(٢) (خ) ٥٤٤٥ (٣) (جة) ٣٥٠٥ (٤) (خ) ٣١٤٢ (٥) (د) ٣٨٤٤ (٦) أَيْ: اِغْمِسُوهُ فِي الطَّعَام أَوْ الشَّرَاب، وَالْمَقْل: الْغَمْس. (٧) (جة) ٣٥٠٤ , انظر صَحِيح الْجَامِع: ٤٢٣٤ , والصحيحة: ٣٩ (٨) صَحِيح الْجَامِع: ٤٢٤٩ (٩) قال الألباني في الصحيحة: قد ثبت الحديث بهذه الأسانيد الصحيحة عن هؤلاء الصحابة الثلاثة: أبي هريرة , وأبي سعيد , وأنس، ثبوتا لا مجال لردِّه ولا للتشكيك فيه , كما ثبت صِدْقُ أبي هريرة رضي الله عنه في روايته إياه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافا لبعض غُلاة الشيعة من المعاصرين، ومن تبعهم من الزائغين، حيث طعنوا فيه رضي الله عنه لروايته إياه , واتهموه بأنه يكذب فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاشاه من ذلك فهذا هو التحقيق العلمي يُثبت أنه بريء من كل ذلك, وأن الطاعنَ فيه هو الحقيق بالطعن فيه، لأنهم رموا صحابيًّا بالبَهْت، وردُّوا حديثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم لِمجرد عدم انطباقه على عقولهم المريضة! , وقد رواه عنه جماعة من الصحابة كما علمتَ، وليت شعري , هل عَلِمَ هؤلاء بعدم تفرُّد أبي هريرة بالحديث - وهو حجة ولو تفرَّد - أم جهلوا ذلك؟، فإن كان الأول , فلماذا يتعللون برواية أبي هريرة إياه , ويوهمون الناس أنه لم يُتابعْهُ أحد من الأصحاب الكرام؟. وإن كان الآخر , فهلا سألوا أهلَ الاختصاص والعلم بالحديث الشريف؟ , وما أحسن ما قيل: فإن كنت لا تدري فتلك مصيبةٌوإن كنت تدري فالمصيبة أعظمُ ثم إن كثيرا من الناس يتوهمون أن هذا الحديث يخالف ما يقرره الأطباء , وهو أن الذباب يحمل بأطرافه الجراثيم، فإذا وقع في الطعام أو في الشراب علقت به تلك الجراثيم، والحقيقة أن الحديث لا يخالف الأطباء في ذلك، بل هو يؤيدهم , إذ يُخبر أن في أحد جناحيه داء، ولكنه يزيد عليهم فيقول: " وفي الآخر شفاء " فهذا مما لم يُحِيطوا بعلمه، فوجب عليهم الإيمان به إن كانوا مسلمين، وإلا فالتوقُّفُ إذا كانوا من غيرهم , إن كانوا عقلاءَ علماءَ! , ذلك لأن العلمَ الصحيح يشهد أن عدم العلمِ بالشيء لا يستلزمُ العلمَ بعدمِه , نقول ذلك على افتراض أن الطبَّ الحديث لم يشهدْ لهذا الحديث بالصحة , وقد اختلفت آراء الأطباء حوله، وقرأتُ مقالات كثيرة في مجلات مختلفة , كلٌّ يؤيد ما ذهب إليه تأييدا أو ردًّا، ونحن بصفتنا مؤمنين بصحة الحديث وأن النبي صلى الله عليه وسلم {لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى}، لا يهمُّنا كثيرا ثبوت الحديث من وجهة نظر الطب، لأن الحديث برهانٌ قائم في نفسه , لا يحتاج إلى دعم خارجي , ومع ذلك , فإن النفس تزداد إيمانا حين ترى الحديث الصحيح يوافقه العلم الصحيح، ولذلك فلا يخلو من فائدة أن أنقلَ إلى القراء خُلاصة محاضرة ألقاها أحد الأطباء في جمعية الهداية الإسلامية في مصر حول هذا الحديث , قال: " يقع الذباب على المواد القذرة المملؤة بالجراثيم التي تنشأ منها الأمراض المختلفة، فينقُل بعضَها بأطرافه، ويأكلُ بعضا، فيتكون في جسمه من ذلك مادة سامة , يسميها علماء الطب بـ " مُبْعِد البكتيريا " وهي تقتل كثيرا من جراثيم الأمراض، ولا يمكن لتلك الجراثيم أن تبقى حية أو يكون لها تأثير في جسم الإنسان في حال وجود " مُبْعِد البكتيريا " , وأن هناك خاصية في أحد جناحي الذباب، هي أنه يحوِّلُ البكتريا إلى ناحيته، وعلى هذا , فإذا سقط الذباب في شراب أو طعام , وألقى الجراثيم العالقة بأطرافه في ذلك الشراب، فإن أقربَ مبيدٍ لتلك الجراثيم , وأول واقٍ منها هو " مُبْعِد البكتيريا " الذي يحمله الذباب في جوفه , قريبا من أحد جناحيه، فإذا كان هناك داء , فدواؤه قريب منه وغمْسُ الذبابِ كلِّه وطرحُه كافٍ لقتل الجراثيم التي كانت عالقة، وكافٍ في إبطال عملها ". وقد قرأتُ قديما في هذه المجلة بحثا إضافيا في هذا المعنى للطبيب الأستاذ سعيد السيوطي (مجلد العام الأول) , وقرأت كلمة في مجلد العام الفائت (ص ٥٠٣) كلمة للطَّبِيبيْن: محمود كمال , ومحمد عبد المنعم حسين , نقلا عن مجلة الأزهر , ثم وقفتُ على العدد (٨٢) من " مجلة العربي " الكويتية ص١٤٤ تحت عنوان: " أنت تسأل ونحن نجيب " بقلم المدعو (..)، جوابا له على سؤال عما لهذا الحديث من الصحة والضعف , فقال: " أما حديثُ الذباب وما في جناحيه من داء وشفاء، فحديثٌ ضعيف، بل هو عَقْلا حديثٌ مفترى، فمن المُسَلَّمِ به أن الذباب يحمل من الجراثيم والأقذار ... ولم يقلْ أحدٌ قط أن في جناحي الذبابة داءً وفي الآخر شفاء، إلَّا من وَضَع هذا الحديث أو افتراه، ولو صح ذلك لكشف عنه العلم الحديث الذي يقطع بمضارِّ الذباب , ويحضُّ على مكافحته ". وفي الكلام على اختصاره من الدَّسِّ والجهل ما لا بد من الكشف عنه , دفاعا عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وصيانةً له أن يَكْفُرَ به من قد يغترُّ بزخرف القول , فأقول: أولا: لقد زَعَمَ أن الحديثَ ضعيف، يعني من الناحية العلمية الحديثية , بدليل قوله: " بل هو عَقْلا حديثٌ مُفْتَرَى " , وهذا الزعمُ واضح البطلان، تعرف ذلك مما سبق من تخريج الحديث من طرق ثلاث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلها صحيحة , وحسْبُك دليلا على ذلك أن أحدا من أهل العلم لم يقُلْ بِضَعْف الحديث كما فعل هذا الكاتب الجريء!. ثانيا: لقد زعم أنه عَقْلا حديثٌ مُفْتَرَى , وهذا الزعمُ ليس وضوحُ بطلانِهِ بأقلَّ من سابقِه، لأنه مجرد دعوى , لم يَسُقْ دليلًا يؤيده به سوى الجهل بالعلم الذي لا يمكنه الإحاطة به، ألست تراه يقول: " ولم يقل أحد ... ، ولو صَحَّ لكَشفَ عنه العلمُ الحديث ... " فهل العلمُ الحديثُ - أيها المسكين - قد أحاطَ بكل شيء علما، أم أن أهله الذين لم يُصابوا بالغرور - كما أُصِيبَ من يُقلِّدُهُم مِنَّا - يقولون: إننا كلما ازددنا علما بما في الكون وأسراره، ازددنا معرفة بجهلنا! , وأن الأمر بحق كما قال الله تبارك وتعالى: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}. وأما قوله: " إن العلم يقطع بمضار الذباب , ويحض على مكافحته " فمغالطة مكشوفة، لأننا نقول: إن الحديث لم يَقُلْ نقيضَ هذا، وإنما تحدَّث عن قضية أخرى لم يكن العلم يعرف مُعالجتَها، فإذا قال الحديث: " إذا وقع الذباب .. " فلا أحد يَفهم، لا من العرب , ولا من العجم - اللهم إلا العُجْم في عقولهم وأفهامهم - أن الشرعَ يبارك في الذباب ولا يكافحه. ثالثا: قد نقلنا لك فيما سبق ما أثبته الطب اليوم، من أن الذباب يحمل في جوفه ما سموه بـ " مبعد البكتريا " , القاتل للجراثيم , وهذا وإن لم يكن موافقا لما في الحديث على وجه التفصيل، فهو في الجملة موافق لما استنكره الكاتب المُشَار إليه وأمثالُه من اجتماع الداء والدواء في الذباب، ولا يبْعُدُ أن يأتي يوم تَنْجَلي فيه معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم في ثبوت التفاصيل المشار إليها علميا {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} , وإن من عجيب أمر هذا الكاتب وتناقضه أنه في الوقت الذي ذهبَ فيه إلى تضعيف هذا الحديث، ذهبَ إلى تصحيح حديث " طَهُورُ الإناء الذي يَلِغُ فيه الكلب أن يُغْسَل سبع مرات إحداهن بالتراب " , فقال: " حديث صحيح متفق عليه " , فإنه إذا كانت صحته جاءت من اتفاق العلماء أو الشيخين على صحته , فالحديث الأول أيضا صحيح عند العلماء بدون خلاف بينهم، فكيف جازَ له تضعيف هذا وتصحيح ذاك؟! , ثم تأويله تأويلا باطلا يؤدي إلى أن الحديث غير صحيح عنده في معناه، لأنه ذَكَر أن المقصود من العدد مجرد الكثرة، وأن المقصود من التراب هو استعمال مادة مع الماء من شأنها إزالة ذلك الأثر! , وهذا تأويل باطل بَيِّنُ البطلان - وإن كان عزاه للشيخ محمود شلتوت عفا الله عنه -. فلا أدري أي خَطَأَيْه أعظم، أهو تضعيفه للحديث الأول وهو صحيح، أم تأويله للحديث الآخر , وهو تأويل باطل!. وبهذه المناسبة، فإني أنصح القراء الكرام بأن لا يَثِقُوا بكل ما يُكتَب اليوم في بعض المجلات السائرة، أو الكُتُب الذائعة من البحوث الإسلامية، وخصوصا ما كان منها في علم الحديث، إلا إذا كانت بقلم من يُوثَق بدينه أولا، ثم بعلمه واختصاصه فيه ثانيا، فقد غلب الغرورُ على كثير من كُتَّاب العصر الحاضر، وخصوصا من يحمل منهم لقب " الدكتور "! , فإنهم يكتبون فيما ليس من اختصاصهم، وما لا عِلْمَ لهم به، وإني لَأَعْرِفُ واحدًا من هؤلاء، أخرجَ حديثا إلى الناس كتابا جُلُّه في الحديث والسيرة، وزعمَ فيه أنه اعتمدَ فيه على ما صح من الأحاديث والأخبار في كتب السنة والسيرة! , ثم هو أورد فيه من الروايات والأحاديث ما تفرَّدَ به الضعفاء والمتروكون والمتَّهمون بالكذب من الرواة , كالواقدي وغيره، بل أورد فيه حديث: " نحن نَحْكُم بالظاهر والله يتولى السرائر" وجزمَ بِنِسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ}، مع أنه مما لا أصل له عنه بهذا اللفظ، كما نبه عليه حُفَّاظُ الحديث كالسخاوي وغيره , فاحذروا أيها القُرَّاء أمثال هؤلاء , والله المستعان. أ. هـ