للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَضْلُ الشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ الله (١)

قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ , يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ , وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ , وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ؟ , فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ , وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (٢)

وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا , بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ , فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ , وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ , أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ , يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ , وَأَنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران/١٦٩ - ١٧١]

وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ , لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ , وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ} (٣)

وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ , وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا , فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ} (٤)

وَقَالَ تَعَالَى: {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ , وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ , فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (٥)


(١) سُمِّيَ (الشَّهِيد) بِذَلِكَ لِأَنَّهُ حَيّ , لِأَنَّ أَرْوَاحَهُمْ شَهِدَتْ دَارَ السَّلَام , وَأَرْوَاحُ غَيْرِهِمْ لَا تَشْهَدُهَا إِلَّا يَوْمَ الْقِيَامَة.
وَقِيلَ: لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى وَمَلَائِكَتَهُ يَشْهَدُونَ لَهُ بِالْجَنَّةِ, فَمَعْنَى شَهِيد: مَشْهُودٌ لَهُ
وَقِيلَ: سُمِّيَ شَهِيدًا لِأَنَّهُ يَشْهَدُ عِنْد خُرُوجَ رُوحِهِ مَا لَهُ مِنْ الثَّوَابِ وَالْكَرَامَة
وَقِيلَ: لِأَنَّ مَلَائِكَةَ الرَّحْمَةِ يَشْهَدُونَهُ فَيَأخُذُونَ رُوحَه.
وَقِيلَ: لِأَنَّهُ شُهِدَ لَهُ بِالْإِيمَان , وَخَاتِمَةِ الْخَيْر , بِظَاهِرِ حَالِه.
وَقِيلَ: لِأَنَّ عَلَيْهِ شَاهِدًا يَشْهَدُ بِكَوْنِهِ شَهِيدًا - وَهُوَ دَمُه - فَإِنَّهُ يُبْعَثُ وَجُرْحُه يَثْعَبُ دَمًا.
وَقِيلَ: سُمِّيَ شَهِيدًا لِكَوْنِهِ مِمَّنْ يَشْهَدُ يَوْمَ الْقِيَامَة عَلَى الْأُمَم، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا اِخْتِصَاصَ لَهُ بِهَذَا السَّبَب.
وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّهِيد ثَلَاثَة أَقْسَام:
أَحَدُهَا: الْمَقْتُولُ فِي حَرْبٍ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَاب الْقِتَال , فَهَذَا لَهُ حُكْمُ الشُّهَدَاءِ فِي ثَوَابِ الْآخِرَة , وَفِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا , وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُغَسَّلُ , وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ.
وَالثَّانِي: شَهِيدٌ فِي الثَّوَاب , دُونَ أَحْكَامِ الدُّنْيَا , وَهُوَ الْمَبْطُون، وَالْمَطْعُون وَصَاحِبُ الْهَدْم، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ، وَغَيْرُهمْ مِمَّنْ جَاءَتْ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِتَسْمِيَتِهِ شَهِيدًا , فَهَذَا يُغَسَّل وَيُصَلَّى عَلَيْهِ , وَلَهُ فِي الْآخِرَةِ ثَوَابُ الشُّهَدَاء , وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ ثَوَابِ الْأَوَّل.
وَالثَّالِث: مَنْ غَلَّ فِي الْغَنِيمَة , وَشِبْهُهُ مَنْ وَرَدَتْ الْآثَارُ بِنَفْيِ تَسْمِيَتِهِ شَهِيدًا إِذَا قُتِلَ فِي حَرْب الْكُفَّار , فَهَذَا لَهُ حُكْمُ الشُّهَدَاءِ فِي الدُّنْيَا , فَلَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ ثَوَابُهُمْ الْكَامِل فِي الْآخِرَة. النووي (١/ ٢٦٢)
(٢) [التوبة/١١١]
(٣) [آل عمران/١٥٧ - ١٥٨]
(٤) [التوبة: ٥٢]
(٥) [النساء: ٧٤]