للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَا يَجِبُ عَلَى الْمُصَابِ بِالطَّاعُون

(خ م) , عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" الطَّاعُونُ رِجْزٌ (١) أَوْ عَذَابٌ عُذِّبَ بِهِ) (٢) (مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ (٣)) (٤) (ثُمَّ بَقِيَ مِنْهُ بَقِيَّةٌ، فَيَذْهَبُ الْمَرَّةَ , وَيَأتِي الْأُخْرَى) (٥) (فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فلَا تَدْخُلُوهَا، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا , فلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا ") (٦)

الشرح (٧)


(١) أَيْ: عَذَابٍ. تحفة الأحوذي - (ج ٣ / ص ١٢٨)
(٢) (خ) ٦٥٧٣
(٣) هُمْ الَّذِينَ أَمَرَهُمْ اللهُ تَعَالَى أَنْ يَدْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا فَخَالَفُوا، قَالَ تَعَالَى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنْ السَّمَاءِ}.
قَالَ اِبْنُ الْمَلِكِ: فَأُرْسِلَ عَلَيْهِمْ الطَّاعُونُ فَمَاتَ مِنْهُمْ فِي سَاعَةٍ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا مِنْ شُيُوخِهِمْ وَكُبَرَائِهِمْ. تحفة الأحوذي - (ج ٣ / ص ١٢٨)
(٤) (م) ٢٢١٨
(٥) (خ) ٦٥٧٣
(٦) (خ) ٥٣٩٦
(٧) إن الإعجاز النبوي يتجلى في هذا الحديث في منع الشخص المقيم في أرض الوباء أن يخرج منها , حتى وإن كان غير مصاب، فإن منع الناس من الدخول إلى أرض الوباء قد يكون أمراً واضحاً ومفهوماً , ولكن منع من كان في البلدة المصابة بالوباء من الخروج منها حتى وإن كان صحيحاً معافى أمر غير واضح العلة، بل إن المنطق والعقل يفرض على الشخص السليم الذي يعيش في بلدة الوباء أن يفر منها إلى بلدة أخرى سليمة، حتى لا يصاب بالعدوى، ولم تُعرف العلة في ذلك إلا في العصور المتأخرة التي تقدم فيها العلم والطب.
فقد أثبت الطب الحديث - كما يقول الدكتور محمد على البار - أن الشخص السليم في منطقة الوباء قد يكون حاملاً للميكروب، وكثير من الأوبئة تصيب العديد من الناس، ولكن ليس كل من دخل جسمه الميكروب يصبح مريضاً، فكم من شخص يحمل جراثيم المرض دون أن يبدو عليه أثر من آثاره، فالحمى الشوكية، وحمى التيفود، والزحار، والباسيلي، والسل، بل وحتى الكوليرا والطاعون قد تصيب أشخاصاً عديدين دون أن يبدو على أي منهم علامات المرض، بل ويبدو الشخص وافر الصحة سليم الجسم، ومع ذلك فهو ينقل المرض إلى غيره من الأصحاء.
وهناك أيضاً فترة الحضانة، وهي الفترة الزمنية التي تسبق ظهور الأعراض منذ دخول الميكروب وتكاثره حتى يبلغ أشده، وفي هذه الفترة لا يبدو على الشخص أنه يعاني من أي مرض، ولكن بعد فترة من الزمن قد تطول وقد تقصر - على حسب نوع المرض والميكروب الذي يحمله - تظهر عليه أعراض المرض الكامنة في جسمه , ففترة حضانة الإنفلونزا - مثلاً - هي يوم أو يومان، بينما فترة حضانة التهاب الكبد الفيروسي قد تطول إلى ستة أشهر، كما أن ميكروب السل قد يبقى كامناً في الجسم عدة سنوات دون أن يحرك ساكناً، ولكنه لا يلبث بعد تلك الفترة أن يستشري في الجسم.
فما الذي أدرى محمداً صلى الله عليه وسلم بذلك كله؟ , ومن الذي علمه هذه الحقائق؟، وهو الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب!، إنه العلم الرباني، والوحي الإلهي الذي سبق كل هذه العلوم والمعارف، ليبقى هذا الدين شاهداً على البشرية في كل زمان ومكان، ولتقوم به الحجة على العالمين، فيهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حيَّ عن بينة. (موقع الإسلام ويب)