للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لُعَابُ مَأكُولِ اللَّحْم

(ت جة حم) , عَنْ عَمْرِو بْنِ خَارِجَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: (" خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - بِمِنًى) (١) (وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ وَأَنَا تَحْتَ جِرَانِهَا (٢) وَهِيَ تَقْصَعُ بِجِرَّتِهَا (٣) وَإِنَّ لُعَابَهَا لَيَسِيلُ بَيْنَ كَتِفَيَّ , فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:) (٤) (إِنَّ اللهَ قَسَّمَ لِكُلِّ وَارِثٍ نَصِيبَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ , فلَا يَجُوزُ لِوَارِثٍ وَصِيَّةٌ ") (٥)

مَذَاهِبُ الْفُقَهَاءِ فِي الْمَسْأَلَة:

ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ كُلَّ حَيٍّ بَحْرِيًّا كَانَ أَوْ بَرِّيًّا، كَلْبًا أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ آدَمِيًّا، مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا، لُعَابُ ذَلِكَ كُلِّهِ - وَهُوَ مَا سَالَ مِنْ فَمِهِ فِي يَقَظَةٍ أَوْ نَوْمٍ - طَاهِرٌ، مَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ مِنَ الْمَعِدَةِ بِصُفْرَتِهِ وَنُتُونَتِهِ، فَإِنَّهُ نَجِسٌ، وَلا يُسَمَّى حِينَئِذٍ لُعَابًا، وَيُعْفَى عَنْهُ إِذَا لازَمَ وَإِلا فَلا، وَمُخَاطُهُ كَذَلِكَ طَاهِرٌ، وَهُوَ مَا سَالَ مِنْ أَنْفِهِ. (٦)

وَالْبَلْغَمُ طَاهِرٌ، وَهُوَ الْمُنْعَقِدُ كَالْمُخَاطِ يَخْرُجُ مِنَ الصَّدْرِ أَوْ يَسْقُطُ مِنَ الرَّأسِ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ، حَيْثُ يَقُولُونَ بِطِهَارَةِ الْمَعِدَةِ لِعِلَّةِ الْحَيَاةِ، فَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا طَاهِرٌ، وَعِلَّةُ نَجَاسَةِ الْقَيْءِ الاسْتِحَالَةُ إِلَى فَسَادٍ. (٧)

وَيَقُولُ الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ مَا انْفَصَلَ عَنْ بَاطِنِ الْحَيَوَانِ، وَلَيْسَ لَهُ اجْتِمَاعٌ وَاسْتِحَالَةٌ فِي الْبَاطِنِ، وَإِنَّمَا يَرْشَحُ رَشْحًا كَاللُّعَابِ وَالدَّمْعِ وَالْعَرَقِ وَالْمُخَاطِ، فَلَهُ حُكْمُ الْحَيَوَانِ الْمُتَرَشَّحِ مِنْهُ، إِنْ كَانَ نَجِسًا فَنَجِسٌ، وَإِلا فَطَاهِرٌ. (٨)

وَيَقُولُ الْحَنَابِلَةُ: رِيقُ مَأكُولِ اللَّحْمِ طَاهِرٌ، وَمَا لا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَيُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ نَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: الْكَلْبُ وَالْخِنْزِيرُ، فَهُمَا نَجِسَانِ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِمَا وَفَضَلاتِهِمَا وَمَا يَنْفَصِلُ عَنْهُمَا.

الثَّانِي: مَا عَدَاهُمَا مِنْ سِبَاعِ الْبَهَائِمِ وَجَوَارِحِ الطَّيْرِ وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ، فَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهَا نَجِسَةٌ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا وَفَضَلاتِهَا إِلا أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ نَجَاسَتِهَا، وَعَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى طَهَارَتِهَا , فَحُكْمُهَا حُكْمُ الآدَمِيِّ. (٩)


(١) (حم) ١٧٧٠٠ , وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: صحيح لغيره.
(٢) جِرَانُ الْبَعِيرِ: مُقَدَّمُ عُنُقِهِ مِنْ مَذْبَحِهِ إِلَى مَنْحَرِهِ. تحفة الأحوذي - (ج ٥ / ص ٤٠٣)
(٣) الْجِرَّةُ بِالْكَسْرِ: هَيْئَةُ الْجَرِّ وَمَا يُفِيضُ بِهِ الْبَعِيرُ فَيَأكُلُهُ ثَانِيَةً، وَقَدْ اِجْتَرَّ وَأَجَرَّ، وَاللُّقْمَةُ يَتَعَلَّلُ بِهَا الْبَعِيرُ إِلَى وَقْتِ عَلَفِهِ , وَالْقَصْعُ الْبَلْعُ. تحفة الأحوذي - (ج ٥ / ص ٤٠٣)
(٤) (ت) ٢١٢١ , (س) ٣٦٤٢ , (جة) ٢٧١٢
(٥) (جة) ٢٧١٢ , (ت) ٢١٢١ , (س) ٣٦٤٢ , (د) ٢٨٧٠ , (حم) ١٧٧٠٠
(٦) حاشية الدسوقي ١/ ٥٠، وجواهر الإكليل ١/ ٨، وأسهل المدارك شرح إرشاد السالك ١/ ٦٤ ـ ٦٥.
(٧) حاشية الدسوقي ١/ ٥١، والشرح الصغير ١/ ٤٤، وجواهر الإكليل ١/ ٩.
(٨) روضة الطالبين ١/ ١٦ ط المكتب الإسلامي، والإقناع للشربيني الخطيب ١/ ٣٢، وقليوبي مع المنهاج ١/ ٦٩ وحاشية الجمل ١/ ١٧٤.
(٩) المغني لابن قدامة مع الشرح ١/ ٧٣٣ ـ ٧٣٤.