للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(م حم) , وَعَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ (١) قَالَ: (قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ - رضي الله عنه -: أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ الْيَوْمَ وَيَكْدَحُونَ فِيهِ (٢)؟ , أَشَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ؟ , وَمَضَى عَلَيْهِمْ مِنْ قَدَرِ قَدْ سَبَقَ؟ , أَوْ فِيمَا يُسْتَقْبَلُونَ بِهِ , مِمَّا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ , وَثَبَتَتْ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ؟ , فَقُلْتُ: بَلْ شَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ , وَمَضَى عَلَيْهِمْ , فَقَالَ: أَفَلَا يَكُونُ ظُلْمًا؟ , قَالَ: فَفَزِعْتُ مِنْ ذَلِكَ فَزَعًا شَدِيدًا , وَقُلْتُ: كُلُّ شَيْءٍ خَلْقُ اللهِ وَمِلْكُ يَدِهِ , فلَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ , وَهُمْ يُسْأَلُونَ , فَقَالَ لِي: يَرْحَمُكَ اللهُ , إِنِّي لَمْ أُرِدْ بِمَا سَأَلْتُكَ إِلَّا لِأَحْزِرَ عَقْلَكَ (٣) إِنَّ رَجُلًا مِنْ مُزَيْنَةَ أَتَى رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ , أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ الْيَوْمَ وَيَكْدَحُونَ فِيهِ؟ , أَشَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ؟ , وَمَضَى فِيهِمْ مِنْ قَدَرٍ قَدْ سَبَقَ؟ , أَوْ فِيمَا يُسْتَقْبَلُونَ بِهِ مِمَّا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ , وَثَبَتَتْ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ؟ , فَقَالَ: " لَا , بَلْ شَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى فِيهِمْ ") (٤) (قَالَ: فَلِمَ يَعْمَلُونَ إِذًا يَا رَسُولَ اللهِ؟ , قَالَ: " مَنْ خَلَقَهُ اللهُ - عز وجل - لِوَاحِدَةٍ مِنْ الْمَنْزِلَتَيْنِ [وَفَّقَهُ] (٥) لِعَمَلِهَا , وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا , فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٦)} ") (٧)


(١) هُوَ أَبُو الْأَسْوَدِ الدِّيلِيُّ , وَيُقَالُ الدُّؤَلِيُّ , الْبَصْرِيُّ، اِسْمُهُ ظَالِمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سُفْيَانَ، وَيُقَالُ عَمْرُو بْنُ ظَالِمٍ، ثِقَةٌ فَاضِلٌ مُخَضْرَمٌ , وَلِيَ قَضَاء الْبَصْرَة لِعَلِيِّ بْن أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ الله وَجْهه , وَهُوَ الَّذِي ابْتَكَرَ النَّحْو. النووي (ج ١ / ص ١٥٥)
(٢) أَيْ: مَا يَسْعَوْنَ، وَالْكَدْحُ هُوَ السَّعْيُ فِي الْعَمَلِ , سَوَاءً كَانَ لِلْآخِرَةِ أَمْ لِلدُّنْيَا. شرح النووي (ج ٨ / ص ٤٩٨)
(٣) أَيْ: لِأَمْتَحِنَ عَقْلَكَ وَفَهْمَكَ وَمَعْرِفَتَكَ.
(٤) (م) ٢٦٥٠
(٥) (طب) (ج ١٨ / ص ٢٢٣ح ٥٥٧)
(٦) أَوْرَدَ عِمْرَانُ عَلَى أَبِي الْأَسْوَدِ شُبْهَةَ الْقَدَرِيَّةِ مِنْ تَحَكُّمِهِمْ عَلَى اللهِ , وَدُخُولِهِمْ بِآرَائِهِمْ فِي حُكْمِهِ، فَلَمَّا أَجَابَهُ بِمَا دَلَّ عَلَى ثَبَاتِهِ فِي الدِّينِ , قَوَّاهُ بِذِكْرِ الْآيَة , وَهِيَ حَدٌّ لِأَهْلِ السُّنَّة.
وَقَوْلُهُ (كُلٌّ خَلْقُ اللهِ وَمُلْكُهُ) يُشِير إِلَى أَنَّ الْمَالِكَ الْأَعْلَى الْخَالِقُ الْآمِرُ لَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ إِذَا تَصَرَّفَ فِي مُلْكِهِ بِمَا يَشَاءُ، وَإِنَّمَا يُعْتَرَضُ عَلَى الْمَخْلُوقِ الْمَأمُورِ. فتح الباري - (ج ١٨ / ص ٤٤٠)
(٧) (حم) ١٩٩٥٠ , انظر صَحِيح الْجَامِع: ٦٢٣٠ , الصَّحِيحَة: ٢٣٣٦