(٢) (أَزْلَفَ) أَيْ: أَسْلَفَ وَقَدَّمَ.قَالَ النَّوَوِيّ: الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ - بَلْ نَقَلَ بَعْضُهُمْ فِيهِ الْإِجْمَاع - أَنَّ الْكَافِر إِذَا فَعَلَ أَفْعَالًا جَمِيلَة , كَالصَّدَقَةِ , وَصِلَة الرَّحِم , ثُمَّ أَسْلَمَ وَمَاتَ عَلَى الْإِسْلَام , أَنَّ ثَوَابَ ذَلِكَ يُكْتَبُ لَهُ. اِنْتَهَى.وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كِتَابَةِ الثَّوَابِ لِلْمُسْلِمِ فِي حَالِ إِسْلَامِهِ تَفَضُّلًا مِنْ اللهِ وَإِحْسَانًا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِكَوْنِ عَمَلِهِ الصَّادِرِ مِنْهُ فِي الْكُفْرِ مَقْبُولًا، وَالْحَدِيثُ إِنَّمَا تَضَمَّنَ كِتَابَةَ الثَّوَابِ , وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْقَبُولِ.وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْقَبُولُ يَصِيرُ مُعَلَّقًا عَلَى إِسْلَامِهِ , فَيُقْبَلُ وَيُثَابُ إِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا قَوِيّ، وَقَدْ جَزَمَ بِمَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيّ وَابْنُ بَطَّال , وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْقُدَمَاء , وَالْقُرْطُبِيُّ, وَابْنُ الْمُنِيرِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ.وَقَالَ ابْن بَطَّال: لِلهِ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَى عِبَادِهِ بِمَا شَاءَ , وَلَا اِعْتِرَاضَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ.وَاسْتَدَلَّ غَيْرُهُ بِأَنَّ مَنْ آمَنَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَاب يُؤْتَى أَجْرَهُ مَرَّتَيْنِ , كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَالْحَدِيثُ الصَّحِيح، وَهُوَ لَوْ مَاتَ عَلَى إِيمَانِهِ الْأَوَّل , لَمْ يَنْفَعْهُ شَيْءٌ مِنْ عَمَلِهِ الصَّالِح، بَلْ يَكُونُ هَبَاءً مَنْثُورًا. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ثَوَابَ عَمَلِهِ الْأَوَّلِ يُكْتَبُ لَهُ مُضَافًا إِلَى عَمَلِهِ الثَّانِي.وَبِقَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا سَأَلَتْهُ عَائِشَةُ عَنْ ابْن جُدْعَانَ , وَمَا كَانَ يَصْنَعُهُ مِنْ الْخَيْرِ , هَلْ يَنْفَعُهُ؟ , فَقَالَ: " إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا: رَبِّ اِغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّين ", فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَهَا بَعْد أَنْ أَسْلَمَ , نَفَعَهُ مَا عَمِلَهُ فِي الْكُفْر. (فتح-ح٤١)(٣) أَيْ: كِتَابَةُ الْمُجَازَاةِ فِي الدُّنْيَا. (فتح الباري - ح٤١)(٤) (س) ٤٩٩٨(٥) زَعَمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ التَّضْعِيفَ لَا يَتَجَاوَزُ سَبْعمِائَةٍ، وَرُدَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالله يُضَاعِف لِمَنْ يَشَاء} وَالْآيَة مُحْتَمِلَة لِلْأَمْرَيْنِ , فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُضَاعِفُ تِلْكَ الْمُضَاعَفَةِ , بِأَنْ يَجْعَلَهَا سَبْعمِائَةٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُضَاعِفُ السَّبْعمِائَةِ بِأَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا.وَالْمُصَرِّحُ بِالرَّدِّ عَلَيْهِ حَدِيثُ اِبْنُ عَبَّاس عِنْد (خ) ٦١٢٦: " مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا , كَتَبَهَا اللهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً , فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ , إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ , إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ " (فتح الباري - ح٤١)(٦) (خ) ٢٤٤٢ , (م) ١٢٩(٧) فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى الْخَوَارِج وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْمُكَفِّرِينَ بِالذُّنُوبِ , وَالْمُوجِبِينَ لِخُلُودِ الْمُذْنِبِينَ فِي النَّار، فَأَوَّلُ الْحَدِيثِ يَرُدُّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ الزِّيَادَةَ وَالنَّقْصَ فِي الْإِيمَان , لِأَنَّ الْحُسْنَ تَتَفَاوَتُ دَرَجَاتُه، وَآخِرُهُ يَرُدُّ عَلَى الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَة. (فتح الباري - ح٤١)(٨) (س) ٤٩٩٨(٩) (م) ٢٠٥ - (١٢٩) , (حم) ٨٢٠١
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute