للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نِكَاحُ الشِّغَار

(خ م جة) , وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ , عَنْ عَبْدِ اللهِ - رضي الله عنه - (" أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ الشِّغَارِ " , قُلْتُ لِنَافِعٍ: مَا الشِّغَارُ؟ , قَالَ:) (١) (الشِّغَارُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ أَوْ أُخْتَكَ , عَلَى أَنْ أُزَوِّجَكَ ابْنَتِي أَوْ أُخْتِي , وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ (٢)) (٣).


(١) (خ) ٦٥٥٩ , (م) ٥٨ - (١٤١٥) , (د) ٢٠٧٤ , (ت) ١١٢٤ , (س) ٣٣٣٤ , (حم) ٤٥٢٦
(٢) قَالَ الْقُرْطُبِيّ: تَفْسِير الشِّغَار صَحِيح مُوَافِق لِمَا ذَكَرَهُ أَهْل اللُّغَة , فَإِنْ كَانَ مَرْفُوعًا فَهُوَ الْمَقْصُود، وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْل الصَّحَابِيّ فَمَقْبُول أَيْضًا , لِأَنَّهُ أَعْلَم بِالْمَقَالِ وَأَقْعَدُ بِالْحَالِ , وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْفُقَهَاء هَلْ يُعْتَبَر فِي الشِّغَار الْمَمْنُوع ظَاهِر الْحَدِيث فِي تَفْسِيره، فَإِنَّ فِيهِ وَصْفَيْنِ أَحَدهمَا تَزْوِيج الْوَلِيَّيْنِ وَلِيَّته لِلْآخَرِ بِشَرْطِ أَنْ يُزَوِّجهُ وَلِيَّته، وَالثَّانِي: خُلُوّ بُضْعِ كُلّ مِنْهُمَا مِنْ الصَّدَاق، فَمِنْهُمْ مَنْ اِعْتَبَرَهُمَا مَعًا حَتَّى لَا يَمْنَع مِثْلًا إِذَا زَوَّجَ كُلّ مِنْهُمَا الْآخَر بِغَيْرِ شَرْط وَإِنْ لَمْ يَذْكُر الصَّدَاق، أَوْ زَوَّجَ كُلّ مِنْهُمَا الْآخَر بِالشَّرْطِ وَذَكَرَ الصَّدَاق. وَذَهَبَ أَكْثَر الشَّافِعِيَّة إِلَى أَنَّ عِلَّة النَّهْي الِاشْتِرَاك فِي الْبُضْع , لِأَنَّ بُضْع كُلّ مِنْهُمَا يَصِير مَوْرِد الْعَقْد، وَجَعْل الْبُضْع صَدَاقًا مُخَالِف لَا يُرَاد عَقْد النِّكَاح، وَلَيْسَ الْمُقْتَضِي لِلْبُطْلَانِ تَرْك ذِكْرِ الصَّدَاق , لِأَنَّ النِّكَاح يَصِحّ بِدُونِ تَسْمِيَة الصَّدَاق وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا لَمْ يُصَرِّحَا بِذِكْرِ الْبُضْع , فَالْأَصَحّ عِنْدهمْ الصِّحَّة، وَلَكِنْ وُجِدَ نَصّ الشَّافِعِيّ عَلَى خِلَافه وَلَفْظه: إِذَا زَوَّجَ الرَّجُل اِبْنَته أَوْ الْمَرْأَة يَلِي أَمْرهَا مَنْ كَانَتْ لِآخَر عَلَى أَنَّ صَدَاق كُلّ وَاحِدَة بُضْع الْأُخْرَى أَوْ عَلَى أَنْ يُنْكِحهُ الْأُخْرَى وَلَمْ يُسَمِّ أَحَد مِنْهُمَا لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَدَاقًا فَهَذَا الشِّغَار الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مَنْسُوخ، هَكَذَا سَاقَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ الصَّحِيح عَنْ الشَّافِعِيّ، قَالَ: وَهُوَ الْمُوَافِق لِلتَّفْسِيرِ الْمَنْقُول فِي الْحَدِيث،
وَاخْتَلَفَ نَصّ الشَّافِعِيّ فِيمَا إِذَا سَمَّى مَعَ ذَلِكَ مَهْرًا , فَنَصَّ فِي " الْإِمْلَاء " عَلَى الْبُطْلَان، وَظَاهِر نَصّه فِي " الْمُخْتَصَر " الصِّحَّة، وَعَلَى ذَلِكَ اِقْتَصَرَ فِي النَّقْل عَنْ الشَّافِعِيّ مَنْ يَنْقُل الْخِلَاف مِنْ أَهْل الْمَذَاهِب، وَقَالَ الْقَفَّال: الْعِلَّة فِي الْبُطْلَانِ التَّعْلِيق وَالتَّوْقِيف، فَكَأَنَّهُ يَقُول لَا يَنْعَقِد لَك نِكَاح بِنْتِي حَتَّى يَنْعَقِد لِي نِكَاح بِنْتك , وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: كَانَ اِبْن أَبِي هُرَيْرَة يُشَبِّه بِرَجُلٍ تَزَوَّجَ اِمْرَأَة وَيَسْتَثْنِي عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهَا وَهُوَ مِمَّا لَا خِلَاف فِي فَسَاده، وَتَقْرِير ذَلِكَ أَنَّهُ يُزَوِّج وَلِيَّته وَيَسْتَثْنِي بُضْعهَا حَيْثُ يَجْعَلهُ صَدَاقًا لِلْأُخْرَى , وَقَالَ الْغَزَالِيّ فِي " الْوَسِيط ": صُورَته الْكَامِلَة أَنْ يَقُول زَوَّجْتُك اِبْنَتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجنِي اِبْنَتك عَلَى أَنْ يَكُون بُضْع كُلّ وَاحِدَة مِنْهُمَا صَدَاقًا لِلْأُخْرَى، وَمَهْمَا اِنْعَقَدَ نِكَاح اِبْنَتِي اِنْعَقَدَ نِكَاح اِبْنَتك , قَالَ شَيْخنَا فِي " شَرْح التِّرْمِذِيّ " يَنْبَغِي أَنْ يُزَاد: وَلَا يَكُون مَعَ الْبُضْع شَيْء آخَر لِيَكُونَ مُتَّفَقًا عَلَى تَحْرِيمه فِي الْمَذْهَب , وَنَقَلَ الْخِرَقِيّ أَنَّ أَحْمَد نَصَّ عَلَى أَنَّ عِلَّة الْبُطْلَانِ تَرْكُ ذِكْرِ الْمَهْر،
وَرَجَّحَ اِبْن تَيْمِيَةَ فِي " الْمُحَرَّر " أَنَّ الْعِلَّة التَّشْرِيك فِي الْبُضْع، وَقَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد: مَا نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَد هُوَ ظَاهِر التَّفْسِير الْمَذْكُور فِي الْحَدِيث , لِقَوْلِهِ فِيهِ (وَلَا صَدَاق بَيْنهمَا)، فَإِنَّهُ يُشْعِر بِأَنَّ جِهَة الْفَسَاد ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون ذَلِكَ ذُكِرَ لِمُلَازَمَتِهِ لِجِهَةِ الْفَسَاد، ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى الْجُمْلَة فَفِيهِ شُعُورٌ بِأَنَّ عَدَم الصَّدَاق لَهُ مَدْخَلٌ فِي النَّهْي، وَقَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ: أَجْمَع الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ نِكَاح الشِّغَار لَا يَجُوز، وَلَكِنْ اِخْتَلَفُوا فِي صِحَّته , فَالْجُمْهُور عَلَى الْبُطْلَان، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ مَالِك يُفْسَخ قَبْل الدُّخُول لَا بَعْده، وَحَكَاهُ اِبْن الْمُنْذِر عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ , وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّة إِلَى صِحَّته وَوُجُوب مَهْر الْمِثْل، وَهُوَ قَوْل الزُّهْرِيِّ وَمَكْحُول وَالثَّوْرِيِّ وَاللَّيْث وَرِوَايَة عَنْ أَحْمَد وَإِسْحَاق وَأَبِي ثَوْر، وَهُوَ قَوْلٌ عَلَى مَذْهَب الشَّافِعِيّ لِاخْتِلَافِ الْجِهَة , لَكِنْ قَالَ الشَّافِعِيّ: إِنَّ النِّسَاء مُحَرَّمَات إِلَّا مَا أَحَلَّ الله أَوْ مِلْك يَمِين، فَإِذَا وَرَدَ النَّهْي عَنْ نِكَاح تَأَكَّدَ التَّحْرِيم ,
(تَنْبِيه): ذِكْرُ الْبِنْت فِي تَفْسِير الشِّغَار مِثَال، قَالَ النَّوَوِيّ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ غَيْر الْبَنَات مِنْ الْأَخَوَات وَبَنَات الْأَخ وَغَيْرهنَّ كَالْبَنَاتِ فِي ذَلِكَ، وَاللهُ أَعْلَم فتح الباري (ج ١٤ / ص ٣٦١)
(٣) (جة) ١٨٨٣ , (خ) ٤٨٢٢ , (م) ٥٧ - (١٤١٥) , (س) ٣٣٣٧ , (د) ٢٠٧٤ , (حم) ٤٦٩٢