للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سَرِيَّةُ عَاصِمِ بْنِ ثَابِت - رضي الله عنه -

(خ د حم) , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: (" بَعَثَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشَرَةَ رَهْطٍ سَرِيَّةً عَيْنًا (١) وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ، جَدَّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ "، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَّةِ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ، ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ , يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو لِحْيَانَ، فَنَفَرُوا لَهُمْ (٢) بِقَرِيبٍ مِنْ مِائَتَيْ رَجُلٍ , كُلُّهُمْ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ) (٣) (حَتَّى أَتَوْا مَنْزِلًا نَزَلُوهُ , فَوَجَدُوا فِيهِ نَوَى تَمْرٍ تَزَوَّدُوهُ مِنْ الْمَدِينَةِ , فَقَالُوا: هَذَا تَمْرُ يَثْرِبَ) (٤) (فَاتَّبَعُوا آثَارَهُمْ حَتَّى لَحِقُوهُمْ , فَلَمَّا أَحَسَّهُمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ) (٥) (لَجَئُوا إِلَى فَدْفَدٍ (٦) فَأَحَاطَ بِهِمْ الْقَوْمُ، فَقَالُوا لَهُمْ: انْزِلُوا , وَأَعْطُونَا بِأَيْدِيكُمْ (٧) وَلَكُمْ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ أَنْ لَا نَقْتُلَ مِنْكُمْ أَحَدًا , فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ: أَمَّا أَنَا فَوَاللهِ لَا أَنْزِلُ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ، اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ - صلى الله عليه وسلم - فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ (٨) فَقَتَلُوا عَاصِمًا فِي سَبْعَةٍ، وَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ عَلَى الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ الْأَنْصَارِيُّ، وَزَيْدُ بْنُ الدَّثِنَةِ، وَرَجُلٌ آخَرُ (٩) فَلَمَّا تَمَكَّنُوا مِنْهُمْ أَطْلَقُوا (١٠) أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ (١١) فَرَبَطُوهُمْ بِهَا، فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ: هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ، وَاللهِ لَا أَصْحَبُكُمْ، إِنَّ لِي بِهَؤُلَاءِ لَأُسْوَةً - يُرِيدُ الْقَتْلَى - فَجَرَّرُوهُ وَعَالَجُوهُ , فَأَبَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ , فَقَتَلُوهُ , فَانْطَلَقُوا بِخُبَيْبٍ وَزَيْدِ بْنِ الدَّثِنَةِ حَتَّى بَاعُوهُمَا بِمَكَّةَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَابْتَاعَ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ خُبَيْبًا - وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ يَوْمَ بَدْرٍ - فَلَبِثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا) (١٢) (حَتَّى أَجْمَعُوا (١٣) قَتْلَهُ , فَاسْتَعَارَ خُبَيْبٌ مِنْ بِنْتِ الْحَارِثِ مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا (١٤) فَأَعَارَتْهُ , فَدَرَجَ بُنَيٌّ لَهَا وَهِيَ غَافِلَةٌ حَتَّى أَتَاهُ، فَوَجَدْتُهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخِذِهِ , وَالْمُوسَى بِيَدِهِ، قَالَتْ: فَفَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ) (١٥) (فَقَالَ: أَتَخْشَيْنَ أَنِّي أَقْتُلُهُ؟ , مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ، قَالَتْ: فَوَاللهِ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، قَالَتْ: وَاللهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَوْمًا يَأكُلُ قِطْفًا مِنْ عِنَبٍ فِي يَدِهِ , وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ فِي الْحَدِيدِ، وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرَةٍ، وَكَانَتْ تَقُولُ: إِنَّهُ لَرِزْقٌ رَزَقَهُ اللهُ خُبَيْبًا , فَلَمَّا خَرَجُوا بِهِ مِنْ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِي الْحِلِّ، قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ: دَعُونِي أَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، فَتَرَكُوهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ لَوْلَا أَنْ تَظُنُّوا أَنَّ مَا بِي جَزَعًا مِنْ الْقَتْلِ لَطَوَّلْتُهَا) (١٦) (ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا , وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا (١٧) وَلَا تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا , ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:

فَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا ... عَلَى أَيِّ جَنْبٍ كَانَ للهِ مَصْرَعِي

وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ وَإِنْ يَشَأ ... يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ (١٨) مُمَزَّعِ

ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ أَبُو سِرْوَعَةَ , عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ , فَقَتَلَهُ) (١٩) (وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ سَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ لِكُلِّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْرًا , وَاسْتَجَابَ اللهُ - عز وجل - لِعَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ يَوْمَ أُصِيبَ، " فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَصْحَابَهُ خَبَرَهُمْ [يَوْمَ أُصِيبُوا] (٢٠) " , وَبَعَثَ نَاسٌ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ إِلَى عَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ حِينَ حُدِّثُوا أَنَّهُ قُتِلَ , لِيَأتُوا بِشَيْءٍ مِنْهُ يُعْرَفُ - وَكَانَ قَدْ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ - فَبَعَثَ اللهُ عَلَى عَاصِمٍ مِثْلَ الظُّلَّةِ مِنْ الدَّبْرِ (٢١) فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ , فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى أَنْ يَقْطَعُوا مِنْ لَحْمِهِ شَيْئًا) (٢٢).


(١) أَيْ: جَاسُوسًا. عون المعبود - (ج ٦ / ص ٩٣)
(٢) أَيْ: خَرَجُوا وَاسْتَعَدُّوا. عون المعبود - (ج ٦ / ص ٩٣)
(٣) (خ) ٢٨٨٠ , (حم) ٨٠٨٢
(٤) (خ) ٣٨٥٨ , (حم) ٨٠٨٢
(٥) (حم) ٨٠٨٢ , (خ) ٢٨٨٠
(٦) هُوَ الْمَوْضِع الْمُرْتَفِع مِنْ الْأَرْض , كَأَنَّهُمْ تَحَصَّنُوا بِهِ. عون المعبود (ج٦ص٩٣)
(٧) أَيْ: اِنْقَادُوا. عون المعبود - (ج ٦ / ص ٩٣)
(٨) أَيْ: السِّهَام. عون المعبود - (ج ٦ / ص ٩٣)
(٩) هُوَ عَبْد الله بْن طَارِق الْبَلَوِيّ. عون المعبود - (ج ٦ / ص ٩٣)
(١٠) أَيْ: حَلُّوا. عون المعبود - (ج ٦ / ص ٩٣)
(١١) أَوْتَار: جَمْع وَتَر، وَقِسِيّ: جَمْع قَوْس. عون المعبود - (ج ٦ / ص ٩٣)
(١٢) (خ) ٢٨٨٠ , (د) ٢٦٦٠
(١٣) أَيْ: عَزَمُوا. عون المعبود - (ج ٦ / ص ٩٣)
(١٤) الِاسْتِحْدَاد حَلْق شَعْر الْعَانَة. عون المعبود - (ج ٦ / ص ٩٣)
(١٥) (خ) ٣٧٦٧ , (د) ٣١١٢ , (حم) ٨٠٨٢
(١٦) (خ) ٢٨٨٠ , (حم) ٨٠٨٢
(١٧) أَيْ: مُتَفَرِّقِينَ. فتح الباري (ج ١١ / ص ٤٢٠)
(١٨) الشِّلْوُ - بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ -: الْجَسَدُ. فتح الباري (ج ١١ / ص ٤٢٠)
(١٩) (خ) ٣٧٦٧ , ٣٨٥٩
(٢٠) (خ) ٦٩٦٧ , (حم) ٧٩١٥
(٢١) أَيْ: الدبابير.
(٢٢) (خ) ٢٨٨٠ , (حم) ٨٠٨٢