلَيَّ: {قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ , وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا , إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (٧) فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " مُرِيهِ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً " , فَقُلْتُ: وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ مَا عِنْدَهُ مَا يُعْتِقُ , قَالَ: " فَلْيَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ " , فَقُلْتُ: وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صِيَامٍ , قَالَ: " فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا " , فَقُلْتُ: وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ) (٨) (مَا عِنْدَهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَصَدَّقُ بِهِ) (٩) (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " فَإِنَّا سَنُعِينُهُ بِعَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ (١٠) " , فَقُلْتُ: وَأَنَا يَا رَسُولَ اللهِ سَأُعِينُهُ بِعَرَقٍ آخَرَ , قَالَ: " قَدْ أَصَبْتِ وَأَحْسَنْتِ , فَاذْهَبِي فَتَصَدَّقِي عَنْهُ) (١١) (وَارْجِعِي إِلَى ابْنِ عَمِّكِ (١٢) ") (١٣)


(١) [المجادلة/١ - ٤]
(٢) قَالَ أَبُو دَاوُد: وَهَذَا أَخُو عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رضي الله عنه -.
(٣) (حم) ٢٧٣٦٠، (حب) ٤٢٧٩ , انظر صحيح موارد الظمآن: ١١١٦ , وقال الحافظ في " الفتح " ٩/ ٤٣٣: أسانيد هذه الأحاديث حسان.
(٤) (د) ٢٢١٤، انظر الإرواء: ٢٠٨٧
(٥) (حم) ٢٧٣٦٠
(٦) (جة) ٢٠٦٣
(٧) [المجادلة/١ - ٤]
(٨) (حم) ٢٧٣٦٠، (د) ٢٢١٤ , (حب) ٤٢٧٩ , (س) ٣٤٦٠ , (جة) ١٨٨
(٩) (د) ٢٢١٤
(١٠) قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: يَعْنِي بِالْعَرَقِ: زِنْبِيلًا , يَأخُذُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا. (د) ٢٢١٦
قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: يَجِبُ لِكُلِّ فَقِيرٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ , أَوْ صَاعٌ كَامِلٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ وَالدَّقِيقُ مِنْ الْبُرِّ أَوْ الشَّعِيرِ بِمَنْزِلَةِ أَصْلِهِ , وَكَذَا السَّوِيقُ.
وَهَلْ يُعْتَبَرُ تَمَامُ الْكَيْلِ؟ , أَوْ الْقِيمَةِ فِي كُلٍّ مِنْ الدَّقِيقِ وَالسَّوِيقِ؟ فِي ذَلِكَ رَأيَانِ.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: يَجِبُ لِكُلِّ فَقِيرٍ مُدٌّ مِنْ بُرٍّ , أَوْ مِقْدَارُ مَا يَصْلُحُ لِلْإِشْبَاعِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَقْوَاتِ التِّسْعَةِ , وَهِيَ الْقَمْحُ , وَالشَّعِيرُ , وَالسُّلْتُ , وَالذُّرَةُ , وَالدُّخْنُ , وَالْأَرُزُّ , وَالتَّمْرُ وَالزَّبِيبُ , وَالْأَقِطُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: يَجِبُ لِكُلِّ فَقِيرٍ مُدٌّ وَاحِدٌ مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ , مِمَّا ذُكِرَ مِنْ الْأَصْنَافِ السَّابِقَةِ , أَوْ غَيْرِهَا.
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: يَجِبُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ مِنْ بُرٍّ , أَوْ نِصْفِ صَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ , أَوْ تَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ , أَوْ أَقِطٍ , وَيُجْزِئُ دَقِيقٌ وَسَوِيقٌ بِوَزْنِ الْحَبِّ , سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ قُوتِ الْبَلَدِ أَوْ لَا.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ مِنْهُمْ: يُجْزِئُ كُلُّ أَقْوَاتِ الْبَلَدِ , وَالْأَفْضَلُ عِنْدَهُمْ: إخْرَاجُ الْحَبِّ. الموسوعة الفقهية ج٥ص١١٦
(١١) (حم) ٢٧٣٦٠ , (حب) ٤٢٧٩
(١٢) قَالَ أَبُو دَاوُد: فِي هَذَا إِنَّهَا كَفَّرَتْ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَسْتَأمِرَهُ.
(١٣) (د) ٢٢١٤