(٢) (خ) ٧٠٦٢ , (م) ١٢٨(٣) (م) ١٢٩(٤) (خ) ٧٠٦٢ , (م) ١٢٨(٥) مَذْهَبُ الْقَاضِي أَبِي بَكْر بْنِ الطَّيِّبِ أَنَّ مَنْ عَزَمَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ بِقَلْبِهِ , وَوَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَيْهَا، أَثِمَ فِي اِعْتِقَادِهِ وَعَزْمِه , وَيُحْمَلُ مَا وَقَعَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَأَمْثَالِهِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ لَمْ يُوَطِّنْ نَفْسَهُ عَلَى الْمَعْصِيَة , وَإِنَّمَا مَرَّ ذَلِكَ بِفِكْرِهِ مِنْ غَيْرِ اِسْتِقْرَار، وَيُسَمَّى هَذَا هَمًّا, وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْهَمِّ وَالْعَزْم.قَالَ الْقَاضِي عِيَاض - رحمه الله -: عَامَّةُ السَّلَفِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْقَاضِي أَبُو بَكْر , لِلْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمُؤَاخَذَةِ بِأَعْمَالِ الْقُلُوب، لَكِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ هَذَا الْعَزْمَ يُكْتَبُ سَيِّئَةً , وَلَيْسَتْ السَّيِّئَةُ الَّتِي هَمَّ بِهَا , لِكَوْنِهِ لَمْ يَعْمَلهَا , وَقَطَعَهُ عَنْهَا قَاطِعٌ غَيْرُ خَوْفِ اللهِ تَعَالَى وَالْإِنَابَة , لَكِنَّ نَفْسَ الْإِصْرَارِ وَالْعَزْمِ مَعْصِيَةٌ , فَتُكْتَبُ مَعْصِيَةً , فَإِذَا عَمِلَهَا كُتِبَتْ مَعْصِيَةً ثَانِيَة.فَإِنْ تَرَكَهَا خَشْيَةً لِلهِ تَعَالَى , كُتِبَتْ حَسَنَة كَمَا فِي الْحَدِيث: " وَإِنْ تَرَكَهَا مِنْ أَجْلِي " , فَصَارَ تَرْكُهُ لَهَا لِخَوْفِ اللهِ تَعَالَى , وَمُجَاهَدَتِه نَفْسَهُ الْأَمَّارَةَ بِالسُّوءِ فِي ذَلِكَ , وَعِصْيَانُهُ هَوَاهُ حَسَنَةً , فَأَمَّا الْهَمُّ الَّذِي لَا يُكْتَبُ , فَهِيَ الْخَوَاطِرُ الَّتِي لَا تُوَطَّنُ النَّفْسُ عَلَيْهَا، وَلَا يَصْحَبُهَا عَقْدٌ وَلَا نِيَّةٌ وَلَا عَزْم.وَقَدْ تَظَاهَرَتْ نُصُوصُ الشَّرْعِ بِالْمُؤَاخَذَةِ بِعَزْمِ الْقَلْبِ الْمُسْتَقِرّ , وَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} الْآيَة , وَقَوْله تَعَالَى: {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنِّ , إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}.وَقَدْ تَظَاهَرَتْ نُصُوصُ الشَّرْعِ وَإِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ عَلَى تَحْرِيمِ الْحَسَد , وَاحْتِقَارِ الْمُسْلِمِينَ , وَإِرَادَةِ الْمَكْرُوهِ بِهِمْ , وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ وَعَزْمِهَا , وَالله أَعْلَم. شرح النووي على مسلم - (ج ١ / ص ٢٤٧)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute