للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَال الْبُخَارِيُّ ج١ص٦٨: وَقَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ: «كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ يَخْرُجَ الحُيَّضُ فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ وَيَدْعُونَ»

الشَّرْح:

وَأَمَّا حَدِيثُ أُمِّ عَطِيَّةَ فَوَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الْعِيدَيْنِ وَقَوْلُهُ فِيهِ وَيَدْعُونَ كَذَا لِأَكْثَرِ الرُّوَاةِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ يَدْعِينَ بِيَاءٍ تَحْتَانِيَّةٍ بَدَلَ الْوَاوِ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ التِّلَاوَةِ وَغَيْرِهَا ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ فِي قِصَّةِ هِرَقْلَ وَهُوَ مَوْصُولٌ عِنْدَهُ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ وَغَيْرِهِ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى الرُّومِ وَهُمْ كُفَّارٌ وَالْكَافِرُ جُنُبٌ كَأَنَّهُ يَقُولُ إِذَا جَازَ مَسُّ الْكِتَابِ لِلْجُنُبِ مَعَ كَوْنِهِ مُشْتَمِلًا عَلَى آيَتَيْنِ فَكَذَلِكَ يجوز لَهُ قِرَاءَته كَذَا قَالَه بن رَشِيدٍ وَتَوْجِيهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ إِنَّمَا هِيَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ إِنَّمَا كَتَبَ إِلَيْهِمْ لِيَقْرَءُوهُ فَاسْتَلْزَمَ جَوَاز الْقِرَاءَة بِالنَّصِّ لَا بالاستنباط وَقد أُجِيب مِمَّن مَنَعَ ذَلِكَ وَهُمُ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ الْكِتَابَ اشْتَمَلَ عَلَى أَشْيَاءَ غَيْرِ الْآيَتَيْنِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ ذَكَرَ بَعْضَ الْقُرْآنِ فِي كِتَابٍ فِي الْفِقْهِ أَوْ فِي التَّفْسِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ قِرَاءَتَهُ وَلَا مَسَّهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ مِنْهُ التِّلَاوَةُ وَنَصَّ أَحْمَدُ أَنَّهُ يَجُوزُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمُكَاتَبَةِ لِمَصْلَحَةِ التَّبْلِيغِ وَقَالَ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّ الْجَوَازَ بِالْقَلِيلِ كَالْآيَةِ وَالْآيَتَيْنِ قَالَ الثَّوْرِيُّ لَا بَأسَ أَنْ يُعَلِّمَ الرَّجُلُ النَّصْرَانِيَّ الْحَرْفَ مِنَ الْقُرْآنِ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ وَأَكْرَهُ أَنْ يُعَلِّمَهُ الْآيَةَ هُوَ كَالْجُنُبِ وَعَنْ أَحْمَدَ أَكْرَهُ أَنْ يَضَعَ الْقُرْآنَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ وَعَنْهُ إِنْ رَجَى مِنْهُ الْهِدَايَةَ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ بَعْضُ مَنْ مَنَعَ لَا دَلَالَةَ فِي الْقِصَّةِ عَلَى جَوَازِ تِلَاوَةِ الْجُنُبِ الْقُرْآنَ لِأَنَّ الْجُنُبَ إِنَّمَا مُنِعَ التِّلَاوَةَ إِذَا قَصَدَهَا وَعَرَفَ أَنَّ الَّذِي يقرأه قُرْآنٌ أَمَّا لَوْ قَرَأَ فِي وَرَقَةٍ مَا لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنَ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ وَكَذَلِكَ الْكَافِرُ. فتح (١/ ٤٠٨)