للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ، يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا , يَا وَيْلَتَا، لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا , لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي، وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} (١)

(دلائل النبوة لأبي نعيم)، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا}، قَالَ: نَزَلَتْ فِي عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، كَانَ يَجْلِسُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَكَّةَ لَا يُؤْذِيِهِ، وَكَانَ رَجُلًا حَلِيمًا، وَكَانَ بَقِيَّةُ قُرَيْشٍ إِذَا جَلَسُوا مَعَهُ آذَوْهُ، وَكَانَ لعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ خَلِيلٌ غَائِبٌ عَنْهُ بِالشَّامِ فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: صَبَأَ ابْنُ أَبِي مُعَيْطٍ، وَقَدِمَ خَلِيلُهُ مِنَ الشَّامِ لَيْلًا , فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: مَا فَعَلَ مُحَمَّدٌ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ؟ , فَقَالَتْ: أَشَدَّ مَا كَانَ أَمْرًا، فَقَالَ: مَا فَعَلَ خَلِيلِي ابْنُ أَبِي مُعَيْطٍ؟، فَقَالَتْ: صَبَأَ، فَبَاتَ بِلَيْلَةِ سُوءٍ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَاهُ ابْنُ أَبِي مُعَيْطٍ فَحَيَّاهُ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ التَّحِيَّةَ، فَقَالَ: مَالَكَ لَا تَرُدُّ عَلَيَّ تَحِيَّتِي؟ , فَقَالَ: كَيْفَ أَرُدُّ عَلَيْكَ تَحِيَّتَكَ وَقَدْ صَبَوْتَ؟ , قَالَ: أَوَقَدْ فَعَلَتْهَا قُرَيْشٌ؟ , قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا يُبْرِئُ صُدُورَهُمْ إِنْ أَنَا فَعَلْتُهُ؟ , قَالَ: تَأتِيهِ فِي مَجْلِسِهِ , فَتَبْزُقُ فِي وَجْهِهِ , وَتَشْتُمُهُ بِأَخْبَثِ مَا تَعْلَمُ مِنَ الشَّتْمِ، فَفَعَلَ , " فَلَمْ يَزِدْ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ مَسْحَ وَجْهَهُ مِنَ الْبُزَاقِ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْهِ فَقَالَ: إِنْ وَجَدْتُكَ خَارِجًا مِنْ جِبَالِ مَكَّةَ , أَضْرِبُ عُنُقَكَ صَبْرًا "، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ , وَخَرَجَ أَصْحَابُهُ , أَبَى أَنْ يَخْرُجَ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: اخْرُجْ مَعَنَا، قَالَ: تَوَعَّدَنِي هَذَا الرَّجُلُ إِنْ وَجَدَنِي خَارِجًا مِنْ جِبَالِ مَكَّةَ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقِي صَبْرًا، فَقَالُوا: لَكَ جَمَلٌ أَحْمَرُ لَا يُدْرَكُ، فَلَوْ كَانَتِ الْهَزِيمَةُ , طِرْتَ عَلَيْهِ , فَخَرَجَ مَعَهُمْ، فَلَمَّا هَزَمَ اللهُ الْمُشْرِكِينَ , وَحَّلَ بِهِ جَمَلُهُ فِي جُدَدٍ (٢) مِنَ الْأَرْضِ، " فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَسِيرًا فِي سَبْعِينَ مِنْ قُرَيْشٍ، فَأَمَرَ بِهِ الرَّسُولُ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُقْتَلَ "، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ: مِنْ بَيْنِ هَؤُلَاءِ أُقْتَلُ؟، قَالَ: " نَعَمْ " فَقَالَ: لِمَ؟، قَالَ: " بِمَا بَزَقْتَ فِي وَجْهِي "، قَالَ: فَمَنْ لِلصِّبْيَةِ؟ , قَالَ: " النَّارُ "، فَقَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رضي الله عنه - فَضَرَبَ عُنُقَهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا , يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا , لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} (٣). (٤)


(١) [الفرقان/٢٧ - ٢٩]
(٢) قَالَ الْفَرَّاءُ: الجُدَدُ: الخِطَطُ والطُّرُق تَكُونُ فِي الْجِبَالِ , خِطَطٌ بِيضٌ وَسُودٌ وَحُمْرٌ كالطُّرُق، وَاحِدُهَا: جُدَّةٌ. لسان العرب (٣/ ١٠٨)
(٣) [الفرقان/٢٧ - ٢٩]
(٤) صححه الألباني في صحيح السيرة ص٢٠٥