للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(خ) , وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ - رضي الله عنهما - قَالَ: (قَدِمَ رَكْبٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أَمِّرْ الْقَعْقَاعَ بْنَ مَعْبَدِ بْنِ زُرَارَةَ , وَقَالَ عُمَرُ - رضي الله عنه -: بَلْ أَمِّرْ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ ,فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ: مَا أَرَدْتَ إِلَّا خِلَافِي , فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَرَدْتُ خِلَافَكَ , فَتَمَارَيَا (١) حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا) (٢) (فِي ذَلِكَ , فَأَنْزَلَ اللهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ , يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ , إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ}) (٣) (قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: فَكَانَ عُمَرُ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا حَدَّثَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بِحَدِيثٍ حَدَّثَهُ كَأَخِي السِّرَارِ (٤) لَمْ يُسْمِعْهُ " حَتَّى يَسْتَفْهِمَهُ ") (٥)


(١) أَيْ: تجادلا.
(٢) (خ) ٤١٠٩
(٣) (خ) ٤٥٦٤ , (س) ٥٣٨٦
(٤) أخو السِّرار: صاحب المشاورة في السر.
فَإِنْ قِيلَ: قَوْله {وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} يَقْتَضِي الْمُؤَاخَذَة بِالْعَمَلِ الَّذِي لَا قَصْد فِيهِ.
فَالْجَوَاب: أَنَّ الْمُرَاد: وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ بِالْإِحْبَاطِ , لِاعْتِقَادِكُمْ صِغَرَ الذَّنْب، فَقَدْ يَعْلَمُ الْمَرْءُ الذَّنْبَ , وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ كَبِيرَة.
كَمَا قِيلَ فِي قَوْله " إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ , وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِير " , أَيْ: عِنْدهمَا، ثُمَّ قَالَ: " وَإِنَّهُ لَكَبِير " , أَيْ: فِي نَفْس الْأَمْر.
وَأَجَابَ الْقَاضِي أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ بِأَنَّ الْمُؤَاخَذَةَ تَحْصُلُ بِمَا لَمْ يُقْصَدْ فِي الثَّانِي إِذَا قُصِدَ فِي الْأَوَّل؛ لِأَنَّ مُرَاعَاةَ الْقَصْدِ إِنَّمَا هُوَ فِي الْأَوَّلِ , ثُمَّ يَسْتَرْسِلُ حُكْمُ النِّيَّة الْأُولَى عَلَى مُؤْتَنَف الْعَمَل , وَإِنْ عَزَبَ الْقَصْد , خَيْرًا كَانَ أَوْ شَرًّا. وَالله أَعْلَم. (فتح - ح٤٩)
(٥) (خ) ٦٨٧٢ , (ت) ٣٢٦٦ , (حم) ١٦١٥١