للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(٢٠) جَمْعُ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَة

(خ م جة حم) , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: (" كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَطُوفُ عَلَى) (١) (جَمِيعِ نِسَائِهِ (٢)) (٣) (فِي السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ (٤) مِنْ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) (٥) (ويَغْتَسِلُ غُسْلًا وَاحِدًا) (٦) (وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ نِسْوَةٍ) (٧) وفي رواية: وَهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ (٨) (قَالَ قَتَادَةُ: فَقُلْتُ لَأَنَسٍ: وَهَلْ كَانَ يُطِيقُ ذَلِكَ؟ , قَالَ: " كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهُ أُعْطِيَ قُوَّةَ ثَلَاثِينَ) (٩) (رَجُلًا ") (١٠)

الشرح (١١)


(١) (خ) ٤٧٨١
(٢) أَيْ: يُجَامِعُهُنَّ. تحفة الأحوذي - (ج ١ / ص ١٦٨)
(٣) (جة) ٥٨٩
(٤) الْمُرَاد بِهَا قَدْر مِنْ الزَّمَانِ لَا مَا اِصْطَلَحَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْهَيْئَةِ. فتح (١/ ٤٢٢)
(٥) (خ) ٢٦٥
(٦) (حم) ١٢١١٨ , (م) ٣٠٩ , وقال شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح.
(٧) (خ) ٤٧٨١ , (س) ٣١٩٨
(٨) (خ) ٢٦٥ , وقد جَمَعَ اِبْن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنْ حَمَلَ ذَلِكَ عَلَى حَالَتَيْنِ , لَكِنَّهُ وَهِمَ فِي قَوْلِهِ " أَنَّ الْأُولَى كَانَتْ فِي أَوَّلِ قُدُومِهِ الْمَدِينَة حَيْثُ كَانَ تَحْتَهُ تِسْع نِسْوَة , وَالْحَالَةَ الثَّانِيَةَ فِي آخِرِ الْأَمْرِ , حَيْثُ اِجْتَمَعَ عِنْدَهُ إِحْدَى عَشْرَةَ اِمْرَأَة " , وَمَوْضِع الْوَهْمِ مِنْهُ أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ لَمْ يَكُنْ تَحْتَهُ اِمْرَأَةٌ سِوَى سَوْدَة , ثُمَّ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ بِالْمَدِينَةِ , ثُمَّ تَزَوَّجَ أُمّ سَلَمَة وَحَفْصَةَ وَزَيْنَب بِنْت خُزَيْمَة فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ , ثُمَّ تَزَوَّجَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فِي الْخَامِسَةِ , ثُمَّ جُوَيْرِيَة فِي السَّادِسَةِ , ثُمَّ صَفِيَّة وَأُمّ حَبِيبَة وَمَيْمُونَة فِي السَّابِعَةِ , وَهَؤُلَاءِ جَمِيعُ مَنْ دَخَلَ بِهِنَّ مِنْ الزَّوْجَاتِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ , وَاخْتُلِفَ فِي رَيْحَانَةَ , وَكَانَتْ مِنْ سَبْيِ بَنِي قُرَيْظَة , فَجَزَمَ اِبْنُ إِسْحَاق بِأَنَّهُ عَرَضَ عَلَيْهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَيَضْرِبَ عَلَيْهَا الْحِجَابَ , فَاخْتَارَتْ الْبَقَاءَ فِي مِلْكِهِ , وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهَا مَاتَتْ قَبْلَهُ فِي سَنَة عَشْرٍ , وَكَذَا مَاتَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ خُزَيْمَة بَعْدَ دُخُولِهَا عَلَيْهِ بِقَلِيلٍ , قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: مَكَثَتْ عِنْدَهُ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَة , فَعَلَى هَذَا لَمْ يَجْتَمِعْ عِنْدَهُ مِنْ الزَّوْجَاتِ أَكْثَر مِنْ تِسْعٍ , مَعَ أَنَّ سَوْدَةَ كَانْتْ وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَة , فَرَجَحَتْ رِوَايَةُ سَعِيد , لَكِنْ تُحْمَلُ رِوَايَةُ هِشَامٍ عَلَى أَنَّهُ ضَمَّ مَارِيَة وَرَيْحَانَة إِلَيْهِنَّ , وَأَطْلَقَ عَلَيْهِنَّ لَفْظَ " نِسَائِهِ " تَغْلِيبًا. فتح الباري (ج ١ / ص ٤٢٢)
(٩) (خ) ٢٦٥ , (حم) ١٤١٤١
(١٠) (خز) ٢٣١
(١١) الْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَا يَجِبُ بَيْن الْجِمَاعَيْنِ , سَوَاءٌ كَانَ لِتِلْكَ الْمُجَامَعَةِ أَوْ لِغَيْرِهَا , وَيَدُلُّ عَلَى اِسْتِحْبَابِهِ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - " طَافَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى نِسَائِهِ يَغْتَسِلُ عِنْدَ هَذِهِ وَعِنْدَ هَذِهِ " , فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَلَا تَجْعَلُهُ غُسْلًا وَاحِدًا , قَالَ: هَذَا أَزْكَى وَأَطْيَبُ وَأَطْهَرُ " ,
واُسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْقَسْمَ بَيْن الزَّوْجَات لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وَإِلَّا فَوَطْءُ الْمَرْأَةِ فِي نَوْبَةِ ضَرَّتهَا مَمْنُوعٌ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْم، وَبِهِ جَزَمَ الْإِصْطَخْرِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّة، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَهُمْ وَعِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: الْوُجُوب. قَالَ الْحَافِظ: وَيَحْتَاجُ مَنْ قَالَ بِهِ إِلَى الْجَوَابِ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ , فَقِيلَ: كَانَ ذَلِكَ بِرِضَا صَاحِبَةِ النَّوْبَة , كَمَا اسْتَاذَنَهُنَّ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِ عَائِشَة، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَانَ يَحْصُلُ عِنْد اِسْتِيفَاءِ الْقِسْمَةِ , ثُمَّ يَسْتَانِفُ الْقِسْمَة , وَقِيلَ: كَانَ ذَلِكَ عِنْد إِقْبَالِهِ مِنْ سَفَرٍ، لِأَنَّهُ كَانَ إِذَا سَافَرَ أَقْرَعَ بَيْنهنَّ , فَيُسَافِر بِمَنْ يَخْرُج سَهْمُهَا، فَإِذَا اِنْصَرَفَ اِسْتَانَفَ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ يَقَعُ قَبْلَ وُجُوبِ الْقِسْمَةِ , ثُمَّ تُرِكَ بَعْدهَا، وَالله أَعْلَم. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَا أُعْطِيَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ الْقُوَّةِ عَلَى الْجِمَاع، وَالْحِكْمَةُ فِي كَثْرَةِ أَزْوَاجِهِ أَنَّ الْأَحْكَامَ الَّتِي لَيْسَتْ ظَاهِرَةً , يَطَّلِعْنَ عَلَيْهَا فَيَنْقُلْنَهَا، وَقَدْ جَاءَ عَنْ عَائِشَة - رضي الله عنها - مِنْ ذَلِكَ الْكَثِيرُ الطَّيِّبُ، وَمَنْ ثَمَّ فُضِّلَ بَعْضُهُنَّ عَلَى الْبَاقِيَات.
عون المعبود - (ج ١ / ص ٢٤٩)