للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسلم وفي ثبوته عن ابن عباس رضي الله عنهما نظر فإنه لا يحتاج إلى الخوض في معناه، ولا وجه لإلزام أهل السنة وهم السلف بالقول بتأويله. ثم على تقدير ثبوته عن ابن عباس رضي الله عنهما وتسليم أنه من المرفوع حكمًا فإنه لا يحتاج إلى تأويل لوضوح معناه كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله - تعالى -. المثال التاسع: ذكر فضيلتكم قوله - تعالى - في الحديث القدسي: «ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه» .

وهذا حديث صحيح خرجه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إن الله قال: «من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب» وذكر تمام الحديث.

ولا ريب أنه لا يراد من الحديث أن يكون الله تعالى وتقدس عين سمع الولي، وبصره، ويده ورجله، ولا يمكن أن يقال: إن هذا ظاهر الحديث لمن تدبره تدبرًا جيدًا حتى يقال: إنه يحتاج إلى التأويل بصرفه عن ظاهره، فإن في سياق الحديث ما يمنع القول بهذا، وذلك أن الله تعالى قال فيه: «وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه» . وقال: «ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه» . فأثبت عبدًا ومعبودًا. ومتقربًا ومتقربًا إليه. ومحبًا ومحبوبًا. وسائلا ومسؤولا. ومعطيًا ومعطى. ومستعيذًا ومستعاذًا به. ومعيذًا ومعاذًا. فسياق الحديث يدل على اثنين متباينين كل واحد منهما غير الآخر وعلى هذا فيمتنع أحدهما أن يكون وصفًا في الآخر، أو جزءًا من أجزائه، ولا يمكن لأحد أن يفهم هذا الفهم من مثل هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>